أدى ملايين اليمنيين أمس صلاة الجمعة (جمعة الوحدة) في الساحات العامة بأمانة العاصمة صنعاء وعموم محافظات الجمهورية. وفي خطبتي صلاة الجمعة بميدان السبعين بالعاصمة صنعاء دعا خطيب الجمعة إلى الوحدة والاصطفاف الوطني والرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عملا بقوله سبحانه وتعالى (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)( آل عمران103). وقال: «وكنتم على شفا حفرة من نار الافتراق والانشقاق والتباعد والتناحر وسفك الدماء وقطع الصلاة، كنتم على شفا حفرة من التباين في الأفكار والابتعاد عن توجيهات رب العالمين وسنة نبيه الكريم، حتى جاء الإسلام فأنقذكم منها وجمعكم وعزكم من فرقة وذلة الجاهلية». وأضاف: «جاء الإسلام ليجعل للمسلم على المسلم حقوقا ويقدس الدماء ويحرم كل مظاهر الاعتداءات على المسلمين في ما بينهم».. مشيراً إلى التوجيه الرباني في قوله سبحانه وتعالى (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ). ودعا من ابتعد عن توجيهات رب العالمين وأهمل سنة خاتم الأنبياء والمرسلين إلى التأمل في الآية الكريمة (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا...) وسد كل الطرق الموصلة إلى سفك الدماء وقتل النفس المحرمة. وتابع : «من أجل ذلك حرم الإسلام التباغض والتقاطع والتحاسد بين المسلمين وحرم الغيبة والنميمة والعقوق بين المسلمين وحرم احتقار المسلم وامتهانه لأخيه المسلم، وحرم الخروج على طاعة ولي الأمر وإعلان المعصية والدعوة إلى ما يسمونه بالعصيان المدني». ومضى قائلاً: «نقف اليوم وإياكم مع توجيهات رب العالمين ونهيه لعباده بعدم التنازع قال تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) توجيه من خالق الإنسان وهو عليم بما يضرهم وما ينفعهم. وأوضح أن نيران الخلافات عندما تنشب بين المسلمين وتنشق عصا الطاعة ومفارقة الجماعة تنتهك الحرمات وتنتشر الفوضى ويعم الشر.. مستشهداً بحديث المصطفى عليه الصلاة والسلام القائل عند اشتعال نيران الفتنة « الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها، الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها». وتسأل خطيب الجمعة عن أولئك الذين أشهروا معاول الجهل والضلال ليدمروا منجزات ومقدرات الوطن ويمزقوا وحدته.. أين هم من قول الله عز وجل (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ).. وأين هم من قوله سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ). وقال : «إنهم ثائرون على توجيهات كتاب الله ونبيه المصطفى الذي قال في الصحيحين «أسمعوا وأطيعوا وإن تأمر عليكم عبد حبشي رأسه كأنه زبيبة» وقوله أيضاً» من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني»، ويوم سأله عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه عن زمننا هذا الذي تكثر فيه الفتن والمحن قال له: فما نفعل إن أدركنا هذا الزمن قال عليه الصلاة والسلام « تسمع وتدعو للأمير وان أخذ مالك وضرب ظهرك». وبين خطيب الجمعة أن أولئك المفلسين يعبثون بأرواح اليمنيين وبمقدرات ومنجزات الأمة، و يتطاولون على أمن واستقرار الوطن ووحدته.. متسائلاً أما آن الاون لهم بالرجوع والعودة إلى جادة الصواب وتحكيم العقل والمنطق وعدم زج الشباب وتغريرهم للزحف إلى المقرات الحكومية والمواجهة بغية سفك الدماء وإزهاق مزيد من الأرواح والضحايا الأبرياء. كما تساءل خطيب الجمعة قائلا: «أما آن لهم أن يتقوا الله في الدماء التي سفكت وفي الأمانة التي هجرت، أما آن لهم أن يتقوا الله في أمن اليمن، أهانت على هؤلاء دموع الأمة والأمهات الخائفات، أهانت عليهم سلامة اليمنيين أهانت عليهم بساطة المعتمدين المقبلين على الله؟!». وقال خطيب الجمعة: «رباه إليك نشكو صانعي الفتن، العابثين بأمن الشعب، المفلسين فلا أخلاق تردعهم ولا ضمائر تنهاهم عن الدرن، قتل وهدم وتدمير بلا وجل ولا حياء، إليك نشكو شرذمة من بني جلدتنا تكبرت وطغت على ولي الأمر خرجت والاحتكام لكتابك وسنة نبيك رفضت والى الشوارع والطرقات احتكمت وبأبنائنا غررت ونهجها المسود ضلت وأضلت». وأضاف : «اللهم إنا نشكو إليك أرواحا أزهقت ودماء أريقت وحرمات انتهكت وأطفالاً يتمت ونساء رملت ومصالح عطلت ولسانا بترت وأبوة أهينت وبأقدام أبنائها ركلت فأنت الحاكم والعادل».. داعياً من يذكون الفتن ومن يصبون الزيت على النار إلى عدم زج الوطن في أتون الصراع والانقسام. وحذر الخطيب من وصفهم بدعاة الفتن والخراب والدمار من يومٍ لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله، من يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، من يوم يقفون بين يدي رب العالمين لا يملكون الكلام ولا الدفاع يومها ولا يقبل منهم جار المستجيرين ولا مرافقين ولا سلطان ولا جنود ولا عاصم لهم من أمر الله إلا من رحم الله . وذكًرهم بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام في أهل اليمن والذي وضعه عقداً فريداً وشهادة عظيمة خالدة لأهل اليمن إلى يوم القيامة لا تزول إذا مازالت الأيام والشهور والسنون عندما قال «الله أكبر جاء أهل اليمن هم أرق قلوبا وألين أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان». وتابع : «يا من خرجتم اليوم إلى الساحات بأمانة العاصمة وعموم المحافظات تبتهلون إلى رب العالمين وتسمعون قنوات الضلال والإضلال من أثاروا الفتن وأقلقوا الأمن وسلبوا الحرية والسلام أن الحبل بينكم وبين رب العالمين لازال موصولا، فادعوا الله وابتهلوا وتضرعوا إليه». وتساءل الخطيب إلى أين يذهبون بشباب الأمة، لمن يقدمونهم قرابين من أجل الوصول إلى مصالحهم الدنيئة التي ستزول، إلى أين تقدمون شباب الأمة إلى تدمير مبادئهم وقيمهم، تقدمونهم إلى الهلاك، كيف تستنصرون وانتم تعيثون فسادا في الأرض، كيف تستنصرون وأنتم تدمرون الأخلاق؟ وأوضح أن الملايين التي خرجت في جمعة الوحدة إنما توصل رسالة إلى أعداء الوطن والوحدة والحرية والسلام والتسامح والتصالح وتقول لهم نعم للأمن والأمان، نعم للاستقرار، نعم للشرعية الدستورية، نعم للحوار. ومضى قائلا: «إن الشعب اليوم انقسم إلى قسمين الأول يقول إرحل مخالفاً بذلك كتاب رب العالمين ونهج النبي الكريم، فيقولون أرحل فيما القسم الثاني يخرج أضعاف من يدعون إلى شق عصا الطاعة ومفارقة الجماعة، أضعاف من يدعون إلى سفك الدماء وترويع الآمنين، ويقطعون السبيل ويمنعون وصول المؤن إلى المدن والقرى، قسم مؤيد للأمن والاستقرار ومؤيد للحوار والشرعية الدستورية».