فقدت بلادنا الشهر الماضي واحداً من أوفى وأنبل الرجال ومن أكثرهم عطاء على مدى العقود الستة التي عا شها بين ظهرانينا. لقد كانت فجيعتنا بوفاة الشخصية الاجتماعية والتربوية والرياضية (حسين إبراهيم نجاشي ) كبيرة، كما كانت كذلك عند كل من عرفه وتعامل معه في مختلف المواقع التربوية والرياضية ومواقع العمل الاجتماعي المختلفة. لقد نذر حياته وسخر ربيع عمره وعنفوان شبابه لصالح المجتمع في كل الأوقات وكانت ثمار جهوده الكبيرة والمضنية تنصب لصالح التربويين والرياضيين بشكل خاص والأرض والوطن بشكل عام. كان كريماً في عطاءاته، صادقاً في وفائه، نبيلاً في أخلاقه وقد عكست هذه الصفات الإيجابية نفسها على علاقاته الاجتماعية الواسعة ومع كل من تعامل معه على مدى عقود من الزمن. كان مثالا للمثابر في عمله، الباحث عن أوضاع مثلى للمواقع الرفيعة التي تبوأ مسؤولياتها بدءاً من إدارة النشاطات المدرسية في التربية والتعليم ومروراً بناديه ( الوحدة بالشيخ عثمان ) وبفروع الاتحادات الرياضية، وصولاً إلى أرفع المناصب القيادية في الاتحادات الرياضية واللجنة الأولمبية اليمنية ومكتب الشباب والرياضة بعدن واستطاع أن يحدث تغييرات ملموسة في هذه المواقع بحنكة القائد المطلع على كل أمورها، الملم بأنظمتها ولوائحها وقوانينها، وكان ذا معرفة ودراية ونضج بكل ما يتعلق بشؤونها، مما جعل الرياضيين يطلقون عليه اسم ( الموسوعة ) بكل جدارة واستحقاق. كان نموذجاً للقيادي المكافح الباحث عن أوضاع مثلى للحركة الرياضية في بلادنا، كما كان قيادياً ناجحاً ومن طراز فريد في قيادة العمل في المواقع الرياضية التي تبوأ مسؤولياتها، وبرغم مواقعه القيادية كان من المعتاد أن تجده في الملاعب يحدد أبعادها، ويقوم بنفسه بتخطيطها، ولا يقوم بدور المسؤول الذي يراقب ما يجري أمامه من بعد. كان إدارياً خلاقاً استطاع أن يقود عمله في مختلف المواقع بكل اقتدار، وأتم عمله بالكفاءة والنزاهة وحس المسؤولية. عندما كان عام (1985) سكرتيراً عاماً للجنة الأولمبية، جاءت فكرة تنظيم ( كأس التفوق الرياضي العام )، لتطرح نفسها بقوة أمامنا، ولم تمر أيام قليلة حتى كان يطرح أمامنا في المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية اللائحة المركزية للمسابقة والألعاب التي ستخضع للمسابقة والملاعب التي ستقام عليها وكانت مسابقة رائدة ومثيرة وناجحة شارك فيها المئات من اللاعبين واللاعبات والعشرات من الإداريين والفنيين. كان في عنفوان شبابه وأوج عطاءاته عندما حدثت مأساة 13 يناير 1986م، حيث فقد عمله في المجلس الأعلى للرياضة، كما فقد الرياضيون جهده وتفانيه في اللجنة الأولمبية. ولأنه كان ذا إرادة وعزيمة صلبة فقد امتص نتائج هذه المأساة عليه وفيما بعد عمل على تطوير الألعاب الرياضية في القوات المسلحة عندما ألحق بها كمجند بخلاف القانون. توسم فيه معالي الأخ د. عبدالوهاب راوح وزير الشباب والرياضة السابق، أن يحدث نقلة نوعية في عمل مكتب الشباب والرياضة بعدن. فقام بتعيينه مديراً عاماً للمكتب عام ( 1998م ) ولم يخب ظن معالي الوزير واستمر يقود العمل في المكتب حتى عام 2004م وكان في هذه المرحلة قد انتقل الأخ الوزير إلى موقع آخر وللأسف الشديد عندما لم يستطيع أن يوفر موارد. إضافية كان قد طلبها أحد المسؤولين الكبار في الوزارة لمصلحته الشخصية وليس لمصلحة عمل المكتب بعدن أو حتى الوزارة بالمركز، وبسبب عدم موافقته على التوقيع على كشوفات توزيع الأراضي للرياضيين خلف الصالة المغلقة بسبب ضمها اشخاصاً ليست لهم علاقة برياضة عدن، استطاع هذا المسؤول أن يقنع الوزير الجديد بإحالة حسين إلى التقاعد بحجة أنه كان يجب أن يحال إلى التقاعد في وقت سابق.. رغم أن هذا الوزير نفسه كان قد أصدر قراراً بتمديد خدمته لعامين .. لم يمر منهما سوى ستة أشهر فقط عندما أحاله إلى التقاعد. وفي الأشهر الأخيرة داهمه المرض .. وخاصة مرض السكر حيث ساءت حالته وتدهورت شيئاً فشيئاً حتى لقي ربه يوم 12/ 12/ 2011م. رحمك الله أيها العزيز وأسكنك فسيح جناته ، ( إنا لله وإنا إليه راجعون ).