تذكرت ذات مرة أن قام بعض المنظرين اليمنيين بالتعقيب على الثورة البلشفية، والتعقيب على "لينين" شخصياً، أي انه كان يود الاضافة والتعقيب على ما قاله "الرفيق لينين".. والفارق شاسع بين "لينين" وصاحب التعقيب الشهير الذي لا يملك طريق لتمر عليه الراحلات بينما "لينين" دكتوراه جامعية، فيما بالكاد يجيد صاحبنا القراءة والكتابة..! إنما لا بأس في زمن الرفاق كل شي متاح للجنون والفنون، وكله كلام، وكله ببلاش.. كدنا نحتل الجزيرة العربية بكاملها ونحن لا نملك قيمة كيلو طماطم، وذنوبه صيني.. وهذه هي نظريات الفسوق والخيال والتكذيب على الشعوب؛ ولسنا وحدنا من دفع ضريبة هذا النوع من الشطحات بل دول وشعوب أخرى كثيرة.. لكن الفرق أنهم فاقوا بينما لازال البعض منا يهيم على وجهه في بقاع الأرض لعله يعيد الذي مات وشبع موت رغم أنه تسبب في إيصالنا إلى ما نحن فيه من فقر وإملاق وسوء طالع، إلا إن هوس النظريات وتقليبها وتعديلها لم يمت لديه ويظل مبدع بلا حدود..! يوم العيد- 26 من سبتمبر- أذهلني كاتب يمني من مروجي الانفصال وعباقرة السياسة الجدد الذي لم يترك للخيال مكان، فلم يجد بهذه المناسبة إلاّ طرح موضوع "محاكمة الثورة السبتمبرية"، ونفي أنها ثورة من الأساس.. الكاتب يدعى "الأحمدي" وأورد مقاله في اكبر موقع يديره إخواننا الإصلاحيين.. كاتب من ذات الطينة، الفارق بينه وبين سلفه السابق صاحب نظرية "لينين" لحية طويلة وثوب قصير قد يكون قريب لصاحب نظرية لينين اليمنية الشهيرة ويشاركه نفس العقلية، فلم تعجبه أهداف الثورة اليمنية، ولم يعجبه الثوار، متهما اياهم بالتقصير، بل ويدعو لمحاكمتهم كشرط لحل مشاكل اليمن..! الشيء المؤسف جدا أن يقوم إخواننا في التيار الإسلامي بوضعها "موضع اللمس في اليد"، وكل هذا بسبب حلول عيد سبتمبر، عوضاً عن وضع تهنئة بمناسبة هذا اليوم.. فهل مشكلتنا في اليمن سبتمبر وثورتها أم هم تجار المليارات وقابضي الملايين من الخارج، وتجار الحروب وأصحاب ألف نظرية ونظرية، وناهبي أموال الشعب وأرباب الفساد والمتنفذين، فنحن لا نعيش في دولة يحكمها الخيال بل نعرفهم معرفة العين المجردة وليس للثورة أي دخل في تصرفاتهم.. لن أثير حنقي، بل اتساءل: متى كانت الثورات تقدم للمحاكمة..!؟ قد نقول أنها لم تحقق أهدافها وتعرضت إلى إرهاصات، إما أن تحاكم ثورة بكاملها خرجت على وضع اسود وشديد السواد كما كحل العين، وتحاكم أناس قدموا أرواحهم ودفنوا تحت الأنقاض لأنهم لم يضيفوا بند أو بندين أنت تحتاجهم اليوم لتقسم اليمن إلى كونتونات على مزاجك، هذا هو الجنون بعينه!!! فالثورات لا تحاكم حتى لواجهضت في مهدها تظل ثورة.. كما اتساءل: أين كان كل هؤلاء- مشترك ومعارضة، بل ومؤتمر شعبي عام؟ أليس الصحيح إن لولا الثورة لما وجدوا..؟ فهل كان الإمام سيتيح لإخواننا الإصلاحيين الحياة، وتطويل اللحى؟ اعتقد بأنه كان سيدفنهم أحياء.. هل كل هذا الضجيج لأننا فقدنا جزء بسيط من مصالحنا..!؟ فعلا أتساءل: هل ما يحصل في اليمن مجرد خلاف سياسي على برامج وتطوير قدرات بلد، ونزاهة انتخابية واحترام مواطنة، أم إن الصراع له كواليس أخرى!؟ فهل يعقل في اليمن وبعد هذا الدهر والصراع المرير من لازال يحلم بأنه سيعود بنا إلى ما قبل سبتمبر وأكتوبر ليضع ويضيف نظريات جديدة؟ بالتأكيد هناك شيء من الهوس، ومس من جنون تخديري من بقايا القات، وربما بقايا الاشتراكية التي ماتت في مهد مؤسسها الأول- الرفيق لينين..!!