إذا سألت فلاحاً مجرباً عن رأيه ومعرفته وخبرته بالجراد عندما تحل أو تنزل بقرية من القرى ماذا تترك وراءها ؟ يجيبك ذلك الرعوي المجرب على الفور بأن الجراد تأكل الأخضر واليابس وكل شيء .. إلا أن هجمتها الشرسة تلك لها إيجابياتها.. كيف ذلك ؟ يوضح ذلك الفلاح هذه الإيجابيات .. بقوله : " بقدر ما تترك الجراد وراءها خسائر زراعية فادحة إلا أن أفضل زراعة تأتي بعد هذه الهجمة الشرسة للجراد" !!. وكأن هذه الهجمة ضرورية لتصفية وتنقية وتنقيح وتلقيح التربة وتهيئتها وإعدادها لزراعة محصول جيد ومحسن ووافر .. هذا بالنسبة لعلاقة الجراد بالأرض الخضراء فكيف سيكون الحال بالنسبة لعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان على أرضية وطن واحد وقواسم مشتركة واحدة وتاريخ ومصير واحد، إذا حدثت في هذا الوطن أزمة وفوضى وإرباك وتنازع وقتل وقتال بين الإخوة على السلطة ومعاناة بين أفراد المجتمع في أكثر من محافظة ونقص في المواد الضرورية أو المشتقات النفطية وارتفاع الأسعار وانقطاع الماء والكهرباء فهل سيخرج هذا الوطن بعد هذه الأزمة منتصراً على أزمته الراهنة قوياً متماسكاً ومعافى وفي أحسن حال مثل الأرض التي أنتجت أحسن زراعة بعد هجمة الجراد ؟!. لا أحد يحب القتل ولا القتال أو إزهاق الأرواح ولا الفوضى والدمار وإهلاك الحرث و النسل إلا إذا كانت نفسيته شرانية غير مسالمة ولا تجنح للسلم أما المسالمة فلا تلجأ للقتال إلا إذا أجبرت مضطرة للدفاع عن نفسها ومالها وعرضها وفرض عليها القتال . فإن الخالق العظيم العالم بمصالح الخلق قد قال في محكم التنزيل " وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيراً لكم" وقال أيضاً " فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيرا". فالأزمة التي تمر بها بلادنا ستفرز وتصفي وتمحص بإذن الله تعالى من هو مع الوطن وأمنه واستقراره ومن هو المناضل الحقيقي، ومن هو ضد الأمن والاستقرار والسكينة وشعاره الفوضى وتدمير وتفتيت الوحدة الوطنية، وتمزيق البلاد.. إن هذه الأزمة ستعلمنا معنى الصبر على المحن وعند الشدائد والمكاره وستمنحنا القوة والتجلد والإيمان الصادق بالمبادئ الإنسانية السامية وستفضح هذه الأزمة وتعري أصحاب المصالح الضيقة وأصحاب المشاريع الانقلابية وأصحاب النفاق والحاقدين على اليمن والمخربين والمتمردين الذين يكرهون أن يعيش الإنسان اليمني حياة حرة وكريمة ومتطورة ومزدهرة كبقية أفراد الشعوب الأخرى المتحضرة . إن هذه الأزمة ستنقي بإذن الله المتسلقين والمتطفلين والوصوليين ومن شغلتهم أموالهم وأنفسهم وأهلوهم فقط وستخرج وتنبذ كل الطفيليات والجراثيم الضارة داخل هذا المجتمع والوطن المعطاء وستميز لنا هذه الأزمة الخبيث من الطيب بإذنه تعالى حتى يستطيع الشعب اختيار من يمثله في المستقبل وهو قرير العين مطمئن البال، ولا يصح إلا الصحيح.