تخوّف اقتصاديون ومسؤولون يمنيون من تضرر اليمن نتيجة الأزمة المالية العالمية، تحديداً من تراجع عائدات النفط كمصدر رئيس للدخل بفعل انخفاض أسعاره في الأسواق الدولية. وأكد المدير العام لاتحاد الغرف التجارية والصناعية محمد الميتمي أن انهيار أسعار النفط بمقدار النصف، «سيؤثر حتماً وفي شكل مباشر في عائدات اليمن من النقد الأجنبي الممول الرئيس للمشاريع الاستثمارية العامة للدولة، وفي قدرة الدولة على تمويل نشاطاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وممارسة سياسة نقدية ضابطة تمنع تدهور العملة الوطنية». وتوقع أن «يتواصل الانهيار لتصل الأسعار إلى نحو 50 دولاراً للبرميل في الأسابيع المقبلة، ما يعني انخفاض عائدات اليمن من صادرات النفط أكثر من النصف». ولفت إلى أن خسائره المباشرة «ستكون في حدود 1.5 بليون دولار». وأشار في ندوة نظمها المركز اليمني للدراسات التاريخية وإستراتيجية المستقبل منارات، حول الأزمة المالية العالمية وتداعياتها، وانعكاساتها على اقتصاد اليمن، إلى ان البنك المركزي والمصارف التجارية «تودع جزءاً من احتياط النقد الأجنبي في المصارف الأميركية والأوروبية بفائدة محددة، وأوقعت الأزمة المالية خسائر فادحة في الجهاز المصرفي العالمي،كما انخفضت أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية، وبالتالي، فإن عائدات هذه الودائع والحافظة الاستثمارية ستتأثر سلباً بانهيار سوق الأسهم والسندات وبانخفاض أسعار الفائدة،وستتأثر أيضاً حركة الرساميل الدولية في قنوات الاقتصاد العالمي، وكان يُستثمر جزء منها في اقتصادات الدول النامية». وحذر رجال مال وأعمال وخبراء اقتصاد وأكاديميون في اليمن، من استمرار «هبوط الريال اليمني أمام الدولار بسبب تأثيرات الأزمة المالية التي تضرب في أوروبا وأميركا». وانتقد الخبير الاقتصادي محمد السعيدي السياسة التي يتبعها البنك المركزي اليمني في أذون الخزانة مع المصارف اليمنية الأخرى،واقترح أستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء داوود عثمان ثلاث نقاط رئيسة، يمكن من خلالها تلافي التأثير المباشر للأزمة في اليمن تتمثل ب «إعادة النظر في السياسة النقدية بما يؤدي إلى خفض سعر الفائدة، والحفاظ على مستوى تضخم منخفض، وتعميق السياسات الاقتصادية الإصلاحية». وفي الإطار ذاته، أكد المدير التنفيذي للبنك الدولي خوان دابوب خلال مباحثات مع وفد يمني في واشنطن، جدية مساعي البنك الدولي في دعم اليمن مادياً لمجابهة أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لافتاً إلى أن الأزمة المالية العالمية «لن تؤثر في عمليات البنك الدولي في اليمن ونشاطاته». كما طالب عدد من الاقتصاديين الحكومة بالشفافية والإفصاح عن التأثيرات السلبية للازمة المالية العالمية على الاقتصاد الوطني،وتساءلوا عن الاحتياطي اليمني من العملات الأجنبية والمقدر ب 7 مليار دولار، وفي أي البنوك العالمية يتم استثماره، ومستوى تأثر القطاع المصرفي اليمني بالأزمة؟. وأكد الاقتصاديون حتمية تأثر الاقتصاد الوطني بالأزمة، حيث توقع مدير عام اتحاد الغرف التجارية الدكتور محمد الميتمي أن تخسر اليمن نصف عائداتها من النفط في حال استمر سعر البرميل النفط عند مستوى أقل من 80 دولار للبرميل، وهو ما يعادل مليار ونصف مليون دولار التي هي خسارة اليمن عن تلك الأزمة المباشرة عن انخفاض سعر النفط. فيما قال رئيس قسم الإقتصاد بكلية التجارة جامعة صنعاء الدكتور داوود أحمد عثمان أن عدم ارتباط اليمن بالنظام المالي العالمي بقوة بسبب عدم وجود سوق للأوراق المالية أحد الأسباب التي تجعل من مسألة حصول تأثيرعلى الإقتصاد اليمني ضعيفة. وأوضح في ندوة نظمها مركز منارات الثلاثاء الماضي أن الأزمة المالية الحالية أزمة سيولة بسبب قيام البنوك بإقراض أمولها وعدم استطاعتها على استعادتها، مشيرا إلى قيام الدول المتضررة بضخ سيوله إلى السوق كأحد الحلول لتلافي الأزمة واستعادة النظام المالي للثقة. ووصف عثمان النظام المصرفي في اليمن ب"الضعيف وحدود"، كما دعا إلى لإيجاد نظام مالي متطور والإسراع بإيجاد سوق للأوراق المالية. الدكتور سيف العسلي استاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء قال أن الآثار السيئة للأزمة المالية العالمية لم تأتي بعد، وما يحصل هو مقدمة فقط،وطالب العسلي بمزيد من انفتاح الاقتصاد الوطني والعمل على إيجاد شبكة ضمان اجتماعي عادلة تعود المجتمعات لها حال الأزمات وتشارك فيها الدولة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص وكل شرائح المجتمع بحيث تكون هذه الشبكة قادرة على الوصول إلى الفقراء. وفي ذات السياق أقر مجلس النواب الاثنين الماضي استدعاء وزير المالية ومحافظ البنك المركزي اليمنى للجلوس مع اللجنة المالية بالمجلس لدراسة تأثيرات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الوطني وتقديم تقرير بذلك إلى المجلس خلال الجلسات المقبلة ..