كارثة وشيكة ستجتاح اليمن خلال شهرين.. تحذيرات عاجلة لمنظمة أممية    تعز تشهد المباراة الحبية للاعب شعب حضرموت بامحيمود    وفاة امرأة عقب تعرضها لطعنات قاتلة على يد زوجها شمالي اليمن    عاجل..وفد الحوثيين يفشل مفاوضات اطلاق الاسرى في الأردن ويختلق ذرائع واشتراطات    مليشيا الحوثي تعمم صورة المطلوب (رقم 1) في صنعاء بعد اصطياد قيادي بارز    انتحار نجل قيادي بارز في حزب المؤتمر نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة (صورة)    إعلان عدن التاريخي.. بذرة العمل السياسي ونقطة التحول من إطار الثورة    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    "مشرف حوثي يطرد المرضى من مستشفى ذمار ويفرض جباية لإعادة فتحه"    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    "القصاص" ينهي فاجعة قتل مواطن بإعدام قاتله رمياً بالرصاص    "قلوب تنبض بالأمل: جمعية "البلسم السعودية" تُنير دروب اليمن ب 113 عملية جراحية قلب مفتوح وقسطرة."    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    غضب واسع من إعلان الحوثيين إحباط محاولة انقلاب بصنعاء واتهام شخصية وطنية بذلك!    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    الخميني والتصوف    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المنشآت المائية.. إشكالات تبحث عن حلول وأهداف لم تتحقق
نشر في سبأنت يوم 01 - 06 - 2010

اشتهر اليمنيون منذ القدم ببناء السدود والحواجز والقنوات المائية، لأهميتها في تأمين احتياجاتهم من موارد المياه, خصوصا وأن اليمن من الدول التي ليس فيها أنهار, ومن أفقر الدول في الموارد المائية، ومؤخرا أصبحت في مقدمة الدول التي ستعلن جفافها من المياه.
ومنذ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة 1990, أولت الحكومات اليمنية اهتماما كبيرا لإنشاء مشاريع المنشآت المائية في مختلف محافظات الجمهورية, بهدف الاستفادة من مياه الأمطار والحد من حفر الآبار التي تهدد استنزاف المياه في بعض المحافظات, وتوفير المياه لأراض مختلفة مع إعطاء أولوية لمياه الشرب, وتوسيع رقعة أراضي الزراعة المروية وتوفير مياه سقي الحيوانات، وتغذية المياه الجوفية.
لكن خبير إدارة أحواض مساقط المياه، الدكتور خليل المقطري, يرى أننا تأخرنا في هذا الجانب وأن الحكومات المتعاقبة لم تتنبه للمشكلة إلا في السنوات الأخيرة من عقد التسعينيات, رغم خطورتها, وهي السنوات التي ظهرت خلالها السياسات والخطط الوطنية, كالسياسة الوطنية للمياه، والسياسة الوطنية لتهيئة أحواض مساقط المياه، والخطة الوطنية لمكافحة التصحر، اللواتي انبثقت عن أجندة عدن عام 1998.
وقال: "استندت الدولة، من خلال هذه السياسات والبرنامج الانتخابي للأخ الرئيس، إلى مبدأ أساسي يقوم على الاستفادة القصوى من الموارد المائية السطحية المتجددة التي يقدر حجمها بحوالي 2.5 مليار متر مكعب/ سنة، وهو بمثابة العودة إلى العمل بالسياسة التقليدية التي اختطتها الدول والممالك والإمارات التي توالت على حكم اليمن عبر التاريخ القديم والوسيط ومطلع الحديث، وهو مبدأ حكيم وعقلاني؛ كونه ينسجم مع الخصائص الفيزيوغرافية لليمن، وقد كان من المتوقع له أن يحقق نجاحاً فيما لو تركت عمليات التخطيط والتنفيذ لذوي الاختصاص، وتم ذلك وفق خطوات علمية ومهنية توجهها المصلحة الوطنية وما هو متوفر من موارد وإمكانات طبيعية ومادية، بعيداً عن أي اعتبارات أخرى".
