لا يختلف أثنان في أننا نعيش هذه الأيام في أجواء روحانية عظيمة ونبيلة في عمقها الأخلاقي الإنساني ومدلولاتها الدينية السماوية الجليلة وألقها الخيري القوس قزحي البهي من خلال حلول الشهر الفضيل (رمضان النور والتآخي) ضيفاً عزيزاً وغالياً ووهاجاً بيننا، يسمو بنا جميعاً صوب آفاقه الندية العظيمة عظمة الخالق جل وعلا ليحررنا من قيود الذات ولغة الأنانية ( والأنا) لننطلق بأرواحنا ودمائنا وعقولنا وتفكيرنا نحو واحات التراحم والتعاون والتكافل المجتمعي الخلاق. هذا التكافل النير الذي يرسم في مدارات علاقاتنا الاجتماعية والروحية والنفسية ( سنابل حب وإخاء وعطاء) ترتقي بمختلف شرائح المجتمع نحو صيغة تجديد وبناء وإصلاح لهويتنا الإسلامية الخالدة و وجودنا وتاريخنا وإشراقات ديننا السماوي الأغر الذي أعاد ترتيب ( البيت الكوني) ليؤسس مداميك الحرية والعدالة والمساواة على قاعدة العمل الحق الذي لا يغتصب حقوق أي فرد في المجتمع الكوني ( بيتنا الكبير) لأسباب عنصرية أو مذهبية أو جهوية . يأتي إلينا هذا الشهر الفضيل كل عام ليزرع الفرح وضياء الأمل في نفوس كثير من المسلمين المطحونين في دوامة الأمراض والمشاكل الاجتماعية المتفاقمة نتيجة لأسباب مادية بحتة. وهو ما يستدعي أن نقف معهم كل في حدود إمكانياته وما يمكن أن يقدم من مساعدات وأشكال دعم وتضميد جراح هؤلاء ( الغلابة) الذين ذبحتهم الأزمة الاقتصادية والسياسية إلى حد كبير جداً يدمي القلب حقاً ليزرع في أعماقه غصة وأي غصة. إن رمضان شهر فضيل حقاً يدخلنا مساحات الحب والتراحم والحميمية المجتمعية إذا جاز لي التعبير وهو ينبوع عطاء ونتعلم منه كل المعاني القيمة والأصيلة النابعة من عظمة ديننا الإسلامي الحنيف على صاحبه أفضل السلام ومن والاه إلى يوم الدين وهو فرصة حقيقية ونبيلة لمسؤولينا وتجارنا الأفاضل لمعالجة وتضميد جراح أبناء جلدتهم وتذليل مصاعب الحياة التي يعانون منها ( وما أكثرها) وهي مسؤولية دينية ووطنية وأخلاقية تستحضر كل معاني الإنسانية الحقة العادلة . طوبى لمن يمد يد العون لأخيه للتخفيف من آلامه وآلام أسرته .. طوبى لمن يقتسم الخبز والدواء وضياء القمر مع أبناء وطنه ويعيش هذه الأجواء الرمضانية النقية بروح صادقة محبة كوجنات بلورات الثلج الحالمة .. وابتسامات شمس الضحى التي تعلمنا كيف نكون كباراً لننعم بخلود الآخرة و واحات الفردوس المضيئة .. ننحني أمام أصحاب الأيادي البيضاء.
