شكلت فضية كأس إفريقيا للأمم 2004 خلف المنتخب التونسي آخر نتيجة جيدة حققها المنتخب المغربي لكرة القدم، حيث توالت بعدها النكسات والتواضع توجها بالغياب عن كأس إفريقيا 2010 بأنغولا واحتلال الصف الأخير في مجموعة ضمت الكاميرونوالغابون وتوغو الذين تأهلوا وتركوا المغرب وحيدا خارج السباق. ويطرح الكثير من المهتمين بالشأن الكروي بالمغرب والعالم العربي والإفريقي عدة أسئلة حول تراجع كرة القدم المغربية قاريا، رغم وجود مادة خام لا تقل مستوى عن أبرز المنتخبات الإفريقية. وحاول الإتحاد المغربي جاهدا إعادة الدفء للمنتخب الأول عبر تغيير إدارته الفنية وتسليمها للمدرب البلجيكي إيريك غريتس المعروف بنجاحه مع عدة فرق أوروبية وعربية والمشهور أيضا بعمله التقني المميز. لكن هل يكفي تغيير الإدارة الفنية لعودة أسود الأطلس للتألق؟ يصعب الإجابة عن السؤال في ظل استمرار تواضع المستوى وتراجع النتائج، فالمنتخب المغربي يشارك في التصفيات المؤهلة لأمم إفريقيا 2012 في المجموعة الرابعة والتي تضم كلاً من الجزائر وجمهورية إفريقيا الوسطى وتنزانيا. نتائج عكسية واعتقد الجميع في ظل تراجع مستوى الخضر أن المغاربة سيلتهمون المجموعة ويتصدرونها بسهولة، لكن النتائج جاءت عكسية، تعادل بالميدان أمام إفريقيا الوسطى وفوز خارج الميدان على تنزانيا وهزيمة أمام الجزائر بعنابة وهي نتائج جعلت الفرق الأربع تتواجد كلها في الصف الأول بنفس الرصيد 4 نقط. نتائج تطرح أكثر من سؤال حول أسبابها خصوصا إذا علمنا أن أسود الأطلس لم يتمكنوا من تحقيق الفوز في المغرب في لقاء رسمي منذ 2008/10/11 حيث هزموا المنتخب الموريتاني. فعلى الصعيد البشري يتوفر المغرب على ترسانة قوية من اللاعبين، وعكس مجموعة من منتخبات القارة السمراء ظل يكتشف سنويا مجموعة جديدة من النجوم الصغيرة والشابة وتلعب في فرق أوروبية كبيرة وهو ما يجعله في وضع جيد دائما. فقد أضيف للمجموعة السابقة والتي يقودها الحرس القديم المتكون من الحسين خرجة لاعب انتر ميلان الإيطالي ومروان الشماخ لاعب أرسنال ومبارك بوصوفة لاعب أنجي الروسي حاليا وأندرلخت البلجيكي سابقا ولاعب نانسي الفرنسي كريستيان بصير ويوسف حجي ولاعب أدونيي الإيطالي المهدي بنعطية. وهناك عدة وجوه جديدة أبرزها عادل تاعرابت لاعب كوينز بارك رينجرز وأسامة السعدي لاعب هرينفن الهولندي والمهدي كارسيلا لاعب ستاندار دولييج ولاعبي مونبلييه الفرنسي عبد الحميد الكوثري ويونس بلهندة وينتظر التحاق الثالث كريم أيت فانا، ولاعب فتيس ارنهايم العيساتي إسماعيل ونورالدي لمرابط لاعب قيصر سبور التركي ويوسف العربي لاعب كان الفرنسي. أسماء واعدة كما يتواجد في الدوري المغربي عدة أسماء بإمكانها إعطاء الإضافة للأسود في ظل عودة الأندية المغربية للتألق قاريا بعد فوز الفتح بكأس الكاف وتأهل الغريمين الرجاء والوداد لدوري