- يا ما نصحنا وحذرنا .. حكامنا من طريقة حكمهم القائم على الفساد وسوء الإدارة وصناعة الأزمات .. ولكنهم كانوا للأسف يقابلون تلك النصائح بنعت الناصحين لهم بالمتشائمين ... ولابسي النظارات السوداء، لأن الوقع اليمني في نظرهم صار مطرزاً بالانجازات المذهلة ...!! - للأسف يبدو أن حكامنا أو لنقل أغلبهم قد صاروا مدمنين على خطابات الإنجازات التي صرنا نسمعها ليل نهار.. بينما الحقائق على أرض الواقع تؤكد لنا أن حياة الشعب المعيشية والصحية والتعليمية والخدماتية والأمنية بل وحتى الأخلاقية تتراجع إلى الخلف يوماً بعد يوم.. والمفارقة الصدمة في هذه الإشكالية نجد السلطة تتحدث مع الداخل بخطاب الإنجازات المذهلة بينما مع الخارج نراها تتحدث بخطاب الإخفاقات والفشل في التنمية ...(!!!) - قلنا لحكامنا مراراً وتكراراً إن العالم قد تغيَّر ولكنهم ما زالوا مصيرين على إدارة الوطن بعقلية السبعينيات من القرن الماضي، وقلنا لهم إن هذه العقلية لم تعد صالحة لهذا العصر الذي صار وبفضل ثورة المعلومات قرية صغيرة.. هذا العصر أصبح فيه من الصعب على الأنظمة الاستبدادية الاستمرار في الكذب على شعوبها بإنجازات الوهم مثلما كان أيام الحرب الباردة.. فالعالم صار اليوم يراقب هذه الأنظمة ومدى نجاحها أو فشلها في إدارة الحكم لشعوبها، لكن ولاة أمرنا ما زالوا مصرين على إدارة الوطن بعقلية تصنع للشعب تنمية التخلف لكي يبقى الشعب متخلفاً على طول.. - فما كنا نقوله قبل عشر سنوات في كتاباتنا الصحفية عن ما يعانيه النظام من فساد وسوء إدارة.. وكنا نطالب دائماً بإجراء إصلاحات شاملة.. وهاهو العالمان الإقليمي والدولي جاء اليوم ليقولا لحكومتنا نفس الكلام الذي حذرنا منه قبل عشرات السني،ن ولكن يبدو أن حكامنا ينطبق عليهم المثل الشعبي القائل (شاة البلد ما تعشق إلا التيس الغريب).. - مؤتمر لندن ومؤتمر الرياض طالبا حكومتنا بإجراء إصلاحات شاملة وفورية لإنقاذ اليمن من الانهيار وطرح شروط التموين بعد ما تأكد لهم أن حكومتنا لم تستوعب من الخمسة المليارات دولار التي قدمتها البلدان المانحة 2006م لم يستوعبوا منها إلا 7%..! هذه الحادثة تمثل فضيحة سياسية واقتصادية بكل المقاييس، وهذا يعني أن النظام برمته أصبح عاملاً معيقاً للتنمية (!!!!) - ختاماً نقول إن فشل حكامنا في الداخل قد قادهم في نهاية الأمر إلى الخارج، وهذا يعني أن قضايا الوطن السياسية والاقتصادية والاجتماعية بل وحتى السيادية قد دخلت اليوم إلى المربع الأول للتدويل.. أي أن حكومتنا قد صارت من الآن تحت الوصايا الإقليمية والدولية. ننصح حكامنا بأن يغادروا مربعات إدارة البلد بالفهلوة ونطالبهم بأن يتعاملون مع الناس بمصداقية ويعترفوا بأن مشكلتنا الجوهرية ليست اقتصادية كما يقولون، بل إنها مشكلة سياسة بامتياز، بدليل أن النظام السياسي صار هو العامل الرئيسي المعيق للتنمية وإلا ماذا نفسر فضيحة عدم استيعاب القروض والمنح التي قدمت لنا عام 2006م والمقدر5,7 مليار دولار.. إنها والله فضيحة سياسية واقتصادية وضعتنا في موقف محرج ومخزٍ أمام الدول المانحة.