اقامت منظمة (اليمن اولا) فرع تعز بالتنسيق مع جامعة تعز ومؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر اليوم الاربعاء ندوة سياسية وفكرية هامة تحت شعار (بالتفاؤل نصنع المستقبل) وذلك بمشاركة عدد من الاكاديميين والمثقفين والسياسيين وممثلي منظمات المجتمع المدني. وفي مستهل الندوة التي ادارها الدكتور محمد عبد الله الصوفي- رئيس جامعة تعز- اكد رئيس اللجنة التحضيرية لفرع المنظمة بالمحافظة المهندس عبد القادر حاتم: ان الظروف الراهنة التي يمر بها الوطن تستدعي تكاتف الجهود وحشد الطاقات وتخندق القوى الحية في صف واحد لمواصلة مسيرة البناء والتنمية. وقال: ان الخطاب التاريخي الذي القاه فخامته بمناسبة احتفالات اليمن بالعيد الوطني العشرين لاعادة توحيد الوطن وقيام الجمهورية اليمنية مثل باعثا للامل في النفوس ومحطة انطلاق نحو المستقبل الافضل لمواجهة دعوات التشرذم والفتنة التي تستدعيها بعض القوى في الساحة والتي حولت العهد الزاهر الذي تعيشه اليمن الى طقوس ماتم واحزان لنشر ثقافة الكراهية والاحباط والتشاؤم في اوساط المجتمع. وعبر عن اسفه من بروز ظاهرة غريبة لدي بعض الافراد في المجتمع وبالذات (الشباب) والمتمثلة باليأس الذي يقتل المواهب والابداعات ويكبح جماح الامل والتطلعات, لافتا الى ان الشحن المتواصل ادى الى بروز مظاهر اجتماعية خطيرة كالاحباط والعنف والتطرف.
واوضح رئيس اللجنة التحضيرية لمنظمة اليمن اولا: ان ندوة (بالتفاؤل نصنع المستقبل) تكتسب اهمية خاصة كونها تنعقد في ظل دعوات قوية من قادة الفكر والراي ومختلف النخب والاطراف الفاعلة في الساحة لمواجهة الخطاب العبثي الذي تتبناه بعض المنابر الحزبية والاعلامية والذي يكرس دون وعي- ثقافة الياس والاحباط في اوساط المجتمع, مشيرا الى ان من اهداف المنظمة تعميق قيم الولاء الوطني وترسيخ دعائم الوحدة الوطنية وغرس الاعتزاز والفخر والانتماء باليمن ارضا وانسانا, وكذا العمل على نشر ثقافة المحبة والتاخي والتلاحم والتسامح ونبذ ثقافة الكراهية والبغضاء والتطرف والغلو والتعصب بكافة اشكاله، علاوة على الاهتمام بتنشئة الاجيال عبر غرس المفاهيم الوطنية في اذهانهم من خلال المناهج ومختلف الوسائل التعليمية والترفيهية والتثقيفية.
هذا وقد شهدت الندوة تقديم عدد من اوراق العمل من قبل اكاديميين ومثقفين تناولت خمسة محاور, الدكتور عبد الرحمن صبري- اشار في ورقته المعنونة ب(قراءة في مضامين خطاب رئيس الجمهورية الاخ علي عبد الله صالح بمناسبة العيد الوطني العشرين للجمهورية اليمنية) الى ان الجميع مستعد للخوض في محاولة جادة لابراز عامل التفاؤل والتقليل قدر الامكان من تاثير خاصية التشاؤم فاليمن وطن الجميع. وقال: ان اليمن الذي شهد حالة من القلق الاجتماعي سواء في الشمال بصيغة التمرد الحوثي او في الجنوب بصيغة مايسمى بالحراك او في اليمن ككل في صيغة الارهاب ونتائجة السيئة على السلم الاجتماعي والازمة المالية الحادة كلها مؤشرات تدلل على ان اليمن امام واقع اجتماعي وسياسي صعب. ولفت صبري الى ان وسائل الاعلام المختلفة المقروءة منها والمسموعة تاخذنا الى اتجاهات يستعصي على المرء فهمها، فهناك من ينظر لها بتضخيم دون مراعاة الاثر السلبي على مستقبل الوطن, وهناك من ينظر اليها بمسئولية وعمق مدركا لمخاطرها ومبادرا لتلمس الطريق وتحديد بدايته لتجاوز تلك المخاطر.
