شهد أواخر الأسبوع الماضي انعقاد اجتماع جديد للمجلس التنفيذي لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في إطار سلسلة اجتماعات يعقدها المجلس بغية تشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر العام القادم للاتحاد، وفي الاجتماعات التي عقدت لهذا الغرض وغيره يختلف أعضاء المجلس حول تشكيلة اللجنة التحضيرية، وما يتسرب من تفاصيل حول دواعي الخلاف يثير الشفقة على الاتحاد وعلى من يتصدرون صفوفه القيادية الأولى. اجتماع الأسبوع الماضي كان مقراً منذ فترة، غير أن خبرا قصيرا نشرته صحيفة الثورة أشار إلى أن الأدباء سيقفون أمام الأحداث الجارية في الوطن، وحمل سياق الخبر في مضمونه ما يوحي باتساق مواقف الادباء المجتمعين مع رؤية السلطة للأحداث في المحافظات الجنوبية والشرقية، وفي ذلك مغالطة كبيرة واستغلال متعمد لاجتماع تنظيمي وإجرائي لم يكن معنياً بالتضامن مع السلطة والتناغم مع خطابها ورؤيتها للأحداث، إلا أن البيان الصادر عن اجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد قد نجح إلى حد ما في رسم موقف متوازن يعبر عن تاريخ الاتحاد واستقلاليته. وما يخشاه أعضاء الاتحاد الآن هو ان يتم استغفالهم والتبرع بالحديث نيابة عنهم بشأن الموقف من اللحظة السياسية الراهنة في اليمن. العجيب أن آلة الإعلام الرسمي لا تزال تعبر عن وجهة نظر عدائية تجاه التفاعلات الشعبية في بعض مناطق الجنوب، ولا يخرج خطاب السلطة وإعلامها عن ترديد مقولة جافة تتلخص في أن الوحدة خط أحمر وكفى. وعلى هذا المنوال تحشد وسائل الإعلام الحكومية المواقف التي تتسق مع التصعيد الرسمي وتصب كلها في خانة (الخط الأحمر) من دون أن يتساءل أحد عن الأسباب التي تجعل البعض يحاول القفز على هذا الخط، بينما يتناسى الوحدويون بقية الخطوط الحمر التي جرى القفز عليها وتجاوزها منذ زمن، على اعتبار أن الوحدة ليست مجرد بسط يد على الجغرافيا والسكان، بل إنها منظومة متكاملة يتحد فيها التشريع والتقنين مع ما يمارس على أرض الواقع، وبما يحقق اندماج المصالح والتوزيع العادل للثروة وتحقيق مبدأ الشراكة والمواطنة السوية وعدم احتكار الفرص والمناصب، والاهم من ذلك عدم احتكار تمثيل الوحدة وتفصيلها على مقاس طرف واحد. وفي ظل التصعيد المتبادل بين السلطة والمحتجين في بعض مناطق الجنوب يخشى على المثقفين والأدباء وكل من ينتمون للنخب المؤثرة في المجتمع أن ينجروا من دون وعي إلى الاصطفاف إما مع الناقمين على الوحدة وإما مع المدافعين عنها من الذين قفزوا على كل الخطوط الحمر الاخرى ولم يبق امامهم سوى الدفاع عن تجاوزاتهم وظلمهم بالتخدق خلف خط الوحدة الذي طاله الأعوجاج بفعل ممارسات المتنفذين والمتسلقين على أكتاف المنجز المصادر. وأخيرا .. لا جدال في أن الوحدة خط أحمر، وينبغي أن يتفق الجميع على تحييد هذا المنجز وتبرئة ساحته من كل الاخطاء التي حدثت منذ عام 1994، وعلى المجانين الذين يدعون اليوم إلى عودة التشطير ان يدركوا أنهم بتخليهم عن الوحدة إنما يمنحون السلطة حق احتكار هذا المكسب ومواصلة تعطيل غاياته. السؤال الآن: هل سيكتفي المثقفون بالحديث فقط عن خط الوحدة الأحمر؟ وهل سيعي المحتجون أن إصلاح الإعوجاج في البنيان القائم أجدى للمستقبل من بدائل الماضي؟