قطاع التدريب والتأهيل في وزارة التربية والتعليم يعيش منذ فترة مرحلة انتعاش ووجود، بعد أن أطلقت الوزارة برنامجها التدريبي مطلع العام2005م على ضوء البرامج التي قدمتها لتحسين جودة التعليم ومخرجاته بالتعاون مع الدول والمنظمات المانحة.. بعد ثلاث سنوات من انطلاق البرامج التدريبية على الواقع، بداية من مشروع تحسين التعليم الأساسي على ضوء الاستراتيجية الوطنية التي وضعتها الوزارة، بذلت فرق العمل واللجان التي تم ترشيحها لتفعيل الآلية المطلوبة والمناسبة جهوداً نظرية بحتة في محاولة لتحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للتعليم على أرض الواقع وإدماجها مع البرامج التأهيلية وتهيئة المناخ المناسب لإحراز قدراً كبيراً من النجاح ميدانياً، والتغلب على المعوقات التي ستبرز وتعرقل أداء البرامج، وبما أن الخبرات والكوادر البشرية في مجال التدريب والتأهيل هي من يقع عليها تنفيذ وسير الخطة التأهيلية فكان لا بد من التغلب على هذه المعضلة طالما وأن هذا الجزء قد تم استيعابه من قبل البرنامج العام الممول من قبل بعض الدول المانحة كالاتحاد الأوروبي واليابان وصندوق البنك الدولي ولم يتبق سوى تأهيل وتدريب كوادر محلية في كافة التخصصات، ولم يخطئ القائمون على تنفيذ برامج التدريب والتأهيل باختيار المعاهد العليا لتأهيل المعلمين والتي تتبع وزارة التربية والتعليم بحكم أنها تحظى بكادر مؤهل وخبرات تربوية وتعليمية واسعة، ومن هنا جاءت أولى الخطوات والتي تمثلت بعمل ورش تدريبية لتلك الكوادر في كافة التخصصات التعليمية والتربوية والإدارية لتكون نواة لكادر تدريبي يشرف على الدورات التدريبية والتأهيلية التي ستقام في مدارس التعليم الأساسي والإشراف التعليمي والإداري منها على تدريب الكادر في كافة مدن ومحافظات الجمهورية. وبعدها توالت فعاليات التأهيل على كافة القطاعات التعليمية ومازال حتى اليوم مستمراً في أدائه، وإن كانت الوزارة قد أعلنت بأن العام2009م سيكون عام الانطلاق صوب تحسين الأداء في التعليم الثانوي وتعليم الفتاة كمشروعين يلحقا مباشرة المشروع الأول وهو مشروع وبرنامج تحسين الأداء في التعليم الأساسي، دون أن يتوقف أولوا الشأن التربوي قليلاً لتقييم الأداء في المرحلة السابقة وتحليل السلبيات والإيجابيات والوقوف عند نقاط الضعف وتدعيمها والاحتفاظ بنقاط القوة، وهنا تكمن أم المشاكل التي عادة ما تكون خلف فشل أي مشروع ويبعثر نتائجه في مهب ريح الفساد والمصالح الخاصة.. على الرغم من أن بعض العيوب وعلامات الطفح الإفسادي والعبثي كانت من الأشياء البارزة للعيان في محطات وجنبات المشروع التأهيلي وخاصة في جانبي الإشراف الإداري الموكلة إليه مهام اختيار المشرفين واختيار المتدربين من المدرسين، وفي الجانب المالي وصرف مستحقات القائمين بالإشراف التدريبي أو مستحقات المتدربين من المدرسين والكوادر الإدارية، وكون أن ظاهرة الاقتطاع المالي من مستحقات المشرفين والمتدربين قد تكررت مراراً أثارت معها حفيظة المستحقين عمليات الخصم هذه والإكراه المرافق لهكذا استقطاعات من قبل بعض المسئولين عن الصرف في الدورات التدريبية إلا أن ذلك لم يهز شعرة بمفرق أي مسؤول في القطاع على الرغم من أن هذه الظاهرة قد شهدت تذمراً واسعاً من قبل المشرفين والمتدربين، والغريب أن يتم لجم الشكاوي المتكررة الصادرة منهم إلى المسئولين في قطاع التدريب والتأهيل، وإن كانت هذه الإشكالية قد فسرها البعض بهيمنة وقوة بعض الأفراد المسيطرين على إدارة الشئون المالية في القطاع التي وقفت أمام كل الشكاوي. ويمكن القول بأن بعض الأفراد المحيطين بمداخل ومخارج المشروع كونوا ما يشبه اللوبي تربطهم علاقات شخصية سخروها بحكم مواقعهم لخدمة مصالحهم الشخصية، ولو تم التدقيق أو التقييم لهذه التجربة بشكل موضوعي سيظهر للقارئ والمتتبع للآلية التنفيذية للبرامج التدريبية و التأهيلية الأخيرة بأن النقاط السوداء التي برزت على الميدان وثغرات الفساد مصدرها ذلك اللوبي القريب من المصدر التمويلي والإداري للمشروع، حتى أن شرف أن يحظى مدرس أو كادر في التربية والتعليم بدخوله أي دورة من الدورات التدريبية المتنوعة لا بد أن يمر عبر قنوات أفراد معنيين أو عن طريق سماسرتهم، مع أن هدف المشروع تعميم التأهيل لكافة منتسبي التربية والتعليم وبالذات الفئات المستهدفة تأهيلها في التعليم الأساسي والإدارة التربوية والتعليمية مما أوجد ثغرات واسعة في جسد البرنامج نفذ منها فئران الفساد وقللوا من النتائج الايجابية المرجوة... الظاهر للعيان بأن فئران الفساد تجد لها من الحرية بالعبث والفوضى في معظم مؤسسات البلاد ولكن ما الذي يمنع مسئولي وزراء تلك المؤسسات من عمل آلية تقيمية لكل أعمالها وبحيادية ففيها الوسيلة المثلى للحد من مظاهر الفساد وعدم توالد الفئران في دهاليز مؤسسات الدولة..