الوصول الى الانسان غاية الانسان والغايات النبيله قد لاتجد سوى وسيله نبيله وعلى العكس الغاية الدنيئة لها وسائل دنيئة. قد لا يصل الانسان الى مبتغاة المنشود عندما يعجز عن الالمام والاتيان بوسيلة قوية توصله الى انسانيته وتعرفه باحقيته في الوجود وتشبعه فكريا وعاطفيا وحركيا فيلجأ بلاشك الى الانتحار، ليس لانه عجز فحسب، بل لان ثمة حواجز أحالت بينه وبين البحث وبينه وبين تكرار المحاولة فتكون النتيجة كارثه بكل المقايس. بالامس القريب شيع اليمانيون على العادة عشرات السنيين من عمر الاجيال القادمه فلا غرو ان قلت باننا قد استدنا اعمار الاجيال القادمة لنعيش بها اليوم، فاذا وُلدت لن تجد لها سنيين لتعيش بها .... فبعد الحادث الماساوي الذي اصاب اليمن عندما اقبل الصلوي بتفجير نفسه، وفي الحقيقه وبالرغم من كونه لم يصب احد سوى هلاكه الا انه نجح في ايصال ثلاث رسائل واضحة: الاولى بان فكر التطرف لم يعد حكرا على اعمار او فئات من البشر، اي بمعنى هناك توريث مبكر للتطرف، وهناك اقبال مفزع لحمل هذا الارث. والثانية رسالة للدول الداعمة لليمن بانه وبالرغم مما تقدمونه لليمن من مساعدات تسعى من خلالها لتجفيف منابع الارهاب الاان ضربات الارهاب تنال العاصمة السياسية لدوله وهذا يعني انهيار الثقه اي ثقة الدول الداعمه لليمن واضمحلال للاستقرار والامن الداخلي.. والثالثه اعلامية التطرف فكل حالة انتحار تعني الرواج للتطرف.. وللاسف سيؤخذ هذا الامر على العادة بل قد اُخذ عندما اصدر الكُتاب والنخب فتاوى بان الصلوي في النار فالصلوي قد اُعطي مفاتيح الجنه قبل الانتحار وهناك من يسلمه لمالك خازن النار بعد الانتحار وتنتهي المسالة عند هذا الحد دون النقاش وعقد دورات وموتمرات يصيغ فحواها رجال الاجتماع والساسة وجهابذة الفكر والقانون بغض النظر عن الانتمائات السياسية لاننا في امس الحاجة الى محاكاة الافكار والرؤى وليس للمماحكات السياسية وسؤء الظن بالاخرين فهذه الكارثة التي تشل التنمية والرقي وتعصف بكل البوادر التي بدات تلوح في الافق. من الموسف ان اقول بان بعض الدول تركيبتها الاجتماعية تساعد على نمو التطرف واحتراف الارهاب بحكم الجفاف الفكري والعاطفي الذي ينشا من ثقافة المجتمع وبناه الاجتماعية وليس المجتمع هو مصدر الارهاب والعنف، وعلينا ان نفرق بين البيئة الاجتماعية بسلوكيات وعادات وتقاليد خصبه لنمو افكار التطرف وبين المجتمع الانساني، فهناك فرق شاسع. في اليمن على سبيل المثال لا الحصر تريد حاليا ان تقدم مشروع اجتماعي جبار في تحديد سن الزواج والذي سوف يُدخل صناع هذا المشروع التاريخ بلا شك ومثل هذا المشروع لا يعد فقط ترتيب العلاقه الزوجية بقدر ما توصل اليه المشرع اليمني من حصافة ورؤية وانسانية تشكل النمط الاجتماعي لدوله. وايضا كشف او الدعوى لكشف وجه المراة في الاماكن العامة لانه كمجتمع يصعب الانخراط في عمل تنموي يقوم به شخص ملثم، ومن ثم ما الداعي لأن تغطي المراة وجهها..!! واِدخال الموسيقى الى المناهج الدراسية تُعد خطوة جبارة في اعادة وتنشئه المجتمع على الحب والفن والولع بالمستقبل مع تبني مناهج دراسية علمية ترهق العقل فينمو الفكر. ومن ثم نجد هناك من يعارض لمثل هذه المشاريع الجبارة والسبب يعود ان النمط الاجتماعي عليه ان يبقى على غرار القرون الماضية دون الرغبة في التحديث او التغير وهذا يعني تجفيف منابع الفكر لا التطرف.. ولان الفكر مجموعة من التسلسل والانبثاق المتكرر من الواقعية والخيال والحيادية للانسان دون سواه نظل نعاني بلاشك من سلطوية الراي خاصة عندما يُقدم هذا الراي على اطباق الفتاوى.. وهذه المعاناة تنسف مستقبل الاجيال القادمة. وفي ظل هذا البون الشاسع واتساع هوة الصراعات الفكرية ينشأ الارهاب والتطرف.. اي ما أريد قوله ان التركيبة الاجتماعية تساعد بطريقة او اخرى على تكرار المسلسل الارهابي خاصة عندما تُحقن افكار المتطرفين بالجنة ونعيمها وديمومة الخلود في العالم الاخر. والخلاصه تكمن ان محاربة التطرف ينبغي ان توجهه فكريا اكثر من كونها ميدانيا في تبني مشاريع ثقافية علمية وترفيهية تجعل من الشباب يقضي جل وقته في البحث والعلم وفي المتعة المطلقة التي ستعود بلاشك نفعا وايجابا لشباب الذي اصبح يتهاوى بين افكار التطرف والرغبة لاشباع الذات نفسيا وعلميا وعمليا، فاي طريق يجده شبابنا اولا لا محالة سيكون المسلك، وهذا يُنبئ عن ماهية التطلعات السياسية للدولة وسلوكية اقدامها في اعادة بلورة وصياغة حبكة المستقبل من لحظة الحاضر..