لم يسبق أن تعرضت محافظة عدن قبل هذا العام لصيف شديد الحرارة ترافقه رطوبة عالية وموجات عاصفة متربة جعلت من جمالها الرباني محافظة كئيبة يصعب العيش فيها لمن أتاها زائرا ، ويرجع السبب في ذلك إلى الاحتباس الحراري وهي ظاهرة إرتفاع درجة الحرارة في بيئة ما نتيجة تغيير في سيلان الطاقة الحرارية من البيئة وإليها... و عادة ما يطلق هذا الاسم على ظاهرة إرتفاع درجات حرارة الأرض في معدلها. عدن ومع هذا الظاهرة لم يشفع لها بحرها الجميل الدافئ في التخفيف من هذه الحرارة التي تلسع الوجوه وتحرق الأجساد ، فهيجان وارتفاع الأمواج فيه ووجود الحيسات (الدومات البحرية) منعت مرتاديه من السباحة خاصة وان البحر أثناء الصيف يكون باردا منعشا للجسد. صيف اودى مطلع هذا الاسبوع بحياة عشرة اشخاص جراء موجه الحرارة التي بلغت /43/ درجة مئوية ،الامر الذي جعل مستشفيات المدينة تعلن حالات التاهب القصوى لاستقبال المنتكسين من ابناء المحافظة والمحافظات القريبة الاخرى والذين قد يصابون بجلطات دماغية وسكتات قلبية من جراء اصابتهم بأمراض مزمنة مثل القلب والضغط والشرايين . فعدن التي كانت مطلع هذا العام مقصد الزوار ممن ارادوا الاستمتاع بإجازتهم الرسمية او الاسبوعية او السنوية ،اضحت الان مكانا يفر منه الزائرين ويكاد يرافقهم القاطنين لولا ارتباطهم بوظائف واعمال تمنعهم من مغادرة هذه المدينة الحارة . *مجابهة الصيف هذا الصيف كان متوقعا من قبل مسئولي وزارتي الكهرباء والمياه، واشارا في تقريرين منفصلين لهما الاستعدادات لمجابهة هذا الصيف. تقرير الكهرباء اوضح أنه تم تخصيص مبلغ مليار و/821/ مليون ريال من مبلغ /7/ مليارات و/372/ مليون ريال من برنامجها الاستثماري لعام 2007م لمجابهة هذا الصيف رصد منه مليار و/80/مليون ريال للنشاط الفني لتحسين الشبكة (11 ك . ف) جهد منخفض من خلال مد /90/كيلو متر من الكابلات وخطوط التنفيذية والهوائيات وتركيب /1210/من محولات ولوحات التوزيع ومفاتيح الفصل وملحقات وصناديق المصهرات .. اضافة الى رصد/700/ مليون ريال لتحسين الشبكة (33 ك .ف) والمتمثل في تركيب محولين جديدين ومفاتيح لمحطة التحويل بمنطقة عبدالقوي وتركيب مفاتيح لمحطات تحويل مناطق دارسعد والبريقة وتأهيل مواقع الاعطاب بالطريق البحري بخورمكسر . واضاف التقرير انه تم رصد /35/مليون ريال اخرى لصيانة الشبكات وخطوط هوائية لشبكة التوزيع (11 ك .ف) بطول /250/كيلو متر والقيام بالصيانة العمرية والروتينية للمحطات النوعية وشبكة الجهد المتخصص والاعطاب وتركيب مكثفات ثابته ومتغيره وقياس الاحمال للمحولات النوعية بالاضافة الى رصد /6/ملايين ريال لصيانة الخطوط الهوائية لشبكة (33 ك . ف) بطول /60/كيلو متر وصيانة 13 محطة تحويل رئيسية في عدد من مديريات المحافظة . واكد وزير الكهرباء والطاقة الدكتور مصطفى بهران في محاضرة القاها في جامعة عدن مطلع الشهر الجاري ان الوزارة اتخذت جملة من المعالجات لتلافي انقطاع التيار الكهربائي في المدن الساحلية ومنها عدن, الحديدة, المخا والمكلا نظرا لإرتفاع درجاة الحرارة في هذه المدن خلال فصل الصيف . مؤسسة المياه من جهتها بينت في تقريرها حول مجابهة الصيف انه تم انزال مناقصة لحفر ثمانية ابار في حقل بئر ناصر وصيانة المضخات والمحركات والمولدات لابار الحقول الثلاثة (بئر ناصر والروي وبئر احمد) وكذا صيانة الشبكة الكهربائية للضغط العالي في هذه الحقول وصيانة عدد من الابار بحسب الفترات الزمنية المحدده لذلك من خلال تصفيتها لرفع انتاجيتها حيث تم تصفية(15) بئر في حقل بئر ناصر و(7) ابار في حقل الروي و(5) ابار في حقل بئر احمد . * انقطاع الماء والكهرباء المواطنون الذين استطلعت اراءهم وكالة الانباء اليمنية"سبأ" حول ما يعانون في صيف هذا العام، الطابع العام لارائهم الاستياء من الخدمات المقدمة لهم والتي تساعدهم على التغلب على موجهة الحرارة.. يقول علي احمد محمد من مديرية خور مكسر :"ان صيف هذا العام لم نشهده من قبل ومؤسسة الكهرباء وعدت بعدم قطع التيار الكهربائي ،الا اننا لم نر ذلك ولم نلحظه وفي بعض الايام ينقطع التيار في اوقات نومنا أي من الساعة الثالثة وحتى السابعة ،وفي نفس الوقت نفاجأ بانقطاع المياه ايضا ، وشدة الرطوبة وتيارات الاتربة تحول دون خروجنا من المنزل لتنشق الهواء الطبيعي" . ويضيف سمير عبدالله ناصر "عانينا من صيف هذا العام وخاصة مطلع هذا الاسبوع كثيرا فهو صيف ليس له مثيل في الحرارة..