في حين تناولت الدكتورة انيسة دوكم- (ثقافة التفاؤل وثقافة الاحباط) من وجهة نظر نفسية، حيث ركزت على التفكير الايجابي كطريق الى التفاؤل بمستقبل افضل , معرفة التفاؤل بالافعال والسلوكيات التي تجعل افراد المجتمع يتغلبون على الصعوبات والمحن التي قد تواجههم في معيشتهم , مؤكدة على ضرورة ان يتوقع الفرد الافضل وان يتجنب كل بواعث الاحباط والتشاؤم وان ينتظر حدوث الخير ويرنو الى النجاح دائما. وقالت: ان من المفاهيم ذات الصلة الايجابية بالتفاؤل هي الدافعية والانجاز والتغيير والسعادة والصحة النفسية والتفكير الايجابي, في حين المفاهيم ذات الصلة السلبية بالتفاؤل فهي التقاعس والفشل واعاقة الاداء وقصور الانجاز والقلق والاكتئاب والياس والاغتراب.
اما الدكتور محمد الشعيبي- فقد تناول في ورقته التي حملت عنوان (الواقع السياسي الراهن)- التاكيد على ان الحوار من حيث المبدا هو وسيلة لمعالجة اي خلافات ولا يمثل اكتشافا جديدا ولا اضافة للعلم والمعرفة فهو فطرة انسانية وفعل ميسور مقدور عليه اذا قبل كل طرف من الاطراف المعنية بان يكون مجموعة من الكل, مشيرا الى ان الخلاف داخل الكل امر طبيعي, مشددا على ان الحوار الوطني هو الذي يتخذ من الوطن اطارا مرجعيا ثابتا من جهة ومن جهة اخرى هو الحوار الذي يتسع باتساع الوطن فهو حوار الجميع مع الجميع لاكتشاف الجميع.
فيما اكد الدكتور حسن حيدر- في ورقته التي حملت عنوان (التفاؤل رؤية تفضيلية) على اهمية التفاؤل في حياة الانسان, مشيرا الى ان ما بين الياس والامل شعرة وان الجميع مطالب بالنظر الى نصف الكوب المليان وليس الى نصفه الفارغ حتى تبدوا الحياة مشرقة وجميلة, والعقلاء المتقائلون ينظرون الى النصف المليان من الكوب , وقال ان التفاؤل يقصد به التطلع الى المستقبل الواعد المشرق وليس معناه تحقيق الاحلام.
وتناولت ورقة الاستاذ حسن الشيباني الاخير المعنونة (يدا بيد نحو المستقبل الافضل) سردا تارخيا الى الضباط اليمنيين الاحرار في كلا من شمال الوطن وجنوبه وكيف شكلوا جبهة واحدة لمواجهة المستعمر والحكم البائد, مشيرا الى ان واحدية الثورة والبلد الواحد عبر مئات السنين, وطالب بمواجهة التحديات التي يواجهها الوطن بالوقوف صفا واحدا ضد اعدائه, وان ينظر ابناؤه الى المستقبل بنظرة تفاؤل مشرقة وتعيد مجده وحضارته التليده.
الندوة اثريت بالعديد من المداخلات والنقاشات الجادة والهادفة التي ركزت على اهمية التفاؤل في الحياة كوسيلة لموجهة التغلب على ثقافة التشاؤم التي تؤدي الى الاحباط والياس وتخلق في النفوس الهزيمة والاتكال والقنوط.