هل سيعود الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح لحكم اليمن، سؤال بات يتردد بالساحة اليمنية، وفي وسائل الإعلام، ويحمل في طياته كثيرا من أطروحات "الثورة المضادة" على ثورة التغيير السلمية التي أطاحت بصالح؟. ويزيد من تعقيد الأمر، أن حزب المؤتمر الشعبي الذي يرأسه صالح، يصر أن من حقه خوض انتخابات الرئاسة المقبلة، ويؤكد قادته بأن المبادرة الخليجية "اقتضت تسليم صالح للسلطة وليس إنهاء حياته السياسية". والأغرب بنظر مراقبين هي دعوة دولة قطر والدول التي دعمت رحيل علي عبدالله صالح عن السلطة أن تدعم عودته إليها مجددا للحفاظ على ما تبقى من اليمن، بحسب أحمد الصوفي مستشار صالح الإعلامي. إخفاق الثورات واعتبر الصوفي في حديث لموقع "يمن نيشن" أن" صالح أجرى عملية تسليم آمن للسلطة، وبانتهاء الفترة الانتقالية يجب العودة إلى الشعب، ليختار من يحكمه، ولا يجب أن يحرم طرف من حق الوصول إلى السلطة". وأشار إلى ثمة متغيرات حدثت بالمنطقة تجعل من عودة صالح ممكنة، أهمها خروج أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة من الحكم وتسليمه السلطة لابنه الشيخ تميم، وتبدل موقف أميركا من إيران، ودخول روسيا والصين لاعبين أساسيين بما يجري في المنطقة العربية والعالم. ورأى أن "الربيع العربي قد أخفق ولفظ أنفاسه، كما فشلت جماعات الإخوان المسلمين في إدارة الدولة في ليبيا وتونس ومصر واليمن، وبالتالي فإن الأولوية بالمنطقة أن تعيد الاعتبار إلى المشروع القومي العربي وصون الدول من التفكك والفوضى" وبشأن الشروط التي أقرها فريق الحكم الرشيد بمؤتمر الحوار الوطني، والتي تحول دون عودة صالح أو أركان حكمه، قال الصوفي إن "تلك الشروط صممت لإزاحة صالح من المشهد السياسي، وهي خارج المبادرة الخليجية، كما أنها محاولة لإنجاز ما فشلوا بتحقيقه في الشوارع"، في إشارة لتظاهرات شباب الثورة السلمية والمواجهات العسكرية التي جرت في عام 2011. استحالة العودة من جانبه قال د. محمد المخلافي، وزير الشؤون القانونية في حديث خص به موقع "يمن نيشن" إن عملية تسليم السلطة لم تكتمل بعد، ومع إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة، ستنتهي عملية نقل السلطة، وبالتالي ليس بالإمكان أن يعود صالح للسلطة. كما أشار المخلافي إلى إقرار فريق الحكم الرشيد بمؤتمر الحوار الوطني، لمادة دستورية تضمنت 15 شرطا لتولي رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان والشورى والأحزاب، وسيتضمنها الدستور الجديد، تحول دون عودة صالح للسلطة. وأهم شرطين بها: أن لا يكون المترشح أو المعيّن لتولي مناصب الدولة، قد تولى لفترتين رئاسيتين منصب رئيس الجمهورية أو رئاسة حزب أو رئاسة البرلمان أو مجلس الوزراء، وأن لا يكون منتسبا للمؤسسة العسكرية والأمنية، ما لم يكن ترك عمله قبل فترة لا تقل عن 10 أعوام. كما لفت الوزير المخلافي إلى أن صالح حصل على "الحصانة" من الملاحقة القضائية، وهي تعني العفو عما ارتكبه وأعوانه خلال فترة حكمه، مقابل تنحيه وتسليمه السلطة، وإذا رغب صالح بالعودة للسياسة، فإن هذا يلغي الغاية من الحصانة والعفو، ويبعث رغبات الانتقام والثأر مجددا. وقال إن "رغبة صالح بالعودة إلى الرئاسة، يجب أن تنتهي، ولا بد أن تحسم الأطراف السياسية موقفها بما فيها حزب المؤتمر الشعبي، الذي يرأسه صالح، هل تريد أن تكون جزءا من المستقبل، أم الرغبة بالماضي ما زالت تتحكم بها". أحلام العائلة إلى ذلك اعتبر عادل الأحمدي، مدير مركز نشوان الحميري للدراسات بصنعاء، أن تصريحات الصوفي لا تدل على مؤشر عودة واثقة لحكم صالح، وقال في حديث لموقع "يمن نيشن" إن "وضع صالح الصحي يجعل المحيطين به زاهدين في عودته شخصيا لهرم السلطة، لكنهم يسعون على الأرجح للتحضير لعودة نجله أو أي رمز من تياره". وأضاف أن "صالح عندما كان في سنوات حكمه الأخيرة كان مشروعا عائليا لكنه الآن مشروع شلة أو مجموعة ترى انتصارها في صعود أي من رموزها سواء كان من آل صالح أو لم يكن". ورأى الأحمدي أن "تصريحات الصوفي هي أيضا ردة فعل معنوية تجاه أحاديث العزل السياسي ونزع الحصانة التي يلوح بها خصومه، والأكيد الآن في اليمن أن كل يوم يمر يجعل المسافة أبعد بين صالح وأحلام العودة إلى رأس السلطة، لكن أخطاء خلفه تغري تياره بشحذ آمال العودة للسلطة كتيار لا كعائلة". وأكد الأحمدي أن "المشكلة في اليمن لم تعد تتمثل في احتمالية عودة النظام السابق من عدمها بل تتمثل في شروع النظام الحالي في دعم تغييرات مجهولة العواقب على شكل الدولة، هذه التغييرات تعطي تيار صالح ميدان بطولة جديد، وليس جسر عودة، حينما يقوم برفضها، وهذا ما يجب أن تنتبه له القوى الحريصة على نجاح التسوية في اليمن".