جرعة قاتلة في سعر الغاز المنزلي وعودة الطوابير الطويلة    العثور على جثة ''الحجوري'' مرمية على قارعة الطريق في أبين!!    كوريا الجنوبية المحطة الجديدة لسلسلة بطولات أرامكو للفرق المقدمة من صندوق الاستثمارات العامة    هل السلام ضرورة سعودية أم إسرائيلية؟    صاعقة كهربائية تخطف روح شاب وسط اليمن في غمضة عين    الهلال يهزم الأهلي ويقترب من التتويج بطلا للدوري السعودي    رئيس مجلس القيادة الرئاسي يعود إلى العاصمة المؤقتة عدن    مليشيا الحوثي توقف مستحقات 80 عاملا بصندوق النظافة بإب بهدف السطو عليها    انهيار جنوني متسارع للريال اليمني .. والعملات الأجنبية تصل إلى مستوى قياسي (أسعار الصرف)    تهامة.. والطائفيون القتلة!    الرئيس الزُبيدي يبحث مع مسئول هندي التعاون العسكري والأمني    دار الأوبرا القطرية تستضيف حفلة ''نغم يمني في الدوحة'' (فيديو)    أول تعليق أمريكي على الهجوم الإسرائيلي في مدينة رفح "فيديو"    وتستمر الفضايح.. 4 قيادات حوثية تجني شهريا 19 مليون دولار من مؤسسة الاتصالات!    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد.. صور لعدد من أبناء قرية الدقاونة بمحافظة الحديدة بينهم أطفال وهم في سجون الحوثي    قيادي حوثي يفتتح مشروعًا جديدًا في عمران: ذبح أغنام المواطنين!    العثور على مؤذن الجامع الكبير مقتولا داخل غرفة مهجورة في حبيل الريدة بالحج (صور)    حقيقة فرض رسوم على القبور في صنعاء    بأمر من رئيس مجلس القيادة الرئاسي ...الاعدام بحق قاتل في محافظة شبوة    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    الرئيس الزُبيدي يطالب بخطط لتطوير قطاع الاتصالات    فتيات مأرب تدرب نساء قياديات على مفاهيم السلام في مخيمات النزوح    أبطال أوروبا: باريس سان جيرمان يستضيف بوروسيا دورتموند والريال يواجه بايرن في إياب الدور قبل النهائي    البرلمان العربي يحذر من اجتياح رفح جنوب قطاع غزة    الذهب يصعد متأثراً بآمال خفض اسعار الفائدة الأميركية    فارس الصلابة يترجل    السياسي الوحيد الذي حزن لموته الجميع ولم يشمت بوفاته شامت    عودة نجم بايرن للتدريبات.. وحسم موقفه من صدام الريال    التشكيل المتوقع لمعركة الهلال وأهلي جدة    مسيره لطلاب جامعات ومدارس تعز نصرة لغزة ودعما لطلاب الجامعات في العالم    ضجة بعد نشر فيديو لفنانة عربية شهيرة مع جنرال بارز في الجيش .. شاهد    «كلاسيكو» الأهلي والهلال.. صراع بين المجد والمركز الآسيوي    ضعوا القمامة أمام منازل المسئولين الكبار .. ولكم العبرة من وزير بريطاني    رشاد العليمي وعصابته المتحكمة في نفط حضرموت تمنع تزويد كهرباء عدن    سلطات الشرعية التي لا ترد على اتهامات الفساد تفقد كل سند أخلاقي وقانوني    صنعاء.. اعتقال خبير في المواصفات والمقاييس بعد ساعات من متابعته بلاغ في هيئة مكافحة الفساد    تغاريد حرة.. رشفة حرية تخثر الدم    ليلة دامية في رفح والاحتلال يبدأ ترحيل السكان تمهيدا لاجتياحها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    هل يستطيع وزير المالية اصدار كشف بمرتبات رئيس الوزراء وكبار المسئولين    رباعية هالاند تحسم لقب هداف الدوري.. وتسكت المنتقدين    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    استهداف السامعي محاولة لتعطيل الاداء الرقابي على السلطة التنفيذية    الليغا: اشبيلية يزيد متاعب غرناطة والميريا يفاجىء فاليكانو    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على قبر غيلان الدمشقي
نشر في نشوان نيوز يوم 17 - 03 - 2021

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح – نشوان نيوز – على قبر غيلان الدمشقي
ما زالتْ سيِّدةُ الأحزانِ دمشقُ
تشاهدُ كلَّ مساءٍ جسداً مشنوقاً
يتأرجحُ بينَ نجومِ اللَّيلِ
وغيماتٍ خضراءَ،
تضمُّ الجسدَ المشنوقَ برفقٍ
ترسمُ بالدَّمعِ الفِضِّيِّ
حكايتَهُ للنهرِ الواقفِ:
غيلانُ كتابٌ مغمورٌ بالضَّوءِ
ونجمٌ مشتعلُ الآياتْ.
