أوصى ناشطون حقوقيون في منظمات المجتمع المدني بعمل "تحالف وطني لمناهضة عقوبة الإعدام، يضم جميع مكونات المجتمع المدني السياسية والحقوقية والشخصيات الاجتماعية – من علماء ومثقفين وسياسيين وصحفيين وأكاديميين وقانونيين. ودعوا منظمات المجتمع المدني العمل على حماية حق الحياة من الانتهاكات التي تحصل أثناء المحاكمات واتخاذ إجراءات التحقيق والعمل على رصدها والقيام باللازم إزائها بما يضمن حصولها على أرض الواقع. جاء ذلك في ختام ندوة (عقوبة الإعدام خارج القصاص الشرعي)، التي أقامتها صباح اليوم الأحد بصنعاء المنظمة اليمنية للدفاع عن الحريات والحقوق والمنتدى الاجتماعي الديمقراطي بالتعاون مع مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان والمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي، وحضرها جمع كبير من السياسيين وأمناء أحزاب سياسية ورؤساء منظمات مجتمع مدني قدم خلالها عدد من المشاركين العديد من أوراق العمل. واعتبر مشاركون في الندوة مظاهر التعددية السياسية وما تشهده الجمهورية اليمنية من مظاهر لهذه التعدديات لا تكفي، وأن التعددية السياسية بمعناها لا تتحقق إلا عندما يسمح لمختلف التوجهات والآراء السياسية في التعبير عن نفسها بحرية ودون اضطهاد. وأشاروا الى: أن التعددية السياسية تتطلب درجة عالية من مأسسة الدولة والمؤسسات الحكومية بما يضمن حيادية المال العام والوظيفة العامة وتفعيلاً لمبدأ تكافل الفرص وهو ما لم يتحقق حتى الآن. وقال نبيل عبد الحفيظ ماجد، أمين عام المنتدى الاجتماعي الديمقراطي- في ورقة قدمها بعنوان" عقوبة الإعدام وحقوق الإنسان": إن تاريخ البشرية عامة وجزءً من تاريخنا الإسلامي في محطات مختلفة منه شهد إسرافاً في إزهاق الأرواح بمبررات عديدة أغلبها إما تخلص من المعارضين أو فرض هيمنة لطالما وجدت السلطات من يشرعن لها أعمالها تلك.. وهكذا عاشت الأمم والشعوب لا يحكمها إلا قانون القوة وشريعة الغاب.. وأستطرد عبد الحفيظ: فمن سلِم من سيف السلطة قُتل في حروبها التي جاءت معظمها تحقيقاً لنزوات حكام أو توسعاً في الهيمنة والاستبعاد. وأضاف: وفي العصر الحديث تعاظم اتجاه الأمم والشعوب التي أرهقها كل هذا الظلم والعبث وجاء سعيها الحثيث لحياة السلم والأمن دون خوفٍ أو قلق انطلاقا من أن أمان الدولة الحديثة والأمم جمعا لن يتأتي إلا بصون الحياة الإنسانية وكرامتها وهو ما يجب أن تقوم علية التشريعات والقوانين محلياً ودولياً وإقليما. وأكد أن الحق في الحياة حقٌ ملازم لكل إنسان وعلى القانون أن يحمي هذا الحق ولا يجوز حرمان أحدٍ من حياته تعسفاً، وأشار إلى أنه لا يجوز في البلدان التي لم تلغِ عقوبة الإعدام أن تحكم بهذه العقوبة إلا جزاء من أشد الجرائم خطورة وفقاً للتشريع النافذ وتحت ارتكاب الجريمة وغير المخالف لأحكام هذا العهد ولاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها والتي لا يجوز تطبيق هذه العقوبة إلا بمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة. وقال: ونحن ومعنا الكثير من المناضلين سنناضل من أجل نيل الحقوق الإنسانية في عالمنا العربي والإسلامي وفي الوقت الذي نشدد على المشاركة في هذا التوجه الدولي فإننا في الوقت ذاته قناعتنا بالعقوبة لا تتجاوز في حدها الشرعي الذي يكفل كل ضمانات وسلامة الإجراءات التحقيقية والقانونية وعبر محاكمات عادلة وبقضاء اعتيادي لا تستخدم عقوبة الإعدام إلا في أضيق الحدود وكقصاص شرعي وفق إجراءات سليمة تضمن للقضاء المستقل فعلاً الطمأنينة الكاملة لعدالة الحكم. من جهته الأستاذ/ أمين حجر قدم بدوره ورقة بعنوان "عقوبة الإعدام في اليمن التشريع والواقع" تطرق إلى أن حرية المواطنين اليمنيين في الانتماء للأحزاب السياسية تنتهك بأساليب غير مباشرة عديدة،. وأعترف أنه لا يتم إرغامهم على الانتماء للحزب الحاكم بشكلٍ مباشر غير أن التوظيف في الجهاز الإداري للدولة والترقي في الوظائف الحكومية لا يستند على معايير الكفاءة ولا يتم وفقاً لمبدأ تكافؤ الفرص وإنما يتم وفقاً لمعايير الولاء السياسي، ولذلك يجد كثير من الموظفين أنفسهم مضطرين للانتماء للحزب الحالم. وأضاف: أن منظمات المجتمع المدني اليمنية أصبحت تمارس أنشتطها في ظل بيئة تشريعية غير مواتية تستغلها السلطات في تقييد أنشطة المنظمات غير الحكومية فضلاً عن ذلك يتعرض النشطاء النقابيون والحقوقيون للملاحقة وأذى السلطات بشكلٍ غير قانوني نتيجة أعمالهم الاحتجاجية دفاعاً عن حقوقهم المدنية والسياسية. وأشار حجر في ورقته إلى أنه في العاميين الماضيين ظهرت مؤشرات إيجابية في تصاعد الأداء النقابي للمجتمع المدني من خلال إتلاف المجتمع المدني الذي يظم العديد من المنظمات المدنية والنقابات والمؤسسات الحقوقية من خلال تنظيمه العديد من الفعاليات التضامنية لدعم ومناصرة القضايا المطلبية لعدد من النقابات، مبيناً أن الإتلاف لعب دوراً كبيراً ومتميزاً في التضامن مع المعتقلين السياسيين ولم يقتصر التضامن مع الحقوقيين ورموز الرأي العام والنقابيين وحسب بل أستهدف أيضاَ العديد من المواطنين العاديين الذين تعرضوا لانتهاكاتٍ من قبل شخصيات أو مؤسسات حكومية أو من قبل شخصيات اجتماعية نافذة على حد تعبير أمين جحر. ونوه إلى أن طرح القوى السياسية لمشروع الإصلاح التشريعي والقانوني وخاصة ما تطرحه الحكومة من مشروع لتعديل قانون الجرائم والعقوبات وقانون الإجراءات الجزائية يوفر أرضية لتعديل التشريعات فيما يخص عقوبة الإعدام. وأعتبر أن جميع ما تقدم به يُعد من أهم المعطيات السياسية والمداخل لتعزيز حق الحياة ومنطلق لمناهضة عقوبة الإعدام لافتاً في الوقت نفسه إلى أنه يجب النظر إلى معطيات سياسية أخرى أهمها: مبدأ دستورية الدولة والذي يجعل سلطات الحكومة محددة بالصلاحيات التي يمنحها الدستور بما جاء في المادة(2) من الدستور(الإسلام دين الدولة) والمادة(3) (الشريعة الإسلامية مصدر التشريعات). هذا وقد خرجت الندوة في ختام أعمالها بتوصيات عديدة، منها: 1- عمل تحالف وطني لمناهضة عقوبة الإعدام من جميع مكونات المجتمع المدني السياسية والحقوقية والشخصيات الاجتماعية – علماء ومثقفين وسياسيين وصحفيين وأكاديميين وقانونيين للقيام بحملة للمناهضة وإعداد برنامج عملي حقوقي وإعلامي وقانوني وتوعوي لمناهضة عقوبة الإعدام والمطالبة بتخفيضها. 2- دراسة نصوص القوانين الجزائية الإجرائية والموضوعية النافذة وأي مشاريع معدة لها دراسة من جميع الجوانب وعلى وجه الخصوص من الناحية الدينية ومطابقتها لتوضيح مدى ملازمتها لأحكام الشريعة السمحاء ومدى خروجها عليها وإعداد مشروع لتلك القوانين إن لم يتمكن من ذلك في مشاريع القوانين التي تعد من طرف الحكومة. 3- تفاعل منظمات المجتمع المدني لتحقيق أهداف الحملة من جميع آليات حماية حقوق الإنسان المحلية حكومية وغير حكومية والدولية على وجه الخصوص التعاقدية وخاصة تناول التقارير الوطنية الدولية التقاعدية بتقارير" ظل" يبرز فيها مدى انتهاك حق الحياة على ضوء ما ستخرج به الدراسات والبحوث. 4- الحرص على إشراك آليات حماية حقوق الإنسان بمختلف أنواعها في الحملة وبما يكفل تنفيذها لاختصاصاتها التي تساعد على تحقيق أهداف الحملة. 5- على منظمات المجتمع المدني العمل على حماية حق الحياة من الانتهاكات التي تحصل أثناء المحاكمات واتخاذ إجراءات التحقيق والعمل على رصدها والقيام باللازم إزائها بما يضمن حصولها على أرض الواقع.