أقدم الرئيس عبدربه منصور هادي على اتخاذ قرار جريء بإعادة هيكلة القوات المسلحة، وذلك في شهر ديسمبر الماضي، وأعلن عن تشكيل لجنتين للتحقيق في مظالم مزمنة يشكو منها أبناء الجنوب مر الشكوى وتشمل مصادرة الأراضي والصرف التعسفي لموظفي الخدمة المدنية وضباط القوات المسلحة من أبناء الجنوب.. وهو بذلك يسعى لإعادة بناء الثقة عند الجنوبيين الذين فقدوا ثقتهم بالوحدة اليمنية. فهناك معضلات عديدة على اليمنيين البحث عن حلول لها، وأبرزها وأكثرها إلحاحًا هو القضية الجنوبية. رحمة حجيرة بدا الشيخ عبدالمجيد الزنداني خلال مؤتمره الصحافي الاخير، دبلوماسياً وعاجزاً مقارنة بحماسه وحزمه اللذين اعتدناهما منه، وبغض النظر عن مواقفه الدينية تجاه التدخل الأمريكي السافر والاعتداءات على المواطنين اليمنيين والسيطرة على مؤتمر الحوار الوطني، إلاّ أن ما يلفت النظر هو أن يصل الأمر بقيادي مهم له أتباع أو «قطيعه» -بحسب وصف أحد قيادات حزبه «الإصلاح»- إلى أن يستجدي مشاركته في الحوار الذي يعد حزبه أحد أركان مؤتمر الحوار الرئيسية، ومشاركته من حقه وضرورة كأحد قيادات التوازنات السياسية في اليمن خلال الفترة الماضية، والتي ساهمت في ما آل إليه الوضع من شراكة حزبه بالحكم كما تمنى وشارك. حسن العديني الجماعات الاسلامية التي تتصدر المشهد السياسي الآن وأبرزها الإخوان المسلمون والجماعات السلفية، وهما كما يظهر من سلوكهما في مصر يقدمان البرهان القاطع على التمسح بأهداب الدين لأغراض دنيوية تبدأ من المال والثروة ولاتنتهي عند النفوذ والسياسة ،ومن أجل هذا لايتردد هؤلاء عن تقديم تنازلات للأجنبي تضر بسيادة بلادهم وأمنها القومي لكنهم في التشدد تجاه المختلفين ، أكان دينياً أو مذهبياً أو سياسياً. ففي الدستور الذي سلقوه ليلاً نص صريح على مرجعية الشريعة الاسلامية كمصدر للتشريع، ويتوسع في تفسير المقصود بالشريعة وأصولها الكلية حتى ينتهي إلى أنها شريعة أهل السنة والجماعة ،والدستور لايجرم الديانات الأخرى ولايحرمها ،فهو يعترف بحق المسيحيين واليهود والشيعة في العقيدة وممارسة الشعائر الدينية. إن حق المصريين في معتقداتهم وشعائرهم مصون بحسب الدستور وهي عبارة مطاطة لاتلزم الدولة بشيء إذا تعرض أصحاب أي ملة لعدوان من قبل متطرفين يتبعون ملة أو ديناً آخر. فتحي ابو النصر ستظل الثورات نقمة أكبر على مجتمعات مراكز قوى الاستحواذ والتخلف البدائي، مجتمعات أحقاد ما قبل فكرة الدولة، مجتمعات الشعوب التي تعيد تصويب الاضطهاد الاستبدادي والاستغلالي والاستنقاصي السلطوي الحاصل عليها ضد بعضها البعض، للأسف ذلك أن طبقات هذه المجتمعات تستمر بوعي أو بلا وعي كجزر معزولة تماماً عن همومها المشتركة الموضوعية، بحيث تتفاقم بالمقابل داخلها حالات عدم التجانس وعدم التعايش وعدم الاحترام المواطناتي السليم في إطار الدولة المأمولة أيضاً؛ فيما لا كتلة وطنية حقيقية في الأصل بإمكانها وحدها فقط أن تكون الحامل الموضوعي للتغيير كغاية جوهرية لتلك الثورات كما يفترض بالطبع.