كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن أنفلونزا الطيور وأخطارها على البشر وبات الجميع يتحدث عن وباء عالمي قريب واختلط الأمر على كثير من الناس وبدأ الخوف يغزو قلوبهم خوفا من وصول المرض اليهم. ومما لا شك فيه أن أنفلونزا الطيور أو كما يخشاه البعض من أن يكون "طاعون العصر" الاخذ في الانتشار قد أصبح خطرا يهدد العالم بأكمله منذرا بكارثة قد لا يحمد عقباها فهو يشكل خطراً على صحة الثروة الداجنة والإنسان. وتشير البيانات الصحية إلى أن هذا الفيروس الذي ينتقل عن طريق الطيور البرية وتجارة الدواجن قد وصل بالفعل إلى 55 بلداً على الأقل في مختلف أنحاء العالم . ووفقاً لتقديرات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) فقد تعرض أكثر من 220 مليون من الطيور الداجنة مملوكة في معظمها من قبل مزارعين فقراء في بلدان العالم النامية للنفوق أو الإعدام في إطار الجهود الرامية إلى احتواء هذا الفيروس. وتشير تلك التقديرات إلى أن الخسائر الاقتصادية التي تعرض لها قطاع الدواجن في منطقة جنوب شرق آسيا وحدها قد بلغت حوالي 10 بلايين دولار أمريكي وأن عمليات إعدام الطيور الداجنة المصابة قد كلفت قطاع تربية الدواجن في أفريقيا حوالي 60 مليون دولار أمريكي أخرى. وتقول منظمة الصحة العالمية إن عدد البلدان التي توجد بها حالات إصابة بين البشر قد ارتفع من بلدين اثنين في عام 2003 (هما الصين وفييتنام) ليصل إلى 10 بلدان في عام 2006. وقد بلغ مجموع عدد حالات الإصابة بإنفلونزا الطيور بين البشر 261 حالة في حين بلغت حالات الوفيات 157 حالة بنهاية عام 2006. وأصبحت إندونيسيا أشد بلدان العالم تضرراً من هذا المرض، حيث بلغت حالات الإصابة بهذا الفيروس 74 حالة في حين بلغت حالات الوفاة 54 حالة . وقد شهد عام 2006 وحده ظهور حالات إصابة بين البشر في خمسة بلدان أخرى هي: أذربيجان وجيبوتي ومصر والعراق وتركيا. وسجلت مصر 22 حالة اصابة منذ ظهور المرض توفيت 13 حالة منها فيما تم شفاء باقي الحالات .. ومعظم حالات الاصابة به في مصر ناتجة عن تربية الدواجن المنزلية التي تعتبر مصدرا اساسيا للدخل للعديد من العوائل المصرية الفقيرة. ويعتقد ان هذا المرض موجود في كل من ايران والعراق واراضي 48 المحتلة قطاع غزة والضفة الغربية. وتنقسم فيروسات الإنفلونزا المسؤولة عن الزكام إلى أنواع مختلفة A و B وC أغلبها هو النوع A الذي ينقسم إلى 15 صنف H و تسعة أصناف N، حيث يتسبب الصنفان H5 و H7 في حالات مرضية تؤدي إلى الوفاة بنسبة 90 إلى 100 بالمائة. وتصيب هذه الأنفلونزا جميع أنواع الطيور تقريبا و ينتقل الفيروس بين الحيوانات عن طريق العدوى بالاتصال المباشر عبر التنفس أو البراز أو بطريقة غير مباشرة عبر التعرض إلى مواد تحمل الفيروس كالماء و الأغذية و الأدوات و الألبسة التي يستعملها المربون والعمال. وتحمل غالبا الطيور البرية سلالات من الفيروس دون أن تظهر عليها أية أعراض، لكن اتصال هذه الطيور المهاجرة بالدواجن هو السبب في ظهور المرض وانتشار الوباء و يمكن كذلك أن تنتقل العدوى إلى أنواع حيوانية أخرى كالخنزير . ورغم ان عدد حالات الوفاة بين البشر يُعتبر محدوداً للغاية إذا ما تمت مقارنته بالأعداد الهائلة من الطيور المصابة بالفيروس واحتمالية التعرض الكبير لها من قبل الإنسان فى مجالات عديدة وخاصة فى المناطق التى توجد بها مزارع للدواجن على نطاق كبيرالا انه لم يُفهم فى الوقت الحالي لماذا إناس دون غيرهم أصيبوا بالمرض بالرغم أنه تم التعرض له من كلا الفئتين. ويتابع الباحثون الطبيون حالات الإصابة بإنفلونزا الطيور بين البشر عن كثب بغرض رصد ظهور أول علامة على أن هذا الفيروس قد أصبح بمقدوره الانتقال فيما بين البشر. ويعتبر انفلونزا الطيور نوع من أنواع