صدر مؤخرا على هامش معرض ابوظبي الدولي للكتاب، كتاب بعنوان (يوميات من القرن الافريقي ) للكاتب والاعلامي اليمني علي العمودي، يمثل باكورة انتاجه الفكري . ويقع الكتاب الصادر عن دار صفصافة المصرية في 192 صفحة من القطع المتوسط ويتكون من مقدمة وثمانية فصول . وينقل الكاتب وهو صاحب عمود (صباح الخير) اليومي في صحيفة الاتحاد الاماراتية ، من خلال هذا الكتاب ما يمكن تسميتها بشهادات من ارض الميدان سجلها علي العمودي خلال رحلاته التي امتدت لاكثر من عشر سنوات الى منطقة القرن الافريقي . ويقدم الكتاب صورة واقعية لمأساة البوابة الجنوبية للعلم العربي التي اهملها العرب ، كما اهملها العالم أجمع على الرغم من اهميتها للوطن العربي والتي لاتقل عن اهمية البوابة الشرقية والقضية المركزية للعرب. وفي غفلة العرب هذه كما يقول العمودي قي مقدمة كتابه اختفت دولة عضو في الجامعة العربية من الخريطة السياسية منذ نحو 19 عاما أو يزيد. ويلمح الكاتب الى كيفية تغير صورة الصومال على سبيل المثال في الذاكرة العربية لتصبح مقرونة بالمجاعة وأمراء الحرب وصور جيش اجنبي يدخل ثالث عاصمة عربية في العصر الحديث ، بعد ان كانت بلاد الاساطير التي أغدقت على معابد الفراعنة اللبان والبخور وجعلت الملكة حتشبسوت تغادر عرشها لرؤية " بونت " بلاد الصومال التي عبر منه الاسلام في تاريخه المبكر الى شرق أفريقيا. ويحاول علي العمودي كما يقول الناشر في كتابه ( يوميات من القرن الافريقي) بجدية ومنهجية ، ان يسد الفراغ في المكتبة العربية حيال هذه المنطقة ، وهو يفعل ذلك بروح الباحث الرصين وحسن الصحفي المتمرس الموضوعي وبعين لاقطة استحضرت المكان واستدعت الزمان واعادت قراءة صفحات التاريخ والجغرافيا معا ، فجاءت الرؤية غنية متعددة كألوان قوس قزح. ويتناول الفصل الاول من الكتاب الصومال متاهة الحروب ومؤتمرات المصالحة،والفصل الثاني يروي حكاية الصومال والاصرار على الاستقلال، بينما ينتقل المؤلف في الفصل الثالث الى هرجيسا عاصمة ارض الصومال ليحكي قصة النهوض من بين الغبار والرماد ، ولتكون محطة المؤلف للانتقال في الفصل الرابع الى اثيوبيا حيث يعالج حكاية إنقاذ الجار اللدود من قبضة المتطرفين . بينما انتقل المؤلف في الفصل الخامس الى ارتيريا .. هضبة بين اثارة الشغب و اطفاء الحرائق ليصل في الفصل السادس الى جيبوتي مستعرضا فن الطفو فوق الازمات ، ومنها الى كينيا في الفصل السابع حيث يستعرض كيف تتحول ازمات الجيران لتبيض ذهبا ،ليختتم الكتاب في الفصل الثامن بتقديم رؤية شمولية للقرن الافريقي بين منطق التاريخ وتقطاع المصالح . ويتجلى من القراءة الاهمية الكبيرة لهذا الكتاب ما يجعله مرجع هام لا تستغني عنه مكتبة السياسيين لما فيه من العبر والعضات الكثير التي ينبغي عليهم ادراكها في صراعاتهم .