اقر عملاق التواصل الاجتماعي (فيسبوك) مؤخراً بتراجع عدد المستخدمين اليوميين من فئة الشباب المراهقين للموقع، وذلك في الإعلان الأخير عن الأرباح الفصلية للشركة. وتظهر بيانات (فيسبوك) إن هذه الفئة العمرية «الشباب» لا تزال تحجز موقعاً على شبكة التواصل الاجتماعي، إلا أنها خفضت من الاستخدام، بقدر اقل من السابق، ما يكشف عن تطورات سريعة في القطاع وينذر بمخاوف عميقة لدى مواقع التواصل الاجتماعي برمتها. وأضحى ال(فيسبوك) ضحية لنجاح تطبيقات التراسل عبر الهواتف النقالة مثل (واتس اب) و(وي شات) و(كاكو توك) وغيرها وفقاً لما نشرته صحيفة (الغارديان) البريطانية. واستقطبت هذه التطبيقات جزءاً من نحو 1.2 مليار مستخدم نشط شهرياً على موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) حيث كانت جدران الصفحات مليئة بالاقتباسات والصور والتعليقات، لكنه حالياً بالنسبة للبعض لم يعد موقعاً للحديث عن آخر التطورات الخاصة بقدر ما هو أداة اتصال يحافظ الجميع على البقاء فيها ومتابعتها من حين إلى آخر. وباتت كل الميزات الممتعة على مواقع التواصل الاجتماعي تحدث أيضاً في أماكن أخرى ألا وهي «الهواتف النقالة». وعندما ظهرت تطبيقات التراسل عبر الهواتف مثل (واتس اب) عام 2009م كانت تبدو على أنها تهديد لشركات الاتصالات المتنقلة، وقدّر مشغلو الشبكات خسائرهم بحوالي 23 مليار دولار في عام 2012م جراء تراجع الرسائل النصية مقابل رسائل «تطبيقات التراسل» التي لا تكلف شيئاً، ولكنها الآن باتت تهدد مصير شبكات التواصل الاجتماعية أيضاً. ووفقاً للصحيفة البريطانية فإن (واتس اب) مثلاً يعتبر التطبيق الأكثر شعبية في بريطانيا للتراسل، كما يستخدم من 350 مليون مستخدم نشط شهرياً على مستوى العالم وهو بذلك الأكبر عالمياً ويتفوق حتى على موقع (تويتر) للتواصل الاجتماعي الذي يحوز على 218 مليون مستخدم. ووفقاً لدراسات بحثية فإن 90 % من البرازيليين وثلاثة أرباع الروس ونصف البريطانيين، يستخدمون تطبيقات التراسل، وعلى الأرجح إن الغالبية العظمى من هؤلاء ممن تقل أعمارهم عن 25 سنة. ويرى مختصون إن السبب يعود وراء التهافت على تطبيقات التراسل مع الانسحاب التدريجي من مواقع التواصل إلى الرغبة الجامحة في التعامل مع أشخاص من واقع الحياة اليومية بدل الدردشة مع مجموعات بالكاد تعرفهم بشكل سطحي، الأمر الذي يمنح المستخدم مزيداً من الخصوصية. وقالت نتالي ويست: «فقط استخدم (الواتس اب) للتواصل وإرسال الصور هذه الأيام... بدأت اقلل من استخدام (الفيسبوك) مؤخراً لأني لا أريد أن يعرف كل الناس ماذا أعمل وما هي اهتماماتي أرد على طلبات الأصدقاء عبر (الواتس اب) انه أكثر خصوصية للفرد». ويعتبر البعض إن الأمان الشخصي في (الواتس اب) أعلى منه في (الفيسبوك) إذ أن إرسال الصور عبر تطبيقات التراسل لا يسمح لأشخاص غير محبوبين في معاينتها كما في موقع التواصل الاجتماعي. ووفقاً لهذه التطورات يقدر حجم الإيرادات السنوية لتطبيق التراسل (واتس اب) مثلاً بحوالي 5 مليارات دولار. وفي آسيا يحتدم التنافس بين تطبيقات التراسل، إذ أن (وي شات) يستقطب 200 مليون صيني، وكذلك يفعل تطبيق (كاكو توك) الكوري و(لاين) الياباني، وكلها تقدم ميزات التراسل ونقل الموسيقى والتشارك في الألعاب. ويخلص التقرير إلى انه لم تعد هناك شكوك حول أن الملايين من المراهقين سيزيدون من نسب استخدام تطبيقات التراسل عبر الهواتف النقالة شيئاً فشيئاً ولينضم إليهم كبار السن، ولربما ستكون هذه فرصة للانسحاب التدريجي من مواقع التواصل الاجتماعي.