أتفق جداً مع الصديقة الدكتورة ابتسام المتوكل فيما ذهبت إليه من أن نزار قباني شاعر الرجل فهو في كل ما كتب على جماله وفتنته تغنى بالمرأة وهجاها ومدحها وتفنن في كل ذلك من منطلق كونها مخلوقة لمتعة الرجل وفق رؤية ذكورية ضيقة تأنفها أي حرة إلا ما رحم ربي من القصائد التي ارتفع فيها وعي نزار بقضية المرأة وبدأ في بعض قصائده يشعر بالمرأة ويتكلم من منطلق نسوي/ أنثوي، محاولاً تمثل مشاعر المرأة والحديث بلسانها وما غير ذلك؛ أي غالبية نصوص نزار كلها تغني بفحولته وحضوره وجبروته وشكواه كعاشق مهزوم يحقد على النساء أحيانا ويراهنَّ جوار وكتل من المتعة ليس إلا. رحم الله نزار ففي وفاته كنا أنا وابتسام المتوكل على موعد مع شاعر المرأة الحقيقي.. في رأيي الأستاذ محمد الشرفي لأخذ رأيه في تحقيق كانت تعده ابتسام حول نزار في أربعينيته، واندهش الأستاذ محمد الشرفي كثيراً إنني أضع لثاماً على وجهي بعد أن عرف اسمي وكان قد قرأ لي وقال إن هذا السلوك لا ينسجم أبداً مع الإنسانة الواضحة الشفافة القوية التي أقرأ عمودها أسبوعياً وتشدني قصائدها وثوريتها كأنثى، وساق كل ما ولن تتصور من الآيات والأدلة التي تؤكد أن الحجاب لا يشمل تغطية الوجه ومع أنني كنت محرجة من مسألة نزع اللثام وأفكر فيها جادة وطرحتها على أهلي، إلا أنه بسخريته اللذيذة مرة وحجته القوية مرة أوصلني إلى نزع اللثام والخروج من منزله بالحجاب الإسلامي المعتدل كما أبدو الآن. ولذا فأنا اعتبر ذلك اليوم/ أربعينية نزار يوم ميلاد وجهي وأنادي الأستاذ محمد الشرفي بأبي وجهي والحق أنني أقدّر هذا الرجل وافتخر أنه أبي الذي اخترته بمحض إرادتي لينافس والدي على المحبة والاحترام والتقدير، هذا الرجل مواقفه حاسمة مع المرأة فهو بحق منذ ديوانه الأول (دموع الشراشف) وفي آخر قصيدة له كتبها قريباً «دعونا نمر» رجل/ شاعر يحب المرأة ويحترمها ويدافع عنها ويدفعها لأخذ حقها والدفاع عن ذاتها، يحرضنا دائماً على أخذ ما نستحقه في كل مجال ولا يتعامل معنا كضعيفات أو قاصرات أو مراهقات يفرحهن الغزل السمج بل يترفع ويسمو بنا إلى المكانة التي يحلم بها لابنته لبنى، شقيقة وجهي!. لا استطيع أن أصف مدى سعادتي بوجود هذا الإنسان، وجمال حضوره في الحياة، هذا الشاعر الذي يكتب بدأب وثورة ومحبة يخرج المرأة من مملكة الإماء.. ليضع معها أقدامها على درب المساواة والسوية، تناول المرأة في علاقتها بالرجل الأب، والأخ والزوج، والمجتمع الذكوري، والتراث والتاريخ والدين، لم يترك ثغرة مع المرأة إلا كبرها وأبرزها، ولم يدع هفوة ضدها إلا فندها وسخر منها، لله درك يا أبتي ولله أماً أنجبتك وقلباً احتفى بك وأحبك شريكاً وحبيباً وزوجاً.