انتهت موجة أعمال شغب اندلعت الأسبوع الماضي في الجزائر عندما تراجعت الحكومة عن رفع أسعار مواد غذائية لكن بالنسبة لعمار ماشا (73 عاما) لم يغير ذلك شيئا. فهو يقيم مع 11 من أفراد أسرته منهم ثلاثة أبناء وزوجاتهم في شقة مساحتها عشرة أمتار مربعة. وحي ديار الكهف الذي يسكنه كان ضمن عدة أحياء في الجزائر العاصمة التي اندلعت بها الصدامات بين السكان والشرطة بعد رفع أسعار السكر وزيت الطهو. وتفيد أحدث بيانات رسمية أن شخصين قتلا وأصيب مئات بجروح عندما واجهت حشود من رماة الحجارة الشرطة في بلدات في مختلف أرجاء البلاد. وخفضت الحكومة التي تملك أموالا طائلة من صادرات الطاقة الضرائب والتعريفات الجمركية على الواردات من المواد الغذائية الأساسية لخفض أسعارها بنسبة 41 بالمائة. لكن ماشا مثل غيره من سكان منطقته قال إن هذا الحل أخفى المشكلة الحقيقية. وقال لرويترز «تخطئ الحكومة إذا تصورت أن السكر والزيت وراء أعمال الشغب». وأضاف «ظروف الحياة السيئة والمشكلات الاجتماعية والفساد هما السبب الحقيقي وراء اندلاع أعمال الشغب». وتابع «أقيم هنا منذ 1959 مع زوجتي وثلاثة أبناء وزوجاتهم وأربعة أحفاد. حلمي أن أحصل على شقة مدعومة من الدولة تمكن أسرتي من العيش في مكان أكبر». ويشير ذلك إلى قضية مقلقة بالنسبة للحكومة الجزائرية وهي أنها رغم أموالها الطائلة -فديونها قليلة جدا وتبلغ احتياطياتها بالعملة الأجنبية نحو 150 مليار دولار- غير قادرة على أن تعالج بسرعة المشكلات الأساسية وراء الشغب. ويتوقع سكان الحي الذي يقطنه ماشا أن تندلع الاشتباكات من جديد عاجلا أو آجلا. ويقول ساكن آخر وصف نفسه بأنه متخصص في شؤون الشغب «سأواصل الاحتجاج حتى يأتي اليوم الذي أحصل فيه على شقة مدعومة. «لم أتوقف قط ولا يهمني ما يقوله الساسة». وتقر حكومة الجزائر بأن هناك مشكلة إسكان وتعهدت ببناء مليون وحدة سكنية جديدة. وكل شهر تقريبا تزيل الحكومة أحياء عشوائية وتنقل مئات السكان بشكل جماعي إلى مبان سكنية جديدة حديثة مبنية بالمال العام. وقال الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي انتخب لفترة ولاية ثالثة عام 2009 إن تحسين ظروف الإسكان وخلق فرص عمل أولوية قومية. وقال عبد العزيز بلخادم الممثل الشخصي لبوتفليقة للصحفيين الأسبوع الماضي أن كل أموال النفط تستثمر في برامج تنمية وان هناك حاجة لمزيد من الوقت لتلبية مطالب الجميع لان تسعينات القرن الماضي لم تشهد أي استثمارات. وتتعافى الجزائر من صراع استمر نحو 20 عاما بين قوات الحكومة ومتشددين إسلاميين قتل في ذروته في التسعينات نحو 200 ألف شخص. ويتكون حي ديار الكهف السكني من مبان تضم شققا سكنية بنيت وقت الاستعمار الفرنسي في الخمسينات. واستقلت الجزائر عن فرنسا عام 1962 . وشقة ماشا في الأصل هي من حجرة واحدة بالإضافة إلى مطبخ وحمام ثم حولت إلى ثلاث غرف للنوم. وأسرة ماشا مثل غيرها في الجزائر فقيرة لكنها ليست معدمة. فهو يحصل على معاش تقاعد 15 ألف دينار جزائري (200 دولار) شهريا. وابنه الكبير الذي يعمل حارس أمن في شركة حكومية يحصل على 24 ألف دينار شهريا. والولدان الآخران لا يعملان. والخبز والحليب والكهرباء والغاز الذي تستهلكه الأسرة متوافر بأسعار مدعومة بشدة. ويقول ماشا «ليس هناك مجاعة في الجزائر لكن من المستحيل أن أشتري شقة من السوق لان أرخصها لا تقل عن ثمانية ملايين دينار».