(1) راقصة مشهورة رقصت.. ورقصت.. ورقصت، والجمهور من حولها يصفق بحرارة.. أمضت الساعات وهي ترقص، حتى تعبت، وكلّت أكف الجمهور من التصفيق.. توقفت لتبحث الأمر، فوجدت نفسها وحيدة في متحف كبير تغرس عينيها في لوحة فنان قدير لراقصة قديمة ذاع صيتها في كل الأرجاء. (2) ثورة شعب بعد نضال مرير، وتضحيات انتصرت الثورة، وفرَّ الطاغية إلى قدره المجهول.. فاجتمع الشعب في ميدان العاصمة؛ وما أن اعتلى بطل الثورة المغوار المنصة ليعلن بيان النصر حتى تعالى الهتاف:" تحيا الثورة، تحيا الجمهورية"! وبشق الأنفس صمتوا ليسمعوا خطابه الأول؛ فكان أول ما سمعوه دوي رصاصات أردت القائد صريعاً، ثم صرير سرافات دروع تتقدم .. فقد أنستهم الفرحة أن بالجوار من يمقت الجمهورية!! (3) شاعر مبدع فجأة توارى عن الأنظار، وغاب عن منابر الشعر.. يا للخسارة كان يتحف الجمهور والقراء بملاحمه الشعرية؛ لكن المدينة سرعان ما نسته وانشغلت بابن حاكمها الذي صار يتوهج شعراً، وصوره تتصدر الصحف- رغم صغر سنه.. ذات يوم جفلت المدينة أن ترى شاعرها القديم يتجول بسيارة فارهة وهو من كان ينام بلا طعام.. لكن ثمة من أخبرهم أن حاكم المدينة كافأه على القصائد الرائعة التي كان يكتبها لابنه المدلل! (4) مليونير راحل رغم أنه بدأ حياته بتهريب السجائر لكنه لم يجمع ثروته إلاّ من تجارة الحشيش والسلاح.. عندما مات وهمّوا بإدخاله القبر سأل نفسه: لماذا عشت في الخطر لأدخل القبر الآن!؟ بعد لحظات تفكير عرف الجواب، فثمة شجار حول قبره، ورجل عجوز يصرخ: "نكمل دفنه أولاً ثم تضاربوا على تقاسم الميراث"!! (5) بطانة رئيس كان يثق ببطانته، ويجزل لهم العطايا – وما أكثرها- إلاّ واحداً كان يقلقه لأنه لم يطلب منه شيئاً، ولم يُسمعه كلام تبجيل.. وفي اليوم الذي اتخذ فيه الرئيس قرار الحرب على الفساد تفاجأ أن أحداً من بطانته لم يحضر مجلسه باستثناء ذلك الذي يقلقه فزاده ريبة.. لم يسكن خوفه منه إلاّ بعد وصول قائد حرسه لينقل له نبأ اعتقال البطانة بعد محاولة انقلابية فاشلة.. من يومها صار الرجل المريب كل بطانته! (6) مغترب بائس بعد شهر من زواجه قرر الاغتراب ليسعدها.. كانت تحبه حد العبادة ولا تستحق منه آلام الجوع التي أدمن مكابدتها. وبعد عشر سنوات غربة اشترى فيها كل ما تحلم به امرأة عاد إلى الوطن ليسعد بجوارها، لكنه لم يجدها..! امرأة بالجوار أخبرته أنها ماتت كمداً على فراقه الطويل..! حينها فقط قرر الاغتراب للأبد ، فقد تأكد أن الغنى في الغربة وطن والفقر في الوطن غربة!