في ليلة جاءت الأخبار في عجل *** كلافح الجمر في الأحشاء مشتعل مات (الحبيشي، حسين) دونما علل *** في زحمة الشغل والإنهاك والعمل روح (الحبيشي) سما فوق السما هربا *** من فتنة تشعل النيران في القبل وتغرس اليأس في الشبان تبعدهم *** عن التفاؤل والإيمان والأمل وتجعل الناس في فوضى تفرقهم *** في طيشها بين وحش الغاب والدغل روح سما في جوار الله منزله *** مع الهداة وأهل النجدة الأول قد ضاق بالجسد الفاني ففارقه *** إلى الخلود وأسلمه إلى الأجل ********** أيا (حبيشي، حسين) أنت قلت لنا *** تفنى الحياة، ويبقى صالح العمل مالي أراك تركت الناس في بلدي *** حيرى كما الطفل إن هو فاقد الأمل؟ ألم تكن مستشار القوم إن دهمت *** مأساتهم في الصحاري أو قرى الجبل؟ ألم تكن صانع الدستور في وطني *** عند الحوار بلا زهو ولا جدل؟ ألم تكن شعلة ضاءت مسالكنا *** قبل التوحد، لا تخشى من الفشل؟ ألم تكن في لجان الصلح مدرسة *** تعلم الناس دوماً أفضل السبل؟ يا صادق الرأي قد كانت مبادئكم *** حقاً وصدقاً، بلا زيف ولا خطل حاربت بالعلم شر الجهل منتصراً *** للنور والعدل والقانون والمثل أقمت للعلم أبراجاً محصنة *** رميت منها ذراع الجهل والشلل وتلك (بلقيس) تحكي عنك معجزة *** أحييت بالعلم فيها فاقد الأمل فالعلم مجد رديف العز ما برحت *** تبنى به شامخات عزة الدول ******** أيا (حسين) فقيد الشعب ما فتئت *** أطياف روحك تنجينا من الزلل قد كنت فينا كنوح في سفينته *** أنقذت جيلاً من التضليل والدجل وقدت في حكمة الربان في ثقة *** سفينة العدل والقانون والمثل جرت يداك على آلام أمتنا *** فصرت أعرف بالأدواء والعلل سطعت كالنور في ظلماء عتمتنا *** سجلت بالعزم فينا أروع المثل جسدت صورة جيل ماجد فطن *** صلب الإرادة، بالأحداث منفعل على طريقك أضحى الجيل منضبطاً *** يسير في ثقة، يعطي بلا كلل فاهنأ بخلدك في الجنات منشرحاً *** ما دمت علمت جيلا غير منخذل ******** إن الوفاء لأستاذي يحفزني *** لكي أقول رثاء فيه في عجل لم أذرف الدمع عند البين من هلع *** ولا تأوهت عن ضعف ولا وجل لكنه الحب للأستاذ ديدنه *** أن يذرف الدمع عند الحادث الجلل إن التراث الذي أودعته وطني *** مازال حيا، هو الباقي مدى الأزل كأنما روحك الوهاج يلهمنا *** تبارك الله - رغم الموت - لم يزل