إجراءات وضوابط
ويقول أستاذ الهندسة الزراعية المساعد بكلية الزراعة بجامعة صنعاء، الدكتور عمر بامقاء: "مشاريع السدود الصغيرة بدأت في الظهور في ثمانينيات القرن الماضي، معظمها بمبادرات ذاتية من قبل المواطنين والجمعيات التعاونية، دون الاعتماد على دراسات جدوى منهجية عند الإنشاء. أما حاليا فتوجد عدة جهات ومؤسسات مخولة للتدخل في إنشاء مشاريع السدود وتمويلها: قطاع الري واستصلاح الأراضي بوزارة الزراعة والري، الصندوق الاجتماعي للتنمية، صندوق تشجيع الإنتاج الزراعي والسمكي، ومشروع الأشغال العامة, وجميعها لديها إجراءات وضوابط واضحة تتضمن ضرورة توفر دراسات جدوى متكاملة، فنيا واجتماعيا واقتصاديا وبيئيا, بدءا من مرحلة اقتراح المشروع ومرورا بمراحل التخطيط والتصميم والتنفيذ والتشغيل؛ وخاصة الصندوق الاجتماعي للتنمية".
أرقام
في المقابل بلغ إجمالي مشاريع السدود والخزانات والحواجز المائية المنجزة حتى نهاية عام 2007 -بحسب المعنيين في قطاع الري بوزارة الزراعة والري- حوالي 1500 مشروع في عموم محافظات الجمهورية, وبلغ إجمالي المشاريع المائية المستلمة ابتدائيا خلال العام الجاري 16 مشروعا بتكلفة إجمالية قدرها مليار و918 مليونا و443 ألفا و969 ريالا, و41 مشروعا قيد التنفيذ بتكلفة إجمالية قدرها 3 مليارات و940 مليونا و897 ألفا و589 ريالا, بينما بلغ عدد المشاريع المعلنة خلال نفس العام 16 مشروعا بتكلفة تقدر ب3 مليارات و460 مليون ريال.
في حين بلغ عدد المشاريع المستلمة نهائيا خلال العام الماضي 2009 خمسة عشر مشروعا بتكلفة قدرها مليار و174 مليونا و750 ألفا و15 ريالا, والمستلمة ابتدائيا عام 2008 خمسة مشاريع بتكلفة 195 مليونا و300 ألف و907 ريالات.
لم تحقق أهدافها!
وبالرغم من ذلك، أكد خبير إدارة أحواض مساقط المياه, الدكتور خليل المقطري, أن معظم ما تم إنشاؤه من سدود وحواجز ومنشآت مائية أخرى حتى الآن لم يحقق أهدافه على النحو الذي كان مأمولاً, بدليل أن الكثير من التجمعات السكانية القروية والحضرية مازالت تعاني من المشكلة وفجوة احتياجها المائي في اتساع مستمر. وزاد: "ذلك ناتج عن أن المنشآت المشيدة لهذا الغرض صغيرة ولم تأخذ في الاعتبار تنامي الاحتياج المائي، والبعض منها لم يبن وفق خطة استراتيجية قائمة على مسوح خرائطية ودراسات شاملة, وتم اختيار مواقعها بشكل توفيقي يرجع في الغالب إلى رغبة السكان ونشاط ممثليهم في الانتخابات المحلية أو التشريعية، بينما بعدها الاقتصادي والتنموي ثانوي أو غائب تماماً كما هو حال سد مارب، الذي يعتبر من السدود الناجحة التي لم تستكمل مشاريعها الخاصة ببناء شبكة القنوات التي تمكن من الاستفادة من مياهه في الزراعة, وكذا سد ماور في وادي ماور بمحافظة البيضاء, والذي لم يستكمل بشبكات قنوات تمكن من ترشيد استخدام المياه في مجال الري, وغيرهما، أو أن يكون موقع السد غير مُجدٍ اقتصاديا وهناك موقع آخر أكثر جدوى وأقل كلفة".
