تسقط محاولات الحكم بمجرد أن يبدأ الميل إلى إفراغ الدولة من مضمون العدالة بمفاهيمها المتعددة (السياسية الاجتماعية الاقتصادية) وتتعمق معها مشاعر الغبن والظلم والقهر لتراكم مظلمات التمييز والاقصاء والتهميش بين فئات ومكونات المجتمع تضعف معها قيم الإيمان بالدولة ومشاعر الانتماء وتقل درجات العطاء الوطني لدى معظم أفراد الشعب المحرومين من حقوق المساواة والمواطنة والمشاركة والمغيبين داخل وطنهم.. تبقى معادلة الحقوق والواجبات الميزان الشفاف لمصداقية المواطنة السوية وشوكة الميزان الثابتة للعدالة، ومعادلة الاستقرار للأوطان، وإذا عدنا إلى الدول المنهارة والتي تعيش أوضاعاً مأساوية وحروباً داخلية تفتت وانقسامات وتفشي عوامل الفقر والجهل والفساد والمرض وضعف المسار التنموي وتغييب المشاركة والديمقراطية سنجد أن أبرز الأسباب التي تقف خلفها تنطلق من غياب المواطنة السوية ومقوماتها الثلاثة العدالة في توزيع الثروة والسلطة، والديمقراطية المحققة للتوازن والتنمية، ولا يخفى على أحد بأن بلادنا تندرج نسبياً ضمن رزمة الدول التي تعيش حالة مماثلة في تدهور الأوضاع وتعدد الأزمات وغياب المشاركة الحقيقية في السلطة وضعف المسار التنموي وانتشار ظواهر الفقر والجهل والمرض وتفشي أمراض الفساد والمحاباة والرشوة كإفرازات طبيعية لجذر الإشكال اليمني وهو غياب المواطنة السوية وتعميق سياسات الاستحواذ والتفرد على السلطة والثروة وتوسع دوائر التمييز الممتدة نقاط بداياتها ونهاياتها بالإحساس الواضح لدى غالبية الشعب بالإقصاء والتهميش والحرمان، فلا غرابة إذا ما عاش اليمنيون أزمات مستمرة وتدهور جاد في العلاقة البينية بين الدولة والمواطن، وتنامي نتوءات الانقسامات والصراعات وألغام الحروب والتفتت. إن استمرار تدهورالأوضاع وغياب الحلول الناجعة للمشاكل والقضايا المختلفة، وفشل كافة المعالجات السياسية والاقتصادية والاجتماعية يعود إلى الرؤية القاصرة التي تنتهجها السلطة وأولو الحل والعقد عند طرحها للحلول والتي تستهدف قشور المشكلة ولا تتناول حقيقة وجوهر الإشكالية اليمنية بشكل عام وجذورها المتمثلة بغياب المواطنة السوية ومرتكزاتها، وهو ما أكدت عليه كافة الرؤى والطروحات والمبادرات الرابطية على التنبيه إليه. وأكدت على أن غياب المواطنة السوية ومرتكزاتها، العدالة في توزيع الثروة والسلطة، والديمقراطية المحققة للتوازن، والتنمية الشاملة، هي جذر المشكل اليمني ولا يمكن أن تشهد البلاد استقراراً طبيعياً إذا لم يتم وضع الحروف الأولى لها في أي مبادرة أو حل أو معالجة للقضايا الوطنية.