تحلم وردة التي تدرس المحاسبة بالعمل في الخارج. وتطمح الطالبة الانيقة معسولة اللسان التي تبلغ من العمر 22 عاما ان توسع مداركها لكن عندما يتعلق الامر بالاسلام ترفض التشكيك في التفسيرات المتشددة لرجال الدين والمحاضرين في انحاء البلاد. ووردة واحدة من بين اكثر من ربع مليون طالبة باكستانية في المعاهد الدينية الخاصة بالسيدات حيث تشهد النساء الموسرات صحوة في الدين على حساب حالة انعدام التسامح الآخذة في التفاقم. وفي دولة يحكم المتطرفون المسلمون فيها قبضهم ببطء على المجتمع أزداد عدد المعاهد الدينية الخاصة بالنساء خلال العقد الماضي في ظل اخفاق النظام التعليمي الحكومي وزيادة الاتجاه المحافظ بين الطبقتين الوسطى والعليا. وتقول مسعودة بانو الزميلة بمجلس الابحاث الاقتصادية والاجتماعية ببريطانيا انه كثيرا ما يشجع الاباء الفتيات على الدراسة في المعاهد الدينية بعد انهاء الدراسة الثانوية او الجامعة كبديل لسوق العمل الاخذ في التقلص والذي يهيمن عليه الرجال الى حد بعيد ولضمان عدم انجرار الفتيات اللاتي ينتظر الزواج الى علاقات عاطفية. لكن مثل وردة فان كثيرا من الطالبات في المعاهد الدينية المسجلة وعددها الفان او نحو ذلك طالبات جامعيات او خريجات يبحثن عن فهم افضل للاسلام بالاضافة الى ربات المنازل اللاتي يشعرن بالضغط لزيادة ايمانهن مثل كثيرين في المجتمع الباكستاني. وقالت وردة التي شجعها جيرانها على الالتحاق بدورة في معهد ديني للسيدات "استمعت لما قالوا وفكرت ان هذا هو ما يجب اتباعه واردت ان اتعلم اكثر عن ديني." وسئلت عن مقتل حاكم اقليم البنجاب في وقت سابق من هذا العام بسبب معارضته لقانون التجديف المثير للجدل فقالت بدون تردد ان مقتل سلمان تاسير على يد حراسه كان الشيء الصحيح. وقالت "اذا اطلق الناس ...على انفسهم مسلمين وهم مواطنون بجمهورية باكستان الاسلامية فلا يجب حينئذ ان ينتقدوا هذا القانون. "انا اسفة ان اقول هذا لكن هذا ما يستحقه." وتتجه باكستان الدولة المسلحة نوويا وغير المستقرة سياسيا وحيث تنشط القاعدة وطالبان نحو التشدد الديني منذ الثمانينيات تحت حكم الرئيس الراحل الجنرال محمد ضياء الحق. ورعى ضياء الحق الذي حصل على دعم الولاياتالمتحدة ضد الاحتلال السوفيتي في افغانستان المتشددين الاسلاميين واستخدم الاموال الامريكية لتحويل مجتمع كان معتدلا ومتسامحا الى مجتمع متشدد. ولم تساعد الحكومات الضعيفة في السنوات التي تلت ذلك في وقف المد المتشدد ولا تزال المشاعر المناهضة للولايات المتحدة قوية. وتشتهر المعاهد الدينية الباكستانية للرجال بتخريج مقاتلين متشددين من خلال تفسيرها المتشدد لتعاليم الاسلام. ويقول خبراء ان مدارس النساء تماثل مدراس الرجال خطورة رغم ان الملتحقات بها افضل تعليما واكثر ثراء. وقال كمران بخاري مدير الشرق الاوسط وجنوب اسيا بمؤسس ستراتفور العالمية لمعلومات المخابرات ان المعاهد الدينية للسيدات "تستهدف النساء لانها تعرف ان هذا هو المكان المناسب لغرس البذور.. "النساء سيتزوجن وسيربين اطفالا. انهن سيشكلن النموذج والمعيار داخل المجتمع بمرور الوقت." وفي المعاهد الدينية الخاصة بالرجال يستطيع الاولاد ان يجدوا المأوى والمطعم بالمجان او مقابل اموال زهيدة وهو ما يعني ان اغلب الطلاب يكونون في الغالب شديدو الفقر او من مناطق نائية او ريفية. ويراجعون القران كل يوم ويستمعون الى المحاضرات من معلمهم الذي يفقر غالبا الى الفهم المتعمق للدين. اما معاهد النساء فتتراوح الرسوم الشهرية فيها بين ثلاثة الاف واربعة الاف روبية في الشهر وهي تقريبا نفس رسم الالتحاق بكلية خاصة. وعادة ما تستمر الدراسة لاربع سنوات وتدرس النساء بالاضافة الى حفظ القران النصوص والاخلاق والمواعظ الاسلامية. وقال حيدر موليك محلل الشؤون السياسية والزميل بجامعة جوينت سبيشيال اوبريشنز الامريكية "هناك مشكلات خطيرة متعلقة بهذه الانواع من المدارس. بعضها يربي التسامح لكن ليس المشاركة في هذا النوع من الهجمات او القتل الذي نشهده.".