حققت معظم أهدافها
في المقابل نفى القائم بأعمال وكيل وزارة الزراعة والري لقطاع الري واستصلاح الأراضي مدير عام حصر واستصلاح الأراضي، الدكتور عز الدين الجنيد، ذلك، مؤكدا أن هذه المشاريع حققت معظم أهدافها, وأن صيانة بعضها والاهتمام بها لديمومتها مسؤولية السلطات المحلية.
ولم يخف بامقاء وجود بعض الإشكاليات التي لازمت وتلازم بعض تلك المنشآت، والتي تعود -حد قوله- لأسباب فنية أو إدارية, كتعذر تحقق الأهداف المتوخاة، وظهور عيوب إنشائية، ونشوء خلافات بين الأهالي حول كيفية توزيع المياه.
وفي ذات الوقت أوضح أن معظم الإشكالات تعود للسدود التي أنشأها الأهالي في فترات سابقة، خاصة السدود الترابية والركامية, دون الاعتماد على معايير واضحة ودراسات الجدوى, أدى بعضها إلى عدم الاستفادة من المياه والتي تترك عرضة للتبخر، حيث تفقد بحيرة السد ما يقارب 6 سنتيمترات كل عشرة أيام من عمقها في التبخر, وأن معظم السدود التي أنشئت في الماضي كانت بدون مصارف للمياه، ولا قنوات لتوزيعها.
وأشار إلى أن "سد بريان" في منطقة سعوان بأمانة العاصمة يعاني من انحدار شديد في الجوانب وينبغي ألا تزيد على 2.5 : 1 (2.5 مترا مسافة أفقية لكل متر ارتفاع رأسي), وهذا يعرض السد لخطر الانهيار تحت ضغط الماء, الذي يبلغ ارتفاعه 27 مترا وسعته التخزينية عشرة ملايين متر مكعب.
غير ذي جدوى اقتصادية
إلا أن المقطري يشير إلى عدم سماعه بتشييد أي منشأة من حجم السدود الكبيرة لمعالجة مشكلة مائية لأي مدينة يمنية مهددة بنضوب مائها، كما هو الحال مع بعض الدول العربية. ويسترسل: "يمكن لسد من الحجم الكبير في وادي عقان بمحافظة لحج أن يغطي احتياجات مياه الشرب لمدينتي تعز والحوطة، وكالمثل في وادي هوار بمديرية الحيمة الداخلية بمحافظة صنعاء، يمكن أن يضع حلا لمشكلة المياه في أمانة العاصمة وصنعاء، إذا ما تم تبنيها عبر مشاريع وطنية استراتيجية بهدف مواجهة مشكلة أزمة المياه في المدن المذكورة، أو وغيرها".
ونوه بأن معظم ما شيد، من سدود وحواجز ومنشآت مائية أخرى، غير ذي جدوى اقتصادية, سواء من حيث تكلفتها أو مردودها الزراعي الذي لا يغطي تكاليف إنشائها حتى بعد عشرات السنين، كونها تبنى بدون خطة للتهيئة المتكاملة لحوض المسقط المائي، وخطة أخرى للزراعة والري تنطلق بمجرد الانتهاء من الأعمال الإنشائية وتمثل جزءا من هدف استراتيجي لتوسيع رقعة الزراعة المروية وترشيد استخدام المياه.
وكالمثل من زاوية تكلفة المتر المكعب الواحد من المياه التي تخزنها سنوياً -حد قوله- والتي تعد باهظة مقارنة مع مثيلاتها في بلدان أخرى, أو منشآت مائية صغيرة كتلك التي يتبناها صندوق الأشغال العامة والصندوق الاجتماعي التنمية اللذان ينفذان مشاريعهما وفق الآلية التشاركية عبر التعاقدات المجتمعية.
