كنت دائماً اسمع أمي تمدح أخي الذي يكبرني بعامين, كانت أمي تحبه كثيراً وتلبي جميع رغباته لم تكن تذكر أحداً من أخوتي سواه، حين كنا نتشاجر كانت تدافع عنه حتى وإن كان على خطأ. كنت أتحسس كثيراً بخلاف إخوتي الذين لم يكونوا مهتمين بهذا الأمر. وفي إحدى الأيام كلفنا أبي بعمل أنا وأخي، وقال لنا: الذي يكمل عمله كما طلبت منه سوف أعطيه جائزة. عندها ذهبت أنا وأخي وبدأ كل واحد منا بتنفيذ المهمة التي لديه، لم أكن أدري ماذا كان يقصد أبي من ذلك لكني كنت سعيداً جداً بهذا العمل حتى استطيع أن اثبت نفسي وعملت ما طلب مني على أكمل وجه.. كنت أحب أبي كثيراً لأنه كان عادلاً نوعاً ما ولم يكن يفرق بيني وبين إخوتي كما تفعل أمي ، وعندما رجعنا أنا وأخي بعدما أنهينا المهمة الموكلة ألينا. جئت وقد أكملت عملي تماماً بخلاف أخي الذي لم يعمل شيئاً لأنه كان يلعب ولا يكترث لكلام أبي. فرحت في قرارة نفسي لأني سوف أبدو ولأول مرة أفضل من أخي وإني استحق الاهتمام والثناء,, ذهبت إلى أبي والفرحة تملأ قلبي وتنير وجهي، إلا إنني وجدت أمي بجانبه وأخي بجانب أمي، فانكسرت نفسي لهذا المنظر وبعدها بدأ الحوار. قال أبي تعال يا بني، ماذا فعلت ؟ قلت: لقد أكملت كل شيء. قال: أحسنت يا ولدي وبارك الله فيك هاك هديتك. تهللت أسارير وجهي وطار قلبي قبل أن أطير أنا لآخذ الهدية لكني لم ألبث أن أمد يدي لآخذها حتى أخذتها أمي من بين يدي وهي تقول بكل قسوة وغيره، هذه من حق أخيك لقد تعرض لأسباب كانت عائقاً له عن إتمام عمله. شعرت بالإحباط لوهلة لكني تبسمت أملاً في أن يدافع عني أبي ويخبرها بأن أخي لم يكن لديه إحساساً بالمسؤولية وأنه كان يلعب طوال الوقت، إلا أن أبي لم يقل شيئاً حتى إنه لم يكلف خاطره أن يتأكد ويتمعن. وقتها أدركت أني وحيد بلا أم ولا أب حتى وإن كانا معي في نفس البيت حتى وإن عاشروني بأجسادهم وبعقولهم لكنهم بذلك تجردوا من معاني الإحساس والعاطفة والرحمة. لم أكن أعرف إني أنا وحدي أعامل هذه المعاملة ؟؟؟ تجمدت المشاعر في قلبي، وغادرت البسمة شفتاي حتى مشاعر الأخوة لم تعد كما كانت بل حلت مكانها مشاعر الحقد والغيرة وحب الانتقام، لذا آثرت الانتقام ممن جعلني أحس أني لا أصلح لشيء وإني أمثل حملاً ثقيلاً عليهم. هم زرعوا في قلبي الصغير هذه المشاعر المريبة التي طغت على مشاعر الطفولة البريئة، أي طفولة وأي حنان الذي لم يعد يعمر البيوت؟ كل هذه الأفعال تصدر من الآباء والأمهات وهم لا يدركون ذلك جهلوا هذه المعاني. ألم يعلموا أن للأطفال حقوقاً في المساواة وإنهم قادرون على العطاء ومن ذلك اليوم أبيت إلا أن أدافع عن حقوق الأطفال وأقول لهم إن حقهم في المساواة في الحب في الحنان هو حق يجب أن يطبق. حقهم أن يعيشوا حياة كريمة مليئة بالعطاء وعدم التمييز، حياة تهدف إلى إسعادهم وإشعارهم بأهميتهم في الحياة..