تعتبر العملية الإرهابية التي وقعت في كلية الشرطة بصنعاء، تحولاً الأول من نوعه في اليمن ، إذ استهدفت طلاباً، لا علاقة لهم بمسؤول حكومي ولا بمواقع تنفيذية أمنية تجعلهم هدفاً أو في طريق هدف آخر.. عملية السبعين الإرهابية التي وقعت مايو الماضي وراح ضحيتها أكثر من 70 جندياً، كان هدفها إفشال العرض العسكري .. أما اليوم فلم يكن هناك مناسبة لاستهداف هؤلاء الطلاب في كلية الشرطة نفسها، والرابط الوحيد هو موعد تخرج الضباط من كلية التدريب بحضور نائب وزير الداخلية، ولكن حفل التخرج كان في أكاديمية التدريب التي هي في منطقة أخرى وشارع آخر بعيد عن كلية الشرطة.. وربما أن الجهة الواقفة وراء التفجير، والتي يسمونها تنظيم القاعدة أخطأت مكان التفجير.. وما نقرأه من العملية الإجرامية في كلية الشرطة هي أن هذه العناصر الإرهابية تم غسيل دماغها على درجة عالية من الفاعلية، وبالإمكان استخدامهم لأي شيء، حتى أنه بالإمكان توجيههم لعمل تفجيرات انتحارية في جامعة صنعاء أو حتى مستشفى السبعين الخاص بالأطفال.. وإلا ما الذي يدفع هذا لتفجير نفسه في إحدى بوابات كلية الشرطة؟.. ما هو شعور الفاعل الضحية في الدقائق التي عاشها حياً بعد تفجير نفسه؟ أظهرت التسجيلات أن المتهم محمد ناشر العري ، كان حياً بعد تفجير نفسه، ونقل شهود عيان إنه عرف بنفسه، وقال: أنا محمد العري من تنظيم القاعدة؟.. إنها لكارثة تبين خطورة الإنسان على الإنسان وخطورة ما يقوم به المسؤولون عن مثله.. ربما هي المرة الأولى التي نرى فيها انتحارياً يعيش بعد تفجير نفسه؟.. ماذا حينما شعر بالألم.. ماذنب هؤلاء الشهداء وأسرهم؟ وما ذنب الجرحى الذين سيقضي بعضهم ما تبقى من الحياة معوقاً..؟.. رحم الله الشهداء، وألهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان.. و لا نلقي اللوم على القاعدة أو على من وقف وراء هولاء فقط، بل نلوم نفوسنا كبشر وكمجتمع وكيف أن البيئة التي نحيا فيها وقعت أرضاً خصبةً لينتج مثل هذا الضياع الذي يجعل أحدنا صيداً سهلاً لتجار البشر والإرهاب.. والمجتمع اليمني برمته مطلوب منه أن يفتح عينيه أكثر على هؤلاء، والمطلوب من الأجهزة الأمنية الشفافية الكاملة وتقديم المعلومات عن المسؤولين عن هؤلاء للرأي العام وملاحقتهم..