وبين المقطري أنه بالنظر إلى جدوى ما تم إنشاؤه حتى الآن من حيث تغذية المياه الجوفية, فإن مردوده لا يذكر، بدليل أن معدل تناقص الفرشات المائية في حوض صنعاء مستمر، برغم أن 20.5 بالمائة من المنشآت المائية التي شيدت حتى أواخر عام 2004 تقع في محيطه وهو ما يعني أنها "منشآت فاشلة".
نماذج على أرض الواقع
بالإضافة إلى ذلك أكد المقطري ن هناك العديد من المشكلات والاختلالات التي واجهت وتواجه المنشآت المائية في اليمن، والتي شيدت حتى اليوم، أهمها: توحل بحيراتها وامتلائها بالترسبات خلال فترة وجيزة تقل كثيراً عن التوقعات الفنية المحددة من قبل المهندسين الذين قاموا بالدراسات القبلية, نتيجة لتدهور مساقط المياه التي أقيمت عليها بعد تراجع نظم وتقنيات التهيئة التقليدية, كما هو حال "سد وادي نماش" بمديرية حيفان بمحافظة تعز, و"سد ثومة" في مديرية بني حشيش بمحافظة صنعاء الذي يعاني من هشاشة التركيب الصخري في موضع جسم السد، مما تسبب في تشققات صخرية وتسريب للمياه, بسبب قصور في الدراسة الجيولوجية, و"سد سيان" في مديرية بلاد الروس بمحافظة صنعاء, والذي تتمحور إشكاليته في عدم تخزين المياه، لوجود السد في موضع غير صحيح تغطيه أراض زراعية تتكون من تربة وتوضعات ركامية منفذة للمياه, وصغر مساحة المسقط المائي الساكب إلى حوض "سد صياح" في مديرية آنس بمحافظة ذمار, مقارنة بحجم السد, والذي يعاني أيضا من قصور في الأعمال الإنشائية، أدى إلى تسريبات للمياه من تحت أساسات جسم السد.
وأشار أيضا إلى "هشاشة بعض تلك المنشآت وانخفاض عمرها الافتراضي بسبب عدم التقيد بالمواصفات والمقاييس الإنشائية الفنية، لعدم تنفيذها من قبل مقاولين أو شركات إنشائية متخصصة في هذا المجال, بالإضافة إلى أن دراستها وتصميمها يتم في الغالب من قبل مهندسين مدنيين وليس منشآت مائية، والذين لا يزيدون عن 2-3 مهندسين حسب معرفتنا, وهو ما أدى إلى تعرض معظم هذه المنشآت إلى التشقق وتسرب المياه من جوانبها أو من تحت أساسات جسمها, وغياب الصيانة الدورية, وتلوث مياهها وتحولها إلى مستنقعات توفر بيئة مناسبة للأمراض المستوطنة كالملاريا والبلهارسيا وغيرها".
تعدد الجهات مشكلة!
وأرجع المقطري ذلك إلى عدة أسباب بينها في الحلول والمعالجات، لكنه أوضح أن أهمها عدم ربط السياسة الوطنية للمياه بخطط وطنية استراتيجية للتنفيذ, عدم قيام السياسة الوطنية الحالية على نتائج لدراسات علمية متخصصة ومسوح خرائطية بنظم الاستشعار البعدي الفضائي ونظم المعلومات الجغرافية, وتعدد الجهات المسؤولة عن تنمية واستغلال الموارد المائية تبعا لتعدد قطاعات استخدام المياه.
وأشار إلى عدة سلبيات لهذه الإشكاليات تتمثل في تحول هذه المنشآت من رافعة للتنمية إلى عبء عليها, وإعطاء بيانات مضللة عن نتائج برامج وخطط معالجة المشكلة المائية مما يربك البرامج والخطط المستقبلية, وارتفاع تكلفة الصيانة وتحميل موازنