أنام ليلي بعد هم وبعد ساعات من مكابدة السهر والخوف والتوتر والقلق.. أحاول جهدي أن أصم أذني عن الأصوات العالية والضوضاء التي تصدر عن الساحة القريبة من منزلي ومنزل أسرتي.. ساحة كبيرة وجد المعتصمون فرصتهم للتجمع فيها للتعبير عن آرائهم ومواقفهم هذه.. خصوصاً وأن الديمقراطية منحتهم المساحة والمسافة والضمانة التي يريدونها حتى أنهم تجاوزوا أعلى السقوف المسموح بها في أعرق وأقدم الديمقراطيات في العالم.. ووصلت ديمقراطيتهم حداً تجاوز كثيراً الفوضى المنفلتة.. ومع ذلك فإن الجميع وفي المقدمة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح يقرون لهم بهذه الديمقراطية وبهذا الحق.. ولا خلاف على ذلك. أما على المستوى الشخصي لي أنا كمواطن بسيط.. وموظف على قدر الحال.. أنا أقر لهم بالديمقراطية، بل وأجدها مغرية وضرورية، ولكن الذي أغاظني وأزعجني وأتعبني أن هذه الديمقراطية التي تنادي باحترام الحريات العامة، والتي تعمل تحت لواء الحريات العامة لم تحترم الحرية العامة والخاصة للمواطن المغلوب على أمره المطحون بالهم اليومي مثلي أنا.. وخيمت الديمقراطية أمام بيتي.. قلنا حينها إن المسألة ستأخذ لها ثلاثة أيام.. أسبوعاً.. أسبوعين.. أما الحال وقد تواصل والتعب تراكم فأنا أعلن تضرري الفادح من الديمقراطية.. ديمقراطية الخيام.. ومن هجوم جحافل الخيام التي أصبحت مثل الطحالب تتكاثر.. فأصبحت لا آكل ولا أشرب وأسرتي تعيش حياة ضنك وهم ومعاناة لا تنتهي.. ابنتي تتنفس خوفاً وهلعاً ورعباً وهي تسمع زمجرة المعتصمين وأصوات مكبرات الصوت تهز أركان الحي والبيوت المطلة والتي على مقربة من مساحة (الإزعاج المؤدلج) والهنجمة المتحزبة التي سرقت جهد الشباب بنقائه وصدقه.. الذين تم (زحلقتهم) إلى الصفوف الخلفية.. واستأثر (المؤدلجون) بالواجهة الرئيسية أمام الشباب فقد دفعوا دفعاً إلى واجهة الصدام مع رجال الأمن!! بعد إثارة الفوضى وترويج العنف.. عبر الهراوات والأحجار والأدوات الحادة. لقد أصابنا الملل.. وداهمتنا المتاعب.. وتكالبت علينا الأضرار ونجن مجبرون على أن نتعايش مع ضجيج الخيام.. ومع التوتر والقلق الذي صنعه (معتصمو الخيام).. فيا أخوتي.. ويا أصدقائي مثلما لكم الحق في التظاهر والتعبير السلمي عن آرائكم وقناعاتكم.. نحن لنا الحق أن نعيش بهدوء وأن تكون لنا حياتنا ومعيشتنا.. لقد سرقتم منا هدوءنا ونزعتم منا استقرارنا الأسري.. فمن يضمن لابنتي الصغيرة سلامتها النفسية.. ومن يراعي الله فينا. لقد اعتصمتم بالخطأ أيها المعتصمون وفي غمرة مطالباتكم بحقوقكم أهدرتم حقوقنا.. واعتديتم عن سابق إصرار على خصوصيتنا وحياتنا.. فقلدكم الله.. أن تعيدوا لنا حقنا في الحياة والهدوء دون قلق ودون توتر وحسبنا الله ونعم الوكيل!!.