في وقت بلغ فيه عدد الملتحقين في التعليم الأساسي(3 ملايين و401ألف و508) طلاب في العام 2003/2004م - نسبة مساهمة القطاع الخاص فيه(1.8%) فقط - لا يزال هناك أكثر من(2) مليون طفل يمني في الفئة العمرية الموازية للتعليم الأساسي خارج إطار التعليم معظمهم من الإناث. تقرير حكومي انتقد مساهمة التعليم الأهلي ووصفها بالمتواضعة وقال أن نشاطه يتمركز نشاطه في المدن الحضرية ويسعى للربح السريع من خلال عدم تبني منشآت تعليمية تخضع لمواصفات ومقاييس تربوية وتعليمية. وأكد على أن(المدارس الأهلية) لا تهيئ مناخاً أفضل للتحصيل ولا تخلق روح التنافس والتميز مقارنة بالتعليم الحكومي الذي يوفر ميزات نسبية تساعد على جذب أكبر عدد ممكن من الطلاب منوهاً إلى أن بقاء التعليم على ما هو عليه (في المدارس الأهلية) سيظل هامشياً ونواتج مخرجاته ضعيفة. التقرير الذي أعده المجلس الأعلى لتخطيط التعليم حول مؤشرات التعليم أشار إلى ارتفاع أعداد التلاميذ المستوعبين بمرحلة التعليم الأساسي عام(2003/2004م) موضحاً أن معدلات الالتحاق الإجمالية من السكان بالفئة العمرية(6-14)سنة لا تتجاوز (66.5%) وبين أن هناك 33.5من الأطفال لم يحصلوا على خدمة تعليمية إضافة إلى وجود تفاوت جلي في نسب الالتحاق بحسب النوع حيث ترتفع بين الذكور إلى(81.5%) وتنخفض عند الإناث إلى (51.5%) بفارق 30 نقطة. واعتبر التقرير أن أسباب تدني التحاق الإناث بالمدارس ترجع إلى بقاء بعض الظواهر الاجتماعية والثقافية التي تعطي أفضلية للذكور على حساب الإناث وارتباط الفتيات بالأعمال الزراعية والزواج المبكر وتفشي الأمية وفقر الأسرة وارتفاع معدلات الإعالة. وأشار إلى أن من الأسباب ظهور ارتفاع في عدد المدارس الأساسية والثانوية حيث أن هذا العدد في واقع الأمر- برأيه- يضم المدارس القائمة (مبنى مدرس- سكن مستقل- عمارة- شقة) أو المؤقتة في (صندقة- عشة- خيمة )أو بدون مبنى (في مسجد أو في العراء أو في جرفٍ أو حيد) مقابل عدم وجود الدراسات التربوية والاجتماعية لمعالجة ظاهرة المدارس المغلقة نهائياً وقلة عدد المدارس الثانوية وندرتها في الريف ونشؤ معظمها في أكناف المدارس الأساسية. ونوه في هذا الجانب إلى أن تعقيد إجراءات التوظيف ومكاتبها في المحافظات قدأدى إلى حرمان كثير من الفتيات من الالتحاق بخدمة التدريس وأفقد حماس كثير من فتيات الريف من مواصلة الدراسة بسبب فقدان الشهادة لقيمتها الاقتصادية مضيفاً أن عدم رصد المبالغ الكافية لإنشاء المدارس في الموازنات السنوية يؤدي بدوره إلى إطالة زمن التنفيذ لعدة سنوات والتي يحدث فيها غالباً تغير في الأسعار وتعثر الإنجاز لعدد غير قليل من المشاريع. وعلى الرغم من انخفاض معدلات الالتحاق الإجمالية التي رافقتها غياب السياسات التعليمية في توزيع المشاريع المتزامنة مع عدم استكمال أعمال الخارطة المدرسية التي تحدد إحداثيات بناء المدارس وأحجامها ومستوياتها بعيداً عن مؤثرات القوى الاجتماعية والتي يتوقع الانتهاء منها مع نهاية عام 2005م فإن هذه الخارطة برأي التقرير أصبحت تحتاج إلى استبدال أكثر من استكمال نتيجة لما وصفه بالتغيرات التي طرأت على خارطة الخدمات التعليمية في الفترة الماضية والتي قال أنها غيرت من ملامح توزيع الخدمات خصوصاً في السنوات الأخيرة التي شهدت زخماً في بناء المدارس. تأكيدات التقرير على انخفاض الكفاءة الداخلية للتعليم في بلادنا بشكل كبير لم تمنعه ايضا من الكشف أيضاً عن اتسام التعليم الأساسي بارتفاع