العدوى الفيروسية والتي تصيب وتنتشر بين الطيور وتعتبر الطيور البرية هي مصدر ومأوى لهذا الفيروس وانتقاله خاصة في فترات هجرة الطيور حيث أنها تكون في بعض الأحيان حاملة له في أحشائها دون الإصابة به ولكنها تتسبب في انتقال الفيروس وتفشيه بين الكتاكيت والبط والديوك و تؤدى إلى قتلها ولم تكن فيما مضى تنقل عدواها إلى البشر. واكتشف العلماء مؤخرا أن فيروس أنفلونزا الطيور يبقى مدة طويلة في أنسجة الطيور حتى بعد موتها، لذلك تتركز طرق الإصابة بالمرض في الاتصال المتكرر مع الطيور المصابة. وتنتقل العدوى عن طريق الجهاز التنفسي، مثل استنشاق افرازات الطيور،أو عن طريق العيون، حيث يلتصق بها الغبار أحيانا. ولا يوجد خطر من انتقال العدوى عن طريق الجهاز المعوي، أي عن طريق تناول لحوم الطيور المطهية، حيث لا يحتمل الفيروس درجة الحرارة العالية . ويمكن للفيروس من النوع A و الصنف (N1/ H5) أن ينتقل من الحيوان إلى لإنسان مثلما حدث في آسيا، و كذلك في هولندا بواسطة الصنف (N7/ H7) و تتم العدوى عندما يكون الاتصال بهذه الحيوانات كبيرا و ممتدا و متكررا كما هو الشأن بالنسبة للعالمين في الميدان أو من لهم علاقة به كالمربين و التقنيين و الأطباء البيطريين و فرق التطهير. ولا توجد شواهد ثابتة حتى الان على انتقال المرض من الإنسان إلى الإنسان، غير أن الخبراء يخشون من حدوث أسوأ الاحتمالات، وهو أن يتحد فيروس H5N1 بعد دخوله جسم الإنسان مع أحد فيروسات الأنفلونزا البشرية وينتج عن ذلك نوع جديد شرس من الفيروسات تحمل صفات جينية جديدة ويكون باستطاعتها الانتقال بين البشر بشكل يصعب السيطرة عليه. ويشير الحرفان المستخدمان في اسم الفيروس إلى نوعين من البروتينات يدخلان في تركيبه: بروتين هيماجلوتينين (H) وهو المسئول عن اختراق جدار الخلية الحية والإتحاد معها، أما البروتين الآخر فيدعى نويرامينريز (N) ويعزى إليه إطلاق أنواع جديدة من الفيروس غير المعروفة عن طريق طفرة جينية وهنا مكمن الخطورة. وعرف مرض انفلونزا الطيور لأول مرة فى إيطاليا عام 1890 حيث أحدث المرض نسبه وفيات عالية فى الطيور المستأنسة وسميت آن ذاك بطاعون الدجاج. وفى عام 1955 وجد أن هذا المرض يسببه فيروس الأنفلونزا وينتمى إلى الفيروس الذي يصيب أيضا الثدييات، وكانت كل الأعمار قابلة للعدوى بهذا الفيروسA وسمي بطاعون الدجاج وهذا الإسم لم يعد يستعمل الآن وأصبح الاسم البديل له فيروس أنفلونزا الطيور شديد الضراوة ، ومما أكد أنه شديد الضراوه هى اختبارات العدوى الصناعية التي أدت إلى نفوق 75% من الطيور المحقونة بفيروس الأنفلونزا . ففي عام 1997 تم اكتشاف أول حالة عدوى بين البشر بالسلالة المسببة لأنفلونزا الطيور (H5N1) فى هونج كونج ، والتى أصيب على أثرها نحو 18شخصاً بالعدوى، وظهرت عليهم أعراضاً تنفسية شديدة فتوفى منهم 6 أشخاص و سمي المرض ( إنفلونزا هونغ كونغ ) . كما ظهرت أيضاً حالات عدوى متوسطة من فيروس الأنفلونزا (H9N2) فى الأطفال (حالتين) في عام 1999م فى هونج كونج , وقد أعتبر هذا الفيروس H9N2 غير ضار للطيور . ثم عاد الإزعاج مرة أخرى فى فبراير 2003 عندما أدى وباء أنفلونزا الطيور (H5N1) فى هونج كونج إلى إصابة حالتين ووفاة حالة واحدة وقد حدث أيضاً وباء بفيروس الأنفلونزا شديد الضراوة (H7N7) والذى بدأ فى فبراير 2003 بهولندا أدى إلى وفاة طبيب بيطرى وظهور أعراض متوسطة علي 83 شخصاً آخرين . وفى منتصف ديسمبر 2003 ظهرت حالة واحدة أيضاً , واستمر مسلسل الخوف والذعر العالمى ، ففي يناير عام 2004 أكدت الاختبارات المعملية عن وجود فيروس الأنفلونزا (H5N1) فى حالات بشرية بها أعراض تنفسية شديدة فى الأجزاء الشمالية من فيتنام لتتزايد مخاطر الخوف والقلق من هذا الفيروس الذي لا يعلم إلا الله متي ينتهى .