يخرجُ منْ سُوَرِ القرآنِ
نداءً بشريّاً
إيقاعاً يتناثرُ كالوردِ
وحرفاً يتسربَلُ بالأَلَقِ القادمِ
منْ أقصى منطقةٍ في الرُّوحِ
ويملأُ أرضَ الشَّرقِ سلاماً
وأماناً
وصلاةْ.
ها هوَ ذا
في معراجٍ أرضيٍّ
يفتحُ نافذةً للغيبِ
بكفٍّ مقطوعٍ،
ويمدُّ الخُطُواتِ على الأفْقِ بساقٍ مكسورٍ
يقرأُ أحوالَ الناسِ.. ويحلمُ:
ليتَ القابضَ جمرَ الكلماتِ على شفتيهِ
يحرِّرُني مِنْ هذا الصَّمتِ،
يحدِّقُ في مَلَكوتِ الناسِ،
ويفتحُ للكلماتِ الأبوابَ،
وليتَ المعنى المتشابهْ
يتوحَّدُ في لغةِ الناسِ.
* * *
أوْغَلَ في الحلمِ،
ارتدَّ قليلاً وبكى:
منْ (بغدادَ) إلى (طنْجةَ) أجسادٌ ضامِرةٌ
وجماجمُ لا تُخفي شيئاً
غيرَ الرُّعْبِ..
وحينَ تجلَّتْ أسماءُ القربِ
توحَّدَ بالأسماءِ، وقالْ:
في الهزيعِ الأخيرِ منَ العمرِ
يغدو الحديثُ لذيذاً إلى اللهِ..
والافتتانُ بأكوانِهِ حُلُماً
هل سمعتَ الخيوطَ التي تتدلَّى منَ الشَّمسِ
عندَ الضُّحى؟
ورأيتَ احتفاءَ طيورِ المدينةِ بالضَّوءِ
باللَّونِ يخرجُ منْ صَلَواتِ الحدائقِ،
منْ غيمةٍ في الفضاءِ تطيرُ معَ الرِّيحِ،
منْ حُلُمٍ ناعسٍ عندَ بابِ المدينةْ؟.
اهبطْ بسلامٍ
هبطَ الأرضَ
ونادى في المظلومينَ
هشيماً تذروهُ الرِّيحُ
ويفنى القصرُ
البنكُ
المبغَى.
يبقَى اللَّهُ الخالقُ
والناسُ
على هذي الأرضِ الموعودةِ بالعدلِ
وبالتَّقوى.
هبطَ الأرضَ ونادى:
يا دمشقُ التي أرضعَتْني حليبَ المواجعِ والعشقِ
أشكو إليكِ الخليفةَ والنُّدماءَ..
الخليفةُ كانَ صديقي
وخصمي
حضرتُ صلاةَ الجنازةِ في قصرِهِ
وتخلَّفْتُ عنْ حَفَلاتِ الطعامِ
لأنَّ فمي صائمٌ عنْ طعامِ الملوكِ
وعنْ لُقمةٍ ليس يُنْضِجُها عَرَقي.
أوقدَ النُّدَماءُ الحفيظةَ في قلبِ سيِّدِهم
زعموا أنني قلتُ:
إنَّ الخليفةَ يشوي اليتامى
ويأكلُ أموالَ آبائِهم..
كنتُ قد قلتُ:
إنَّ الشعوبَ مُخَيَّرَةٌ
لا مُسَيَّرَةٌ،
كنتُ قد قلتُ:
إنَّ الخليفةَ يبني قصوراً لِمُتْعَتِهِ
منْ دماءِ الرَّعايا،
ويملأُ ساحاتِ بغدادَ بالصَّمتِ
والأضْرِحَةْ.
أوّاهُ..
كانَ الناسُ يختفونَ
والمنازلُ اختفتْ كأنها تسيرُ نحوَ قبرٍ ما
ولا تسيرْ،
تسيرُ نحوَ موتٍ ما ولا تسيرْ.
هل يختفي أجملُ ما في الأرضِ،
لا مكانَ للشمسِ
ولا مكانْ.
أوّاهُ، لو كان الضِّياءُ ميّتاً
والقلبُ ميّتاً
والأرضُ لا يُسْكِرُها نبيذُ المذبحةْ.
* * *
إنّهُ الآنَ مستوحِدٌ،
والملايينُ يختصمونَ
ويتَّحِدونَ على صدرِهِ
يَفْرحونَ ويبكونَ في قلبِهِ.
