على امتداد الأيام الماضية خاض أبطال القوات المسلحة والأجهزة الأمنية واللجان الشعبية، معارك حاسمة ضد الجماعات المسلحة الإرهابية التابعة لتنظيم (القاعدة) من مختلف الجنسيات في المناطق الوسطى والساحلية لمحافظة أبين، حيث سعت هذه الجماعات منذ فترة ليست بالقصيرة لإقامة إمارة (إسلامية) تسترشد بنمط حكم نظام (طالبان) الذي ألحق بالشعب الأفغاني رجالا ونساء ويلات وكوارث مدمرة بعد أن قدم صورة مشوهة للإسلام ومبادئه وقيمه السامية، وجعل من أفغانستان منطلقا للإرهاب الذي يهدد الأمن والسلم الدوليين. وكان حصاد المعارك التي خاضتها القوات المسلحة بدعم من جماهير الشعب كبيرا وعظيما، حيث اجترح المقاتلون البواسل من أبطال القوات المسلحة واللجان الشعبية انتصارات بطولية وتضحيات جسورة توجت بتحرير جبال المنطقة الوسطى وطرقاتها ومدنها وقراها من فلول الإرهاب، وتكبيد الجماعات الإرهابية عشرات القتلى ومئات الجرحى، وتدمير حصونهم الدفاعية والعديد من تجهيزاتهم القتالية، ومحاصرة ما تبقى من المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعات الإرهابية المسلحة والتقدم نحو جعار وزنجبار، وأسر عشرات الإرهابيين من مختلف الجنسيات. والثابت أنّ الحرب التي تخوضها الدولة والمجتمع ضد الإرهاب لن تنتهي - بحسب قول فخامة رئيس الجمهورية المشير عبد ربه منصور - إلا بتحرير كافة المحافظات من قوى الإرهاب واستعادة سلطة الدولة وتطبيق القانون وحماية السلم الاجتماعي، بمعنى أنها معركة وطنية لا تحتمل أي شكل من أشكال التراخي أو المداهنة أو الحياد أو المواقف الرمادية. ولئن كانت الانتصارات الكبيرة التي تحققت خلال الأيام الماضية في الحرب على الإرهاب على امتداد المحافظات الجنوبية والشرقية، قد تعمدت بدماء وتضحيات الشهداء والجرحى الأبطال من مقاتلي القوات المسلحة واللجان الشعبية، فإنها قدمت برهانا أكيدا على أنّ المواجهة الحاسمة مع قوى الإرهاب ممكنة مهما كانت التضحيات والتحديات إذا توافرت الإرادة السياسية الصادقة والتلاحم الوطني العميق بين الجيش والشعب، الأمر الذي يشكِّل حافزا قويا لمواجهة كافة التحديات والمشاكل والتشوهات والأزمات التي ألقت بظلالها الثقيلة على الدولة والمجتمع، وألحقت أضرارا كبيرة بالاقتصاد الوطني والسلم الأهلي ومعيشة المواطنين. في هذا السياق جاءت التصريحات البائسة لقائد تنظيم (القاعدة) المدعو أيمن الظواهري وقد احتوت على قدرٍ كبيرٍ من المراهنات الخاسرة على إمكانية مواصلة اللعبة العمياء للإرهاب في اليمن، والتحريض ضد الدولة وقيادتها الشرعية ممثلة بالرئيس المنتخب عبدربه منصور، والتهديد بأن تنظيم (القاعدة) سيواصل الجهاد من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية في جنوب وشرق اليمن، إلا أنّ تلك التصريحات لم تخف عمق الصدمة والإحساس بجراح الهزيمة التي أصابت تنظيم (القاعدة) في اليمن وقيادته الدولية في المجتمع من جراء الخسائر الكبيرة التي تكبدتها الجماعات الإرهابية في المواجهات الأخيرة في مختلف المناطق الوسطى من محافظة أبين والمناطق الشرقية من اليمن عموما. ومما لاشك فيه أنّ المعارك الأخيرة التي خاضتها القوات المسلحة واللجان الشعبية ضد الجماعات الإرهابية في محافظة أبين، قدمت دروسا غنية، وفي مقدمتها أن التهاون أمام الإرهاب تكون نتائجه مدمرة، وأنّ مواجهة الجماعات الإرهابية ممكنة ومضمونة النجاح في حال توافر إرادة سياسية صادقة وتلاحم وطني بين الدولة والمجتمع. تحية لأبطال القوات المسلحة واللجان الشعبية التي خاضت ولا تزال تخوض معارك الشرف ضد الإرهاب. والمجد والخلود لشهداء الجيش والشعب.