مُبدع في نهاية السبعينيات جاء أحد الشعراء (النظامين) إلى منزل الشاعر عبدالله البردوني زائرا، وفي أثناء الحديث أراد الشاعر أن يلفت انتباه البردوني فقال: لقد اتجهتُ أخيرا وعن قناعة إلى كتابة الشعر الحديث!! واسمعه بعض مقاطع، كان منها مقطع يقول: (الشمس تُقَّبل وجنة حبيبتي)! فقال له البردوني: يا عزيزي ليس في ما أسمعتني أي جديد. فقال الشاعر: (الشمس تُقَّبل وجنة حبيبتي) هذه صورة فنية حداثية إبداعية!! فرد عليه البردوني: ليس في هذا أي جديد، فالشمس تقبل حتى وجنة الكلب!. الغِيبة حرام كان البردوني ذات يوم في مجلس حكومي رفيع المستوى فسأله أحدهم بقصد إحراجه، وكان ذلك قبل قيام الوحدة: لماذا يا أستاذ عبدالله لا تكتب عن الديمقراطية والحرية؟. فأجاب على الفور: الغِيبة حرام!!. فصعمي كان البردوني ذات مرة في حلقة نقاش على الطائرة فتعجب من اللهجة التي يتحدث بها المثقفون والتي هي مزيج من الفصحى والعامية فعلق عليها بالقول: إنها تمثل نوعا من الفصعمي!. تركي قال له الشاعر الشاب عبدالمجيد تركي: لقد حفظت يا أستاذ أكثر من خمسين قصيدة من قصائدك!. فأجابه: إذن ما عادكش (لم تعد) تركي!!. وجها لوجه في مطلع الثمانينات وفي إحدى فعاليات المهرجان الثقافي اليمني بالسعودية اختير البردوني مقدما لصباحية شعرية شارك فيها عدد من الشعراء اليمنيين، وقد تصدر الصباحية شاعر ودبلوماسي وكان داكن البشرة (أسّود)، وبعد أن أتم قراءة قصائده، جاء الدور على الشاعر عبدالكريم الرازحي الذي بدأ قصيدته قائلا: أيها الأسّود الخبيث أيها الأسّود القذر!. فعلق البردوني: مش هكذا يا رازحي وجها لوجه!!. فضجت القاعة بالضحك والتصفيق وأول الضاحكين كان الدبلوماسي الشاعر الذي كان يعرف أن الرازحي يقصد بالأسّود (النفط) وليس ما قصده البردوني!!. شيوعي قال له داعية إسلامي كبير: يا بردوني أنت شيوعي يجب قتلك!. فرد عليه البردوني قائلا: حافظ على حياتي فأنا مصدر رزقك لأنك تخوّف بي دول الجوار وترعبهم بالشيوعية، ليغدقوا عليك المال!!. أحمر في المهرجان الثقافي اليمني الذي أقيم في الكويت، كان البردوني على رأس المشاركين وبينما هو يلقي إحدى قصائده، صاح أحد الأزهريين: أسكت يا أحمر يقصد يا شيوعي . فرد عليه البردوني قائلا: إنني أتمثل ما قاله جدي بشار بن برد: وخذي ملابس زينة ومصبغات في أفخر وإذا دخلت تزيني بالحسن إن الحسن أحمر إلبسيها وأقرئي بعد نقاش مستفيض دار في منزل البردوني حول هشاشة التعليم الجامعي في بلادنا وأن كثيرا من خريجي الدراسات العليا تنقصهم القراءة السليمة، وعلى رغم هذا فإنهم يظهرون بهندام الأناقة التي لا تنسجم مع جوهرهم.. فض البردوني النقاش بحكاية حصلت في ذمار تقول: أن امرأة قطعت مسافة طويلة من قرية إلى قرية تبحث عن قارئ يقرأ لها مكتوبا من ولدها في المهجر، فلمحت رجلا ملتحفا بشال أخضر اللون ويضع على عينية نظارة، فاستوقفته طالبة منه أن يقرأ لها الرسالة فأخذ الرسالة يقلبها في يده ويحملق في سطورها ويتلعثم بكلامه فقالت له المرأة: إقرأ سوا وعاد على عيونك نظارة وملتحف بشال!. فقال لها الرجال: كان البسيها وأقرئي!!. ضيافة استضاف الأستاذ أحمد الجرموزي في منزله بتعز الأستاذ البردوني، وبعد ساعات رأى الجرموزي الشرطة وهي تجر الجزار الذي اشترى منه اللحم، فقد اكتشف أنه يذبح حميراً، فرجع إلى بيته مسرعا يطمئن على صحة البردوني وقال له يا أستاذ: كيف صحتك؟، الجزار خدعنا وباع لنا لحم حمار. فرد البردوني بسخرية: والله يا أحمد أنه أحسن مرق شربناه. ميلاد البردوني سئل البردوني عن تاريخ ميلاده فقال: قالت أمي إنني وُلدتُ يوم وَلدت بقرة جيراننا وأنجبت تبعي (عِجل). عربون صداقة عندما أنتهى الأديب البردوني من قراءة بائيته (أبو تمام وعروبة اليوم) تقدم إليه نزار قباني واحتضنه وعرفه بنفسه: أنا نزار. فرد البردوني ببديهية: قُل نَزار بفتح النون ولا تقل نِزار بكسرها، فأنها تعني؛ الشيء القليل. فكان هذا اللقاء عربون صداقة بين نزار والبردوني. برجوازي عرف البردوني نفسه نسبة إلى أسم بلدته (بردون) وميز اسمه بتشديد الدال حتى لا ينسب خطأ إلى اتباع المفكر الاقتصادي الفرنسي بردون: فكان البردوني دائما يؤكد على هذا التشديد. ذاكرة كان أحد الشعراء يأتي إلى البردوني ويزعم أنه أقوى ذاكرة، فذات مرة سأله البردوني في مجلسه: من هي نخلة بنت عامر؟. فأجاب الشاعر: هي صحابية جليلة شاركت مع الرسول في أكثر من غزوة. وعندما خرج الشاعر انفجر البردوني ضاحكاً وهو يقول: نخلة بنت عامر هي أمي.