حتى نسمة الرياح التي تهب في بعض الاحيان تاتي حارة محملة بالاتربة، ورغم انقطاعات التيار الكهربائي والمياه الا ان المؤسستين معذورتين لما يعانونه من ضغط في استهلاك الكهرباء والمياه .. كما انني عند ذهابي الى المؤسسة العامة للكهرباء في المحافظة اكدوا انهم يعانون ضغطا في طلب التيار اما في المحافظة او في المحافظات الاخرى" . ويشرح الخضر صالح احمد معاناته واسرته بالقول "عند انقطاع التيار الكهربائي او المياه فاننا نبقى في حال يرثى لها فالرطوبة تجعل من اجسادنا ساخنة قابلة للانصهار ،وتزيد الطين بله الرياح المتربة التي تواجهنا في شوارع المدينة ،اما الحرارة المرتفعة وما تفعله بنا فحدث ولا حرج ، اتمنى ان تكون المؤسستان صادقتان في وعودهما من التجهيز لمجابهة هذا الصيف الذي لم تشهد المحافظة سابقة" . ووافق المواطن نبيل عبدالله محمد راي اخيه الخضر من حيث ما يعانيه من هذا الصيف ،مضيفا ان هذا الصيف قد يكون بسبب عوامل تتمثل في الاحتباس الحراري او الاعاصير التي حدثت مؤخرا في المنطقة . *الاحتباس الحراري ويعرف الاحتباس الحراري انه ظاهرة إرتفاع درجة الحرارة في بيئة ما نتيجة تغيير في سيلان الطاقة الحرارية من البيئة و إليها... و عادة ما يطلق هذا الإسم على ظاهرة إرتفاع درجات حرارة الأرض في معدلها. وينقسم العلماء عند سبب ظاهرة إرتفاع حرارة كوكب الأرض فهناك من يقول أن هذه الظاهرة طبيعية و أن مناخ الأرض يشهد -طبيعيا- فترات ساخنة و فترت باردة مستشهدين بذلك بحدوث فترة جليدية أو باردة نوعا ما بين القرن 17 و 18 في أوروبا. هذا التفسير يريح كثير الشركات الملوثة مما يجعلها دائما ترجع إلى مثل هذه الأعمال العلمية لتتهرب من مسؤليتها أو من ذنبها في إرتفاع درجات الحرارة حيث أن أغلبية كبرى من العلماء و التي قد لا تنفي أن الظاهرة طبيعية أصلا متفقة على أن إصدارات الغازات الملوثة كالآزوت و ثاني أوكسيد الكربون يقويان هذه الظاهرة. ويرجع الفريق الثاني من العلماء ظاهرة الإحتباس الحراري إلى التلوث وحده فقط حيث يقولون بأن هذه الظاهرة شبيهة إلى حد بعيد بالدفيئات الزجاجية و أن هذه الغازات و التلوثات يمنعان أو يقويان مفعول التدفئة لأشعة الشمس. ففي الدفيئة الزجاجية تدخل أشعة الشمس حاملة حرارتها إلى داخل الدفيئة، ومن ثم لا تتسرب الحرارة خارجا بنفس المعدل، مما يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة داخل الدفيئة. كذا تتسبب الغازات الضارة التي تنبعث من ادخنة المصانع ومحطات تكرير البترول ومن عوادم السيارات (مثلا) في نفس الظاهرة،مسببة ارتفاع درجة حرارة الأرض . ورغم ما يشهده العالم من تطور في التقنيات الى ان ظاهرة الإحتباس الحراري بالجو المحيط بالأرض مازالت لغزا محيرا ولاسيما نتيجة إرتفاع درجة حرارة المناخ العالمي خلال القرن الماضي نصف درجة مئوية أخذ الجليد في القطبين وفوق قمم الجبال الأسترالية في الذوبان بشكل ملحوظ ولاحظ علماء المناخ أن مواسم الشتاء إزدادت خلال الثلاثة عقود الأخيرة دفئا عما كانت عليه من قبل وقصرت فتراته. فالربيع يأتي مبكرا عن مواعيده. وهذا يرجعونه لظاهرة الإحتباس الحراري. ويعلق العالم الإنجليزي ( ر يكيامار ) علي هذه الظاهرة المحيرة بقوله :إن أستراليا تقع في نصف الكرة الجنوبي. وبهذا المعدل لذوبان الجليد قد تخسر تركة البيئة الجليدية خلال هذا القرن.. وقد لوحظ أن الأشجار في المنطقة الشبه قطبية هناك قد إزداد إرتفاعها عما ذي قبل . فلقد زاد إرتفاعها 40 مترا علي غير عادتها منذ ربع قرن . وهذا مؤشر تحذيري مبكر لبقية العالم .لأن زيادة ظاهرة الإحتباس الحراري قد تحدث تلفا بيئيا في مناطق أخري به. وهذا الإتلاف البيئي فوق كوكبنا قد لاتحمد عقباه .فقد يزول الجليد من فوقه تماما خلال هذا القرن . وهذا الجليد له تأثيراته علي الحرارة والمناخ والرياح الموسمية و يربط العديد من العلماء بين المحيطات و التيارات الموجودة بها و بين درجة حرارة الأرض حيث أن هذه التيارات الباردة و الساخنة عبارة عن نظام تكييف للأرض أي نظام تبريد و تسخين و قد لوحظ مؤخرا أن هذه التيارات قد غيرت مجراها ما جعل التوازن الحراري الذي كان موجودا ينقلب و يستدل بعض العلماء على ظهور أعاصير في أماكن لم تكن تظهر بها من قبل. سبأنت