لا فراغَ بعينيهِ حيثُ تموجُ الجموعُ
ويجلسُ – مكتئباً – مركزُ الأرضِ
يبحثُ عنْ نفسِهِ،
لا مدى لهديرِ العذابِ
نصوصٌ مشرَّدةٌ كالحقيقةِ
سيرةُ طفلٍ يجوعُ
يموتُ بلا غِبطةٍ
في أقاليمَ يملأُها الخبزُ
والنّفطُ،
أطفالُ غزَّةَ،
بيروتَ..
في رأسِهِ يتظاهرُ كلُّ الجياعِ
تطاردُهُ صُوَرٌ منْ حرائقَ
لا تعرفُ الانطفاءْ.
رنَّتْ في السّاحةِ أصواتٌ
طَلَقاتٌ
وعيونٌ غاضبةٌ
وعصافيرُ تفِرُّ منَ الدَّمِّ..
وأنتَ هناكَ
هناكَ تُحَلِّقُ،
تصعدُ نحوَ اللهِ الأعلى
تتقدَّمُكَ الخِرْقَةُ والمصحفُ،
إبريقٌ منْ فخّارٍ مثقوبٍ..
تلكَ هديةُ أهلِ الأرضِ المشتاقينَ
إلى الله الواحدْ.
* * *
عَبَّأَ اللَّيلُ أوردةَ الأرضِ بالحقدِ
بالظلماتِ،
على الأرضِ لا شيءَ غيرُ أنينِ المياهِ
وحشرجةِ الضَّوءِ
والأسئلةْ.
حملوكَ إلى الميدانِ وأنتَ تصلّي
عيناكَ إلى الأعلى
لا دمعةَ في العينينِ،
ووجهُكَ ينتظرُ الرِّحلةَ،
كانَ الجسدُ / الطِّينُ يقاومُ
كانَ يخوضُ المعركةَ الدُّنيا
وسيوفُ الباطلِ تأكلُ منهُ الجِلْدَ
وتَبْري العَظْمَ
تناوشُهُ بالحقدِ
يناوشُها بالكلماتْ.
حسناً فعلوا بكَ يا غيلانْ،
حسناً فعلوا بالجسدِ المغرورِ
وبالإنسانْ
إنّهُ الآنَ منفردٌ يتهجَّدُ،
مبتلَّةٌ بالرَّصاصِ قصائدُهُ
في الطريقِ وحيداً بلا راحتينِ
دمٌ في الأصابعِ والعينِ..
هل عَزَلَتْهُ عنِ البحرِ أَشجانُهُ والأناشيدُ
أم عزلتْهُ المحبّةُ للناسِ
لكنّهم معَهُ والأناشيدُ لا تنتهي
تَرَفٌ يملأُ الأرضَ
أُغنيةٌ تتجوَّلُ عبرَ السَّماواتِ
حولَ البحيراتِ،
تدعو إلى حفلةِ الرُّوحِ
كلَّ الدقائقِ واللَّحظاتِ
وما تركتْ شمسُ أيلولَ
في جسدِ الأرضِ منْ ألَقٍ
وغمامٍ..
إليكَ انتهائي
ومنكَ ابتدائي
شهدتَ توهُّجَ روحي
وها أنتَ تشهدُ صمتَ انطفائي
لَكَ الأمسُ
واليومُ
والغدُ..
يا سيّدي
ولَكَ الناسُ
والأرضُ
والبحرُ،
كلُّ السماءِ وكلُّ الضياءِ،
لَكَ المرسلاتُ
لَكَ العاصفاتُ
لَكَ الفَلَقُ المتألِّقُ
والغَسَقُ المتدفِّقُ
كلُّ الطُّيوفِ وكلُّ المرائي.
* * *
سبحانَ اللهِ..
أهذا قبرُكَ يا غيلانْ؟
جرحٌ مفتوحٌ لم يوصدْ
غيمةُ حبٍّ تتعلَّقُ بالأرضِ
سحابةُ شوقٍ تغسلُ أوجاعَ المحزونينَ؟
أهذا صوتُكَ أبصرُهُ،
يعلو نافذةَ الرُّوحِ
يطوِّقُ فولاذَ بنادقِهم
يطرقُ بابَ الذّاكرةِ المغلقْ؟
قبلَ موتي
بكيتُ على نجمةٍ
تتدلَّى منَ الأفْقِ ناحلةً
وعلى أُمَّةٍ في انتظارِ الفناءْ.
تكتملُ الصورةُ يا غيلانُ
دمشقُ دمٌ شقَّ جبينَ الأفْقِ
ليمكثَ في الأرضِ،
فلا يبرَحُ يملأُها عدلاً وحناناً،
ويفيءُ على مخلوقاتِ اللهِ بماءِ الحكمةْ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.