تعتبر جامعة عدن أحد أهم الصروح التعليمية والأكاديمية في اليمن، كما تعد, بالإضافة إلى جامعة صنعاء، من أقدم الجامعات اليمنية، وكانتا لا ثالث لهما حتى العام 1996، قبل أن يتم إنشاء جامعات أخرى، ليرتفع العدد إلى 10 جامعات حكومية في الوقت الراهن ناهيك عن الجامعات الأهلية، وذاك في حكم الإيجاب، إذ أن الأوطان لا تبنى إلا بالعلم، وبالعلم وحده. وبالإشارة إلى جامعة عدن، فإنها لا تنفك تضيف إلى رصيدها عددا من النجاحات ودرجات التقدم نحو الأفضل منذ أن تم إنشاؤها في العام 1970 عند تأسيس كلية التربية العليا، قبل أن يتم إنشاء كلية ناصر للعلوم الزراعية الواقعة في إطار محافظة لحج في العام 1972، ومن ثم كلية الاقتصاد التي تأسست في العام 1973. وحتى العام 1975 كانت هناك خمس كليات للجامعة فقط، فبالإضافة إلى الكليات الثلاث السابقة، كانت هناك كلية التربية العليا في مدينة المكلا 1974، وكلية الطب 1975، قبل أن يصدر في العاشر من سبتمبر 1975م القانون رقم 22 لعام 1975م والخاص بإنشاء جامعة عدن كمؤسسة علمية ذات شخصية اعتبارية، والذي كان قد حدد أهداف الجامعة ب: «إعداد وتأهيل الكوادر العلمية في مختلف التخصصات»، و«القيام بالبحوث العلمية بما يخدم التنمية الاجتماعية والاقتصادية»، و«تقديم الاستشارات الفنية التخصصية لمختلف مؤسسات الدولة». وخلال الفترة من 1975 إلى 1990م أنشئت عدد من الكليات والفروع للجامعة، حيث أنشئت كليتا الحقوق والهندسة 1978م، وكلية التربية زنجبار 1979م، وكلية التربية صبر 1980م، في حين صارت للجامعة في الوقت الحالي 19 كلية - إضافة إلى معهد للغات وعدد من المراكز التعليمية ومركز التطوير والتدريب والبحوث والوحدات الخدمية - موزعة على خمس محافظات، هي: عدن، لحج، أبين، الضالع، شبوة. وإلى ذلك، فإن الجامعة تشهد كل يوم تقدما ملحوظا في كثير من المجالات، وليس من قلب الحقائق في شيء إذا ما قلنا إن جامعة عدن أضحت اليوم رائدة الجامعات اليمنية في كثير من المجالات. ولا أغفل عن التنويه هنا بالدور البارز الذي لعبه رئيس الجامعة الحالي الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن حبتور، الذي تمكن وفي وقت وجيز من انتشال الجامعة ووضعها في مستوى أفضل بعد أن كانت قد آلت إلى ما يمكن تسميته بالركود في وقت ماضٍ، وهذا قول للإنصاف ولا يعد بأي حال من الأحوال مجاملة ل«حبتور» الذي، وإن كنت أختلف معه في بعض الخطوات التي أقدمت عليها الجامعة مؤخرا، إلا أنني أتفق معه بأشياء كثيرة وأحييه عليها كثيرا، مع تكراري هنا للحديث الذي قلته قبل أعوام في قاعة ابن خلدون بكلية الآداب من أن جامعة عدن استبشرت خيرا بقدومه إليها في ال16 من يونيو/ حزيران 2008. وأريد أن أشير هنا إلى أنه من بين الخطوات التي تألمت لها كثيرا تلك المتمثلة في إقدام الجامعة على توقيف بعض الطلاب عن الدراسة لعام جامعي أو عامين أو أكثر من ذلك, مع أن الجامعة لم ترتكب خطأ في إيقافهم طالما طبقت نصوص لائحتها الداخلية إزاء ذلك, إلا أنني كنت أتمنى أن تأخذ على عاتقها مسألة معاملة بعض الطلاب المندفعين معاملة فيها نوع من التربية الأكاديمية والتقويم لإعادة من أخطأ إلى جادة الصواب دون أن يتأثر الطالب بتوقيفه عن الدراسة أو فصله منها, مع أن الجامعة كانت قد أعادت الطلاب الذين صدرت بحقهم قرارات تأديبية, وحسنا ما فعلت ونشكرها على ذلك, وإن كان بعض الطلاب, والأذكياء منهم تحديدا, قد خسروا بعض الوقت بعيدا عن قاعات التعليم. إن جامعة عدن، كانت ولا تزال، صرحا شامخا ومدعاة للفخر والاعتزاز، علينا أن نستمر في الحفاظ على تميزها هذا ما حيينا، فهي الجامعة التي تربينا فيها وتعلمنا مبادئ سامية ونبيلة وقيمة وعظيمة لا يمكن أن نحيد عنها, طالما كان همنا الأكبر هو بناء أنفسنا كجيل متسلح بالعلم من أجل هذا الوطن. وليس لي من قول إلا أن أتمنى كثيرا على الجامعة وقيادتها الحالية أن تبذل جهودا أكبر في سبيل تميز أفضل، يضاف إلى الجهود الكبيرة التي تشكر عليها بحق. وأود هنا لفت النظر إلى بعض المخرجات التعليمية التي تقدر بنسبة لا يمكن تجاهلها والتي لا تزال تعاني من ضعف في مهارات بديهية، وهو ما يجعلها متكلسة ومرمية على هامش الانتظار لا تستطيع أن توجد لنفسها موطئ قدم. ومع إيماني العميق من أن الجامعيين, طلابا وطالبات, من الواجب ومن الأولى بهم أن يبذلوا قصارى جهدهم في سبيل التحصيل العلمي مهما كان حجم القصور في بعض الجوانب التعليمية في الجامعة, إلا أنه من واجب الجامعة أيضا, وهي تسير على خطى واثقة نحو الأجود, أن تكمل مسيرة البناء النموذجي للأجيال المتلاحقة, حتى نكون في وضعية تعليمية أفضل, نساعد أنفسنها من خلالها وتساعدنا على تقديم خدمات أكثر نضوجا وجودة في سوق العمل من أجل بناء مجتمعنا ووطننا وأمتنا. للجامعة دوام التقدم والازدهار, ولقيادتها كل التوفيق في مساعيها الحميدة, ولطلابها وطالباتها كل الأمل بمستقبل أفضل وغد مشرق.. [email protected]