محافظة ابين تكاد تكون أكثر محافظة تعيش اوضاعا استثنائية حرجة منذ فترة طويلة جراء التوغل المريب للجماعات الإرهابية المسلحة من أعضاء تنظيم (القاعدة) يساندها بعض الشباب الذين قذف بهم الطيش والبطالة الى هذا المنحدر السحيق، الأمر الذي ادخل المحافظة في موجة من اعمال العنف والتخريب والفوضى والاغتيالات البشعة التي استهدفت الافراد والضباط المنتسبين للأمن السياسي والأمن العام والجيش وقد فاق عدد الشهداء 185 بين ضابط وصف، وثلاثة اضعافهم من الجرحى والمصابين لا ذنب لهم غير انتسابهم الى المؤسسة العسكرية والأمنية. وبالتأكيد ان لم ينل المجرمون العقاب من القانون والدستور فالله الذي حرم قتل النفس وفضل عليه سقوط الكعبة المشرفة حجرا حجرا، كفيل بالعقاب الشديد في الآخرة. الحاصل ان ابين صارت مسرحا مروعا للجماعات المسلحة التي عاثت في أرض بعض مناطقها ومديرياتها ابشع صور الفساد والخراب بعد ان نجحت بعدوانها الهمجي الغاشم بقوة السلاح في اسقاط بعض المديريات في أيديها وأبرزها مديرية خنفر (جعار) المنطقة الاقتصادية الخصبة ومعها مودية ولودر وغيرها واستولت على المقرات الادارية للسلطة المحلية والمعسكرات الأمنية، والأمر تعدى ذلك فإنها تأمر وتنهى نيابة عن الأمن والقضاء والسلطة المحلية وتتحكم بمصائر الناس الذين أضحوا بين ليلة وضحاها يتعايشون معهم بصورة يومية. لكن اللافت للنظر ان ابين رغم ما ذكر سلفا مازالت قوية ولديها القدرة على تحطيم هذا التحدي واجتاز ابناؤها المؤمنون بالله وقضايا الوطن المصيرية كل عوامل وجسور الخوف والترهيب والقوة رافضين الاذعان لأي كان.. ويثبت صدق ما نقوله عن قدرة ابين بأبنائها حضورهم القوي والفاعل في لحظات المحن ومراحل الحسم الصعبة إذ لم يكونوا في تاريخهم الحافل بالنضال والعطاء من التضحيات السخية في معزل عن الاحداث العظيمة وعرف عنهم السير في صفوف النسق الأول للدفاع عن الوطن والثورة والوحدة، ولفت الكثير من أبناء المحافظة ورموزها ونخبها الانظار بحضورهم المدهش ومشاركتهم الفاعلة في جمعة التمسك بالشرعية الدستورية وتأييد خطوات الرئيس الصالح في الحوار وتجنيب البلد الدمار وسفك الدماء وهتفوا مع الملايين من أبناء الشعب اليمني في ميدان التحرير والسبعين (الشعب يريد علي عبدالله صالح) قالوها من الأعماق دون زيف أو مزايدة أو نفاق. أبين التي خلد رجالاتها بمواقفهم الجسورة لن يكونوا اليوم أدوات بيد أحزاب (المشترك) وحزب (الإصلاح) تحديداً الذي تقود قيادته المتطرفة الوطن إلى الجحيم بعد أن اخترقت ثورة شباب التغيير في ساحة الاعتصام أمام جامعة صنعاء وغيرها من المحافظات وغدرت بطموحاتهم ومطالبهم وأذلتهم واستخدمت أسوأ صنوف العدوان والعنف ضد الناشطين والناشطات والإعلاميين والصحافيين، والقاصي والداني يعرف ذلك ولا حاجة للتفاصيل، وهنا استقيظ الشباب على ثورة مسروقة وعلى رهان خاسر، وجدوا حميد الأحمر وعبدالوهاب الآنسي ومحمد قحطان والزنداني والديلمي .. .الخ يتزعمون ثورتهم ويتكلمون ويخاطبون العالم والرأي العام نيابة عنهم ما جعلهم أو السواد الأعظم منهم يفضلون مغادرة الساحات والبقاء في منازلهم في حالة انكسار لم تكن في الحسبان. أبين في الوقت الراهن لم تقف في معزل عن هذه الأمة المتفاقمة التي تهدد الوطن والأمة والسلم الاجتماعي والأهلي كون أبنائها لايعرفون الخذلان والسلبية وهاهو التاريخ يعيد نفسه بتلك الهبات الفذة وسيكون لأبناء أبين فعلهم الحقيقي على واقع الأرض والمؤشرات تلوح في فضاءات الأفق. على الأرجح أن هناك من القيادات أو الأفراد متخاذلين وهاربين ويعملون بشريحتين لكنهم معروفون وقد سقطوا بغيابهم في هذا الوقت العصيب وتفرغهم لمصالحهم الشخصية الضيقة ونحن كصحافيين والصحفي مؤرخ اللحظة كما هو معروف لن نتردد في الوقت المناسب في فتح ملفاتهم السواء على حلقات وتحديداً المحسوبين على المؤتمر الشعبي الحاكم في هذه المحافظة الجبارة بعد ان سئمنا من بقائهم كأسماء قيادات لا وجود لها على الواقع. بقي أن نحيي بحرارة المواقف الرائعة لمحافظنا المخلص اللواء صالح الزوعري الذي أثبت منذ تسلمه مهام عمله قبل نحو ثلاثة أشهر أنه رجل بحجم المرحلة .. لن نقول ذلك لمحاولة كسب رضاه ومنافقته بل هي الحقيقة ونحن نعايش خطواته عن قرب وقدرته في التغلب على المصاعب في أسوأ الأوضاع. إن صمود المحافظ الزوعري وتعامله مع واقع ملغوم وصبره على كثرة المشاكل والمظالم والجراحات والملفات المأزومة ومعالجتها بمرونة وحكمة قد بعث التفاؤل والأمل في لملمة شؤون المحافظة وتلبية احتياجات الناس، مع أن رضاهم غاية لاتدرك.