المجموعات بعصبة أبطال إفريقيا. ويعتبر لاعب الرجاء رشيد السليماني أحد الوجوه الجديدة رفقة كل من عادل الكروشي والمهدي قرناص لاعبي الجديدة وأيوب الخالقي لاعب الوداد ولاعبي المغرب الفاسي الشيحاني ولمراني. تواجد المادة الخام بوفرة في اللاعبين لا يوازيها تطور في النتائج رغم كون المغرب بهذه الترسانة البشرية يعتبر الثالث إفريقيا بعد الثنائي غانا والكوت ديفوار، لكنه يتخلف عنهم كثيرا سواء على صعيد النتائج أو الترتيب القاري والعالمي. لا أسباب موضوعية ويظهر أن الاستعصاء الموجود والتراجع لا وجود لأسباب موضوعية له، فحتى عندما يتهم البعض اللاعبين بغياب القتالية في الملعب، ينسى أن المغرب كان دائما معروفا بلعبه الأنيق والممتع حتى سمي في بعض الأوقات ببرازيل إفريقيا، لكن غياب الحماس والفشل يبقى ذا طابع نفسي عموما فتوالي النتائج السلبية أثر على اللاعبين وأفقدتهم التركيز. كما غاب الحظ والتوفيق في مجموعة من اللقاءات خصوصا في التصفيات المزدوجة لكأسي العالم وإفريقيا 2010. وزاد الطين بلة تعدد الاختيارات الفنية حيث بدأ المغاربة التصفيات بفتحي جمال الذي أهلهم للدور الثاني ثم استقدم الفرنسي روجيه لومير الذي فشل في 3 لقاءات قبل أن تأتي ما أصبح معروفا لدى المغاربة بالتركيبة الرباعية التي أنهت التصفيات بهزيمتين قاسيتين أمام الغابونوالكاميرون. ويعقد الكل آمالا كبيرة على مقابلة العودة أمام الجزائر في الرابع من حزيران/يونيو لتشكل الانطلاقة الجديدة لأسود الأطلس، خصوصا أن المدرب غريتس أخذ ما يكفي من الوقت لمعرفة كل كبيرة وصغيرة تهم المنتخب المغربي ولا تنقص سوى بصمته التكتيكية والفنية والتي بإمكانها أن تحرر الأسود من الضغط وتجعلها تنطلق بحرية في غابة القارة السمراء. لا مكان للأعذار ولن يستطيع أحد إيجاد الأعذار مستقبلا للمدرب البلجيكي، خصوصا وأن هزيمة الذهاب وجد لها الكل مبررا في التحكيم، لكنها بالمقابل أكدت ضعف المنتخب الجزائري وابتعاده عن مستواها الذي أهله للعب كأس العالم الأخيرة وهو ما يفرض على غريتس ومجموعة الفوز نتيجة ومستوى لإعطاء إشارات قوية تطمئن الأنصار. ويملك الطاقم التقني الحالي للمنتخب المغربي كل ظروف النجاح وتحقيق الانتصارات، وتجاوز الحاجز النفسي الذي أصبح يهز كيان المنتخب بفعل توالي النتائج السلبية، وقد يبتسم الحظ للمغاربة ويحققون انتصارا على الجزائر يعبد الطريق للعودة إلى المستوى القاري الذي يليق بهم وبترسانتهم . ويستعد المغرب لتنظيم عدة مواعيد قارية وأبرزها كأس إفريقيا للأمم 2015 حيث سيكون المنتخب أنذاك تتشكل نواته الصلبة من عدة أسماء تتواجد حاليا، ما يفرض عليها التواجد قاريا خلال أمم إفريقيا 2012 و2013 لكسب المزيد من الخبرة ومقارعة الأفارقة للاستعداد، ليس لتمثيل المغرب بشكل جيد في 2015، بل لخطف ثاني لقب قاري تحول في نظر البعض إلى حلم شبه مستحيل.