أشاروا له على الطريق.. وقالوا له إنه الطريق إلى الجنة .. وفي الجنة سيجد الحور العين في انتظاره.. أدار المسكين مفتاح سيارته المحملة بالمتفجرات وهو لا يلوي على شيء سوى الهدف الذي أمامه.. وانطلق في الطريق .. عند جولة كالتكس في عدن توقف بالقرب من سيارة عليها جنود أمن وحراسة .. وفجر سيارته.. أسفر الانفجار عن مقتل ثلاثة جنود وإصابة عشرة .. كما أصيب اثنان من المواطنين .. أما هو فقد تحول إلى أشلاء.. وسيارته إلى كومة من الحديد!. خدعوك يا ولدي وقالوا لك إن الطريق إلى الجنة يمر من هنا.. نحن نعرف أنك تريد أن تدخل الجنة.. وهم يعرفون ذلك جيداً.. من اجل ذلك خدعوك .. وضللوك.. قالوا لك إنه الطريق إلى الجنة.. مع أنه ليس هو الطريق إلى الجنة.. بل هو الطريق السريع إلى سقر.. وبئس المستقر! يا ولدي .. أين ذهب عقلك؟.. كيف صدقت أن الطريق إلى الجنة يمر من هنا.. من خلال قتل وسفك دماء وإزهاق أرواح أبرياء.. كانوا مثلك يحلمون أن يدخلوا الجنة! خدعوك يا ولدي وقالوا لك إن هذا هو الجهاد في سبيل الله.. أغلقوا كل أبواب الرحمة والحب والجمال وفتحوا أمامك باباً واحداً فقط.. باب القتل وضرب الأعناق!. يا ولدي.. باب الاجتهاد الذي فتحوه لك لايصح ولا يجوز اليوم في هذا العصر الذي نعيش فيه إلا في فلسطين .. الأرض المغتصبة والمحتلة من قبل اليهود.. وليس في كالتكس في عدن.. ولا في مسجد النهدين في صنعاء.. ولا في مساجد المسلمين في العراق وباكستان وأفغانستان أو في أي مكان! ترى هل حدثوك عن الجهاد الأكبر؟! إنه تربية النفس يا ولدي .. إنه تقوى الله فيما نهانا أن نفعله من المعاصي ما ظهر منها وما بطن .. أكرر .. ما ظهر منها وما بطن .. ثم معاملتك مع الناس.. الدين المعاملة .. هل تسأل عن جارك؟ هل تهتم بأهلك .. ليس الذين في البيت.. أعرف إنك تهتم بهم.. أسألك عن أهلك في الشارع والحي الذي تسكنه.. أهلك في المدينة أو القرية التي تعيش فيها.. هل تقوم بنشاط إنساني في مجتمعك .. نشاط وخطط عمل من اجل القضاء على الفقر والجهل والمرض .. من اجل توفير فرص عمل لكل شاب وشابة بلا عمل وبلا وظيفة.. وذلك لن يتحقق يا ولدي إلا من خلال منظمات مجتمع مدني فاعلة وحقيقية وصادقة ونظيفة! يا ولدي .. إن طوفان الفتنة يوشك أن يغرق البلاد .. هذا الطوفان يريد أن يعيدنا إلى القرون الوسطى وإلى ما قبلها .. يجب أن لا نكتفي بالنظر إلى ما تحت أقدامنا.. المؤامرة أكبر مما نتصور.. وهاهي توشك أن تسفر عن وجهها.. فهل عرفنا حقيقتها بعد.. نحن بحاجة إلى استخدام عقولنا إذن .. وليس حناجرنا ! يا ولدي.. إذا أردنا أن نقضي على هذه المؤامرة وأن نوقف طوفان هذه الفتنة فليس أمامنا سوى الجهاد الأكبر.. أن نشهر سلاح الحب.. وبالقبلات وبالأحضان يا بلادنا يا حلوة بالأحضان.. بالرحمة والتراحم.. والمودة والتفاهم.. بالزهور والابتسامات .. سنقضي على كل المؤامرات .. على كل الأعداء .. أعداء الحياة.. أعداء الله والوطن.. يا ولدي! E-mail : [email protected]