تعودنا في بلادنا على ثقافة التعامل السلبي مع كل ما يطرحه الآخر، وبخاصة في المنظومة السياسية، وتم تطويعنا بالقبول على التعامل الإجباري مع هذه الثقافة الرافضة لكل ما يطرحه الآخر دون النظر أو التروي فيما طرحه من أفكار.. تطل بين الفينة والفينة تصريحات عنترية للبعض والمحسوبين على السلطة، تفسر ما طرحه حزب رابطة أبناء اليمن "رأي" في مبادرته لحل الأزمة اليمنية بشيء من الارتياب، وبكثير من الاجتزاء، توحي بعض هذه التصريحات بأنهم لم يقرأوها، بل اكتفوا بترديد اسطوانات مشروحة وسطحية، وصلوا إلى حد تفسير الفيدرالية وكأنها الكونفدرالية، فبينما شطح البعض بنعت الفيدرالية بأنها رديف للانفصال، ولو تحصنوا قليلاً بموهيتهم القرائية لأغنت الكثير منهم عن الوقوع في مثل تلك الزلات.. إن ما طرحته مبادرة الرابطة وما اجتهدت فيه وما أرتكزت عليه هو المعالجة الحقيقية لأزمات الوطن من جذورها، وجذر الأزمةاليمنية يعود لغياب المواطنة السوية بمرتكزاتها الثلاثة التي يراها الرابطيون العدالة في توزيع الثروة والسلطة، والديمقراطية المتوازنة ،والتنمية شاملة. ومع غياب المواطنة السوية سادت القيم السلبية من تمييز في المعاملة وتهميش وإقصاء واستئثار و تفردية ومركزية شديدة في القرار، وقفت ومازالت تقف خلف كل أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية في اليمن، ومنها رأت المبادرة الرابطية بأن هذه القيم الاستئثارية هي جذر المشاكل، وعلاجها لن يتم إلا بقيام الدولة المركبة (اللامركزية) وبصيغتها الاتحادية (الفيدرالية)، وفتح المجال لليمنيين أنفسهم للوقوف على البنود العشرة لهذه المبادرة عبر مؤتمر وطني شامل لايستثنى فيه أحد، بجمع كل فئات ومكونات المجتمع اليمني، يرأس هذا المؤتمر رئيس الجمهورية ليرى اليمنيون بأنفسهم ما هو المخرج الأنسب للأزمة اليمنية فإن كان بالفيدرالية كان بها، وإن كان هناك ما هو أفضل أو أجدر منها بشرط أن لا تخل بالمبدأ الرئيسي وهو المواطنة السوية. إلا أن معظم من شرع بالانتقاد والرفض و الاصرار على خلق تزييف في وعي الشعب ابتسروا تفسيراتهم للمبادرة عند شبهه هم رؤوها ولم يناقشوا غيرهم برؤيتهم.. كيف يعتبرون الدولة المركبة والنظام الاتحادي (الفيدرالية) غير مقبول؟ بينما هو في الحقيقة لا يخرج عن ما ينادون به من حكم محلي كامل الصلاحيات، وهو ما صرح به رئيس الجمهورية2006م بأنه لن يأتي عام2008م إلا وقد أصبح في اليمن حكومات محلية!! وهنا نطرح سؤالاً للأخوة الفزعين من الفيدرالية ما هو الخلاف بين ما قال الأخ رئيس الجمهورية وبين ما تدعو إليه مبادرة حزب رابطة أبناء اليمن "رأي" من سيادة الدولة اللامركزية (الدولة المركبة) الفيدرالية.