سجلت لعبة الشطرنج في الآونة الأخيرة حضوراً واسعاً يجتاح خلوة فتيات اليمن الصغيرات – من البيوت إلى المدارس- لينقلهن أخيراً من عالم "العرائس" و"الرسوم الكارتونية" إلى قاعات المراكز الرياضية التي تقام بها المنافسات والبطولات القطرية. ففي الوقت الذي أشار الاتحاد العام لرياضة المرأة إلى مشاركة نحو (30) فتاة من مختلف محافظات الجمهورية اليمنية بمنافسات الشطرنج التي تقام ضمن بطولة الجمهورية التي تنتهي اليوم الأربعاء، أكد أن هذا العدد من الفتيات المشاركات يعد الأكبر من نوعه، والأشد حماساً في الإقبال على هذه اللعبة التي تتطلب المهارة الذهنية وليست الجسدية. وفي لقاءات أجرتها "نبا نيوز" مع عدد من الفتيات الصغيرات اتضح إن الفضل الأول في انتشار هذه اللعبة يعود إلى تشجيع الأهل وليس الجهات الحكومية أو المؤسسات الرياضية، ثم في المرتبة الثانية يعود إلى زميلات الدراسة أو مبادرات ذاتية من قبل بعض المدرسات في المدارس. وأكدت الفتيات الغياب الكامل لأي تشجيع أو رعاية من قبل السلطات المحلية، وإن الآباء يتولون شراء رقع الشطرنج لبناتهم وتشجيعهن على ممارسة هذه اللعبة. ففي لقاء مع أمة الغفور محمد اليمني- 11 سنة- من محافظة ذمار، فإنها تقول عن الكيفية التي اكتسبت بها هذه المهارة: أنا كنت في المدرسة، وكنت القيهن يتدربن وبعدين تعلمت منهن.. لكن في البيت ما حد كان يعرف يلعب.. وتؤكد: أن الأهل "كانوا يشجعونا، وأبي اشترى لي شطرنج" فكنا أنا وصاحباتي نتدرب ونلعب سوية هن يجن وأحيانا أنا أسير عندهن نلعب شطرنج! وعن انطباعها بشان لعبة الشطرنج تقول: "أحس إني مرتاحة، وان أنا ذكية.. هذا الشطرنج رائع.. والمسابقات حلوة.. حيث أنها المرة الأولى التي تشارك فيها أمة الغفور بمسابقة خارج ذمار، فهي ما زالت لا تدري إن كانت في ذمار مسابقات للشطرنج أم لا..! لكنها تتمنى عند الكبر المشاركة ببطولات دولية.. من جهتها، أمل محمد غالب الحسام- 10 سنوات- من محافظة إب، تقول: "تعلمت الشطرنج قبل سنتين.. بابا علمني الشطرنج"! وتشير إلى أنها "شاركت ببطولتين، مرة طلعت الثالثة ومرة العاشرة، وهذه السنة الثالثة".. وهي عندما تلعب الشطرنج تحس "بالراحة، وبنفس الوقت هي لعبة الذكاء ما تدخل بها إلا التي تكون ذكية"! أمل تعتز بذكائها، وتحاول تطوير نفسها في البيت، إذ تقول: "عندي شطرنج اشتراه بابا، وهو يدربني".. وحين سألناها عن المدرسة إن كانت ترعى لعبة الشطرنج قالت: " في المدرسة ما يسوون مسابقات". هذه أول مرة تطلع أمل إلى صنعاء لتشارك في مسابقة .. وتعبر عن إحساسها قائلة: " أنا فرحانة.. المسابقة كانت حلوة- بس كانت قوية.. والحكم كان يحكم بالصح"! أما فاطمة منصور- 10 سنوات- من محافظة لحج، تقول أنها تعلمت الشطرنج منذ فترة قصيرة.. وتؤكد أن "الأستاذة مريم الفقيه في المدرسة تدربني، لكن في البيت ما حد يلعب معي" ، وتستطرد "لكن عندنا شطرنج، وأهلي يشجعوني".. وتختزل فاطمة انطباعاتها فتصف لعبة الشطرنج بأنها " دقة وعقل"! أسوان احمد حسن-13 سنة- من محافظة أبين، تلعب الشطرنج منذ خمس سنوات، وتقول أن هذه البطولة هي البطولة الثانية التي تشارك فيها. وعن الكيفية التي تعلمت بها الشطرنج تقول: "تعلمت في المخيم الصيفي في أبين"، وتشير إلى أنه "ما حد يلعب معي في البيت". أما عن دعم وتشجيع الجهات الحكومية قالت أسوان: "ما فيه حد يدعم في المحافظة" ولم يسبق لها أن علمت بوجود شيء من هذا القبيل ، مؤكدة أن أغلب زميلاتها بدأن يتعلمن الشطرنج. أما مروة مكرم أبو بكر احمد زين- 13 عاماً- من محافظة عدن ، فتقول: "قبل ثلاث سنوات تعلمت الشطرنج من صديقاتي، أنا حبيت اللعبة، وبعدين تدربت في نادي (الشعلة). وتضيف: "في البيت يشجعوني والأب والأم تمام يحبوا اللعبة ويحبوا أن أشارك في مسابقات"، وتشير إلى أنه في مدارس عدن يعملوا مسابقات شطرنج "بس ما عندنا مدرسة تربية رياضية- مش دايما تجي"، وتنوه إلى وجود بعض الدعم المحلي والتشجيع، مؤكدة أنه لا يوجد هناك من يستعيب الرياضة على الفتاة. ومع أن هذا التوجه الجديد يعد مؤشراً لتنامي وعي اجتماعي نسبي، إلاّ أن ذلك التوجه معرض لفقدان التوازن إذا ما ظلت الجهات الحكومية اليمنية غير قادرة على مواكبته واحتضان المبدعين وصقل مواهبهم- خاصة عندما يتعلق الأمر بالفتيات.. وبرياضة المرأة!