الحقيقة أن قمة الغباء والجهل وكذلك الجهل السياسي في من يعتقد انها ستنطلي على الشعب مسألة تغيير الأسماء واستبدالها باسماء رنانة ولطيفة وبديعة وجميلة وأنها ستعبر عن سلوك حاملها وستمحو من ذاكرة الناس سلوك صاحبها الحقيقي المعروف على المدى الطويل ، وإلا كان قد ذهب الحمار الموصوف اسمه بالغباء والخوف الى تغيير اسمه من حمار الى مقدام وشجاع مثلا . وجاءنا الثعلب المكار وقال لنا إنه الأمين أو إن اسمه أصبح اللطيف أو الصادق. وقفز الى الواجهه الذئب وقال نادوني باسم الوفي حيث نعرف نحن البشر ان الكلب هو الحيوان الوفي وليس الذئب. وفي هذه الحال ستختلط علينا موازين الأمور في التسميات والسلوك وسيصبح اسم الحيوان المفترس ناعماً وودوداً وسينسى البعض ذلك ويذهب الى تربيتها الى أن تحين لديها الفرصة وتفترس صاحبها ومن في بيته ، لأن الطبيعة التي خلقت عليها والسلوك الذي في داخلها هي التي ستتحكم في سلوكها وتصرفاتها . وليس اسمها الذي حملته قديماً أو جديداً وكذلك اسماء الحيوانات الأليفة لا نستطيع استبدالها الى اسماء حيوانات شجاعة مفترسة. وإن انطلت علينا هذه الحبكة من التغييرات التي ينادي بها بعض من يدعون السياسة، فعلى كل المؤرخين والباحثين الأحياء والأموات أن يغيروا الكثير من صور الأحداث والتاريخ والنتائج التي توصلوا اليها بل وكتب التاريخ والسياسة والأدب والتراث والماضي وأحداثه جميعها. كل ذلك يفترض أن يحصل بسبب أن الحمار غيّر اسمه الى اسم أفضل، والذئب والثعلب الى اسم يمحو عنهما كل صفة عرفناهما في الماضي. على نفس المنوال هناك أحداث في بقاع الأرض الواسعة وكذلك أناس في التاريخ الإنساني القديم. عرفوا لدى البشرية جمعاء أنهم قتلة وسفاحون ومدمرون للبشرية وللتاريخ وتراثه. وأظن أن نهري دجلة والفرات شاهدان على أكبر جريمة في حق العلم والعلماء عندما غيّر التتار لون النهرين إلى الأسود جراء رميه لكتب التاريخ العربي والعالمي والانساني العظيم في مياهه فهل سيأتي أحد أحفاد من فعلوا تلك الجريمة الكبرى غدا ليوهمنا انه كان يقصد فقط تخليص بغداد من حشرة الأرضة الآكلة للكتب والمجلدات؟ ولك أن تتصور أخي القارىء مئات السنين بل آلافاً من السنين ونحن ندرس التاريخ في بلادنا اليمن سواء في الكتاتيب أو في المدارس الحديثة وظهر من الأجيال علماء وبحوث وباحثون ورموز دينية وأدبية وسياسيين وكتب موجودة على أرفف المكتبات العريقة في صنعاء وتريم وزبيد وكتب في المكتبات العالمية في القاهرة وبغداد والقيروان . ولك أن تتصور تراث وتاريخ ومعلمين وكذلك سياسيين وأجيال مضت وأجيال تعيش بيننا وأفراد (يحاربون الوطن لغرض في نفس يعقوب) وإذا بهم يريدون تغيير مسمى اليمن الى اسم مسخ ليس له أي معنى سوى تصغيرنا وتحقيرنا أمام البشرية الواعية. كل ذلك بعد أن كانوا هم أشد الحريصين على نشره بين أفراد جيل الشباب إبان حكمهم في الفترة الماضية. فهل الى هذه الدرجه تغيير المسميات مجدٍ أم تغيير الأقنعة هو الهدف !. ناس وُصفوا لدينا بالمجرمين والقتلة وتاريخهم جله سحل وقتل ومصادرة أملاك الناس وحريتهم ويكفي شخصا واحدا يشكوهم ليضعهم خلف القضبان فمابالك بشعب كامل يريد أن يحاكمهم . والأدلة على كل ذلك تكاد تكون في كل بيت في اليمن . هؤلاء الناس قذفهم التاريخ والشعب فيريدون أن يعودوا للواجهة ويريدون أن يعودوا لممارسة هوايتهم وسلوكهم الطبيعي في الاستبداد والقتل والسحل ومصادرة أملاك الناس وحريتهم فكيف السبيل ؟ لم تجد تلك العصابة ممن حكموا أرضنا وشعبنا فيما كانوا يسمونه بالشطر الجنوبي من اليمن مخرجاً من مأزق التاريخ المدون عنهم في كل مكان وفي ذاكرة الشعب سوى تغيير المسميات لعل وعسى تنطلي على الشعب ألاعيبهم. وذهب قادتهم في القتل الى تبديل اسم بلادنا وأرضنا وتاريخنا الذي عرفناه وعرفه العالم كله منذ مئات وآلاف السنين والغاء التاريخ ومحاولة تسويق اسم صنعه سيدهم ورفضوه هم في الماضي حتى لايتذكر الجيل بعض جرائمهم . ناسين أن التواهي مثلا لايمكن لأهلها أن ينسوا الصواريخ المدمرة التي كانت تطلق على منازلهم والمسؤول عن تلك الجريمة هو الحسني . ولا يمكن لأهل عدن قاطبة أن ينسوا ضحايا مجزرة 86 والتي كان البيض أحد المشاركين فيها. فهل تبديل الأسماء سوف يستبدل تاريخهم وسلوكهم وطبعهم !؟ إن من يعتقد ذلك فهو غبي وجاهل حيث لايمكن أن نقول للحمار إلا حماراً ونصفه بأوصافه الحقيقية وإن نجح في تغيير اسمه . ولا يمكن أن نصف الثعلب إلا بالمكر والخداع والذئب باللؤم وإن حاولا تغيير اسميهما فالمثل عندنا في حضرموت معبر حيث نقول ( الطبع يغلب التطبع) ونقول كذلك (طبيعة في البدن مايشلها الا الماء والكفن). [email protected]