هل يصدق معك قلبك عندما يخبرك بأن تلك الفتاة هي الحبيبة وأنها هي الشاطئ الذي سترسو عنده وتطوي أشرعة الحب وستحتفل معها وترشفان من نخب الكؤوس سعيدين لأنكما التقيتما وتشعر بأنك مثل قبطان ماهر قهر الموج والعواصف حتى بلغ ما كان يسميها جزيرة الأحلام حيث سيحيا فقط مع حبيبته بعيداً عن الضجيج والضوضاء فهي مملكته دون أ ن يملكها أحد معه وحيث سيبني عالمه الصغير ويجعل لحياته قوانين وأهدافاً. نعم كان قلبه يشعره بذلك وأنها هي نجمته التي تلمع بالأفق.. ولم يسأم يوماً الوقوف بطريقها من أجل أن يراها وهي تلحظه بسهام عينيها، وحين رفعت يدها تحييه وقد أبدت تواضعاً وأدباً رفيعاً ورسمت ابتسامة خجولة خفق قلبه بين ضلوعه وأخذ يهيم في بحر من الحب والغرام ويبني بخياله قصور الأحلام وهو يسائل نفسه: كيف سأفاتحها؟ من أين أبدأ؟ كيف سأعرف أنها تحمل لي بقلبها حباً مثل الذي أكنه لها؟. أخذ يؤكد لنفسه: ولكنها تحبني، نظراتها الحانية تقول ذلك وابتسامتها الوادعة تقول ذلك، حتى خطواتها حين تقترب مني تزداد فتوراً كأنها تريد أن تجثو على ركبتيها وتفرد ذراعيها لتقول إنها تحبني وتنتظر لحظات اللقاء بفارغ الصبر. نعم هي كذلك وغداً سأفاتحها بمشروع زواجنا. ينتظرها في اليوم التالي فتمر كالعادة ويعترض طريقها وقد فرد ذراعيه: أهلاً ياحبي العذري. وتبدي حنقها: لماذا تقف في طريقي هل وصلت بك الوقاحة إلى أن تسيء إلى سمعتي. ويجيب: ولكن أنا.. - أنت من؟ - أنا.. - هل شك لسانك؟ من أنت؟ وأطال نظراته إليها ولم يدر ماذا يقول فتردد صوتها: هل أنت أخرس آه أحبك أريدك لي.. - لا تكمل فلست أعرفك ولست أحبك تنح عن طريقي. ابتعد عن طريقها وتوارت عن عينيه وتلاشى كل شيء. هوت قصوره، وتحطمت أشرعته، وجزيرة أحلامه لم تعد ملكه.. كل شيء انتهى وأصبح أطلالاً ورماداً ودخاناً وأخذ يقول: لم أكن أظنك كاذباً يا قلبي. لم أكن أظن تخدعني وتوهمني لم لا تقول لي إنها قاسية؟ لقد قتلتني، قتلت عاطفتي ووأدتني حياً.. آه ما أقساها كنت أظنني سأشرب معها نخب زواجنا وسيباركنا الأقرباء والأصدقاء ولكنني سأحتسي معك يا قلبي كؤوس القهر والعذاب. بل فلتأت يا قلبي لنحتسي كأس السم ونذهب معاً إلى عالم آخر حيث لن تلاحقنا نظرات الساخرين. وأوقفه صوت دوى من عقله: لا أرجوك لا تفقد الأمل فليس كل ما هو جميل لطيف، عليك أن تعرف أن نهاية الشيء بدايته. من أنت؟ أنا العقل. ماذا أصنع؟! ائت البيوت من أبوابها. ولكن أين كنت أيها العقل قبل أن يصبح ألحب سراباً وتغرق أشرعة الحب ويضيع الأمل..؟.