كلفة تعميمه وانخفاض كفاءته مرجعاً أسباب ذلك إلى ارتفاع نسبتي الرسوب والتسرب(الفاقد التربوي) والذي يؤدي حد وصفه إلى رفع أعداد السكان غير الملتحقين في المدارس في الفئة العمرية(6-14)سنة وما يمثله من هدر اقتصادي نتج عن ظهور أعداد كبيرة من السكان لا يمتلكون المهارات الأساسية التي تمكنهم من الانخراط في سوق العمل وما يتبع ذلك من مشكلات قال التقرير أنها تتمثل في ارتفاع نسبة البطالة وانخفاض مستوى الدخل وانتشار الفقر وإضافة أفواج جديدة إلى مخزون الأمية الأمر الذي أدى إلى تباطؤ حركة التنمية الشاملة وبالتالي يجعل الحكومة مضطرة للتفكير في أساليب ووسائل جديدة إضافية لهذه المشكلات خصوصاً وأن التعليم العام (أساسي وثانوي) يعاني من مشكلات هيكلية مزمنة في الجوانب النوعية والكفاءة الداخلية. وفي التعليم الثانوية يوضح التقرير أن معدل البقاء مرتفعاً أيضاً حيث لا يصل إلى الصف الثالث الثانوي سوى(42.8%) ممن التحقوا بالصف الأول الأساسي مشيراً إلى أن نسبة الهدر على المستوى الإجمالي تشكل(57.2) وتفوق النصف بواقع(7.2) نقطة كما يتفاوت هذا المعدل على مستوى النوع فيرتفع معدل بقاء الذكور إلى(53%) بينما ينخفض في أوساط الإناث إلى(29.5%). ويتبين التدني الكبير لكفاءة النظام التعليمي في بلادنا من النسبة التي أوردها التقرير ب(42.8%) فقط للطلاب الملتحقون بالصف الأول الثانوي وهم القادرون على استكمال المرحلة خلال السنوات المحددة فقط في حين يتسرب الباقون قبل استكمال المرحلة أو يعيدون مرة أو أكثر مما يؤدي إلى رفع الفاقد التربوي. إن ضعف تأهيل المدرسين وتدريبهم وعدم ملائمة كثير من المدارس الثانوية الملحقة بالأساسية للعمل التربوي كما ذكر التقرير وضعف التجهيزات المعملية وندرة الفنيين والمكتبات وغياب متابعة الإدارة المدرسية بتجديد المواد الأولية اللازمة المرتبطة بالتطبيقات المعملية إضافة إلى نقص المدرسين وتغطيتهم بمدرسين المرحلة الأساسية ووجود عدد من المدرسين لا يلتزمون بجداول وحصص دراسية وكذلك كثافة المنهج الدراسي وشيوع الأخطاء المطبعية واللغوية وزيادة الحشو غير المبرر...تعد كلها عوامل وأسباب اعتبرها التقرير أنها المؤدية إلى كل ذلك التدني في كفاءة التعليم. ولم يعد عدم الاهتمام بالجوانب النوعية أيضا والذي أفرز تدني مستوى التعليم وانخفاض جودته وعدم مواءمة كثير من مخرجاته مع متطلبات سوق العمل أو التعليم اللاحق...لم يعد الأكثر إيلاماً من المعانات الأخرى المتمركزة في نوعية التعليم ومنهجيته. فالتعليم الأساسي والثانوي يعاني من التركيز على المعارف النظرية في أداء الهيئات التدريسية وإهمال المهارات والجوانب التطبيقية نظراً لمحدودية التجهيزات والمعامل ووسائل الإيضاح وعدم ربط المناهج بالبيئات المحلية(اغتراب المنهج) مما أدى بحسب التقرير إلى قصور اكتساب الكفايات الأساسية المحددة لهم في المرحلتين الأساسية والثانوية. ويعود تدني نوعية التعليم(كما يشير التقرير) إلى توجيه الجهود وتركيز الأنظار على التوسع بالمباني المدرسية لمواجهة الاحتياجات المجتمعية لاستيعاب الفئة العمرية(6-17)سنة إلى جانب المرتدين الذين سبق لهم ترك المدرسة والمتزامن مع شحة الموارد وتدني كفاءة استخدامها والتوزيع اللامدروس للمدارس الجديدة وما يلزمها من استكمال مكونات غرف المعامل والمكتبات والأنشطة والمرافق اللازمة مع عدم تأمين الصيانة والترميم السنوي. وبتوزيع المباني المدرسية بحسب وضعها لعام(2003/2004م) تكشف أرقام المباني القائمة عن وجود (11803) مبنى مدرسي و(507) سكن مستقل و(176) عمارة و(42) شقة أما المباني المؤقتة فهناك (168) صندقة و(64) خيمة و(277) عشة إلى جانب التي بدون مبنى حيث توجد (153) مدرسة مكانها المساجد و(310) مدرسة في العراء و(58) مدرسة في جرف أو حيد ليصل الإجمالي الكلي إلى (13558) مدرسة. وكما يشرح التقرير فإن وضع المبنى المدرسي يعكس مدى الصعوبة لقراءة ما خلف هذه الأرقام من مبان متهالكة وتحتاج إلى استبدال وأخرى تحتاج إلى ترميمات إسعافية أو صيانة عاجلة والبعض الآخر منها يتطلب دراسة وضعها من الناحية التربوية والتعليمية ومدى ملاءمتها من عدمه لأداء هذه المهنة ناهيك عن غياب محتويات المدارس من المرافق المصاحبة والضرورية مثل غرف المعامل والأنشطة والمكتبات لخلق بيئة تعليمية جاذبة ومحفزة. ونسبةالىالتقرير فإن هذا الوضع ينطبق(فقط) على النوع الأول(المباني القائمة) أما وضع المؤقتة والتي بدون مبنى فيؤكد أنه وضع يتطلب وقفة جادة ومسئولة دون إبطاء لوضع المعالجات الفورية حتى لا يستمر الحديث عن الكم دون الكيف. وفيما يتعلق بتدني كفاءة المعلمين الذين يركزون على الإلقاء فقط والتلقي من قبل التلاميذ فقد أ رجع التقرير أسباب تدني أدائهم الى عدم مواءمة وتنوع مستويات التأهيل في الإعداد القبلي للمعلمين وتقادم برامج الاعداد التي تنفذها كليات التربية وإعداد المعلم بمعزل عن المدارس التي سيعمل بها مستقبلاً. ويضيف إلى هذه الاسباب ضعف الإدارة المدرسية وسوء اختيار كثير منها وغياب التوجيه المهني والتخصصي للإشراف على أداء سير الخطة الدراسية وضعف الثقة بتقارير التوجيه وعدم العمل بها وكذلك غياب العلاقة بين الإدارة المدرسية والهيئة التعليمية والطالب والمدرس والمدرسة والبيئة المحيطة وتدني أجور المعلمين وتآكل قيمتها الحقيقية بالإضافة إلى صعوبة التدرج في سلم الترقيات وطول أمدها وتدني مؤهلات المعلمين في التعليم الأساسي والثانوي مبينا وجود(77.927) مدرساً ومدرسة من(174.268) يحملون مؤهلات ثانوية أو أدنى ومنهم يحملون مؤهلات غير تربوية أي أنهم لم يتلقوا أي تدريب سابق. التقرير لم يخف كذلك إستياءه من عملية التدريب معلمي الصفوف من (1-3) التي جرت في جميع أرجاء الجمهورية خلال 2003م و2004م وقال أنها كانت ارتجالية ولم يهيأ لها الإمكانيات اللازمة والتجهيزات والمستلزمات التعليمية الأخرى وتلازمت مع قصور في إعداد مدربي المدربين وعدم توفر بيئات التدريب المناسبة واعتماد أسلوب الإلقاء دون إتباع الطرائق الجديدة في التدريب مؤكدا على أن التدريب في مثل هذه الحالة مثل عدمه. تقرير المجلس الأعلى لتخطيط التعليم انتقد أيضاً تغيير المناهج ومحتوياتها لمرحلتي التعليم الأساسي والثانوي خلال الفترة(1993م-2004م) وبين أن تلك المناهج لا زالت تعاني من جوانب القصور المتمثلة في كثافة المعلومات النظرية دون الاهتمام بجوانب التفكير العليا إلى درجة تقسيم الكتاب المدرسي إلى جزئين. وأردف في هذا الصدد أن هذه المناهج لا تراعي متطلبات التعليم واحتياجات المتعلم في البيئات المختلفة وخلو الكتب الدراسية من الأمثلة التطبيقية معتبرا أن الأكثر من ذلك عدم تدريب المعلمين على كيفية تدريس المناهج الجديدة التي تتبع تقاربات لم يدروا عليها والمتمثلة في المنهج القائم على التكامل وعلى الأنشطة إضافة إلى أن الكتاب المدرسي ليس في الجودة المطلوبة من حيث الطباعة والإخراج وجودة الورق والغلاف وشيوع الأخطاء المطبعية واللغوية فيه.