مايجري اليوم على الساحة اليمنية ماهو إلا تقليد لما جرى في تونس ومصر مع أن اليمن تختلف عن تونس ومصر ,حيث أن المطالبين بإسقاط النظام في هذه البلدان كانوا أغلبية بينما المطالبون بذلك في اليمن أقلية والدليل على ذلك أن الأغلبية العظمى من الشعب تخرج لمناصرة الشرعية الدستورية ممثلة بالأخ رئيس الجمهورية مع أن الوضع في مصر وتونس بعد سقوط الأنظمة مازال يعيش في فوضى وفراغ دستوري وإداري إلى اليوم. فمطالب المعارضة بإسقاط النظام غير منطقية وغير شرعية لأن الرئيس منتخب من الشعب ومازال الشعب مؤيداً للشرعية الدستورية. وإذا كان هناك فساد فكل مشكلة ولها حل فلو أن المعتصمين طالبوا بإصلاح الأوضاع وإزالة الفساد وتخفيض الأسعار لكان الشعب كله معهم لكن مطالبهم فوق مستوى الخيال وقد قدم الأخ الرئيس عدة مبادرات لحل الأزمة التي بدورها لبت جميع مطالب المعارضة ومطالب الشباب لكن تعنت أحزاب المعارضة وقفت حجر عثرة أمام هذه المبادرات واحتكمت إلى شحن الشارع بشعارات هدامة ومغرضة لاتخدم الانسجام الوطني وقامت بصب الزيت على النار وتلقين الشباب لغة الحقد والكراهية وتزييف الحقائق والانتقال من مرحلة التغيير بالكلمة والشعارات والهتافات إلى مرحلة المواجهة والاحتكاك المباشر برجال الأمن العاكفين على حراسة المرافق والمؤسسات الحكومية وتخريب الممتلكات العامة والخاصة والعمل على فبركة الحقائق وتزييفها عبر قناة الكذب والدجل (سهيل) تدعمها قناة الفتنة والتضليل (قناة الجزيرة) التي تمارس تأجيج نار الفتنة والسعي وراء تقويض أمن واستقرار شعوب المنطقة العربية خدمة لأجندة خارجية منها أمريكا وإسرائيل كي تنشغل الحكومات العربية بالمشاكل الداخلية حتى يُتاح لإسرائيل تحقيق أهدافها فيما يسمى الشرق الأوسط الجديد كما أن إيران تساهم أيضاً في تغذية الفتن في الوطن العربي مادياً ومعنوياً ومنها اليمن خاصة وهناك مخطط إيراني لجعل اليمن بوابة لزعزعة الأمن والاستقرار في دول الجوار على يد مجموعة من المتحالفين مع أحزاب اللقاء المشترك. كما قامت أحزاب اللقاء المشترك بافتعال أزمات مثل قطع الطرق أمام قاطرات الغاز والنفط وغيرها أضرت بالشعب اليمني ومن العجيب في ذلك ما نراه من أحزاب اللقاء المشترك من الاستغلال لمادة الغاز ,حيث يقومون ببيعه في أمانة العاصمة وغيرها بأسعار خيالية لايستطيع المواطن ذو الدخل المحود شراءها وهذه أعمال غير إنسانية ,حيث يحتجزون القاطرات في الطرق من جانب ويستغلون بيعه بأضعاف سعره من جانب آخر. كما قامت بتعطيل المؤسسات التعليمية وذلك بالإضراب عن التدريس بهدف زعزعة الوضع بالإضافة إلى قتل الجنود وقطع الألسن.. إن المطالبين بتغيير النظام في ساحات التغيير يتشكلون من عدة أحزاب منها الحوثيون والإصلاح والناصريون والاشتراكي والقاعدة والحراك وغيرهم وكل أيديولوجية من هذه الأحزاب تختلف عن الأخرى وهذا يؤكد بما لايدع مجالاً للشك أن من اجتمعوا اليوم لإسقاط النظام ستفرقهم السلطة عند الوصول إليها ,حيث ستظهر التباينات والاختلافات فيما بينهم طبقاً لحالة اللا توافقية في الرؤى مما سيمهد للحراك الانفصال وهو مطلبهم الأساس وحلمهم الواعد وإن ماتردده أحزاب اللقاء المشترك من أن المطالبة بتغيير النظام قد اسقطت مطالب الانفصال هو كلام غير صحيح ,حيث أن علم وشعارات الانفصال لاتزال تُرفع في المناطق الجنوبية أثناء المسيرات والتظاهرات وأن قادة الانفصال يعلنون وبكل صراحة أن الحراك في الداخل والخارج لم يعد يؤمن بالوحدة لا من قبل المطالبة بالتغيير ولا من بعدها وأنهم يريدون دولة مدنية تسمى الجنوب العربي وهذا ينفي مايردده المشترك في هذا السياق حول وجود تنسيق يضمن بقاء الوحدة. أما فئة الشباب المعتصمين في ساحة الجامعة وغيرها من الساحات فالبعض منهم شباب تابعون لأحزاب اللقاء المشترك والبعض منهم شباب مستقل لكن هذا الشباب المستقل لايعرف ماذا يريد وليس له خطط أو برامج أو أهداف يسير عليها وليس له قيادة بل هم شباب مغلوبون على أمرهم ومقلدون لأحزاب اللقاء المشترك في المطالبة بإسقاط النظام ,لايعرفون ماهو المصير بعد اسقاط النظام وما ستؤول إليه الأوضاع بل يسيرون وفق املاءات من أحزاب اللقاء المشترك الذين يضعونهم كدروع بشرية أثناء المسيرات والتظاهرات بينما قادة أحزاب اللقاء المشترك قابعون في منازلهم يراقبون ماسيحدث عن بعد ولو كانوا شباباً مستقلين لهم برامج وخطط مستقبلية لانفصلوا عن أحزاب اللقاء المشترك المعروفين لدى الشعب اليمني بنزعتهم الشريرة وأهدافهم السلطوية ولو كانت على حساب الوطن والوحدة فهل من المعقول تسليم السلطة للمجهول ولأشخاص لايعرفون مستقبلهم؟! ومن هذا المنطلق نقول لأصحاب اللقاء المشترك: أن مايقومون به من اعتصامات ليس سوى انقلاب على الديمقراطية والشرعية الدستورية وانقلاب على صناديق الانتخابات والتفاف الأقلية على الأغلبية وأن التكسير والتخريب للمنشآت العامة والخاصة وقطع الطرقات وتفجير انابيب النفط والغاز وممارسة الفوضى والعنف لن يحل الأزمة بل سيؤدي بالوطن إلى مالايحمد عقباه. فعلى الأحزاب أن تعلم أنها ترتكب خطأً فادحاً وجسيماً بحق الديمقراطية والتعددية السياسية وهي تكرس لشرعية الشارع بدلاً من شرعية الديمقراطية وصناديق الاقتراع. فهل تستوعب أحزاب اللقاء المشترك أن مايحدث في العراق والصومال وليبيا هو نتيجة للأزمات السياسية التي وجدت من يغذيها بهدف إضعاف وحدتها وتفتيت كيانها؟ لذا عليهم أن يدركوا أن أزمة الوطن لن تُحل بغير الحوار وعبر المؤسسات الدستورية والتشريعية وأن صناديق الاقتراع هي صاحبة الكلمة الفصل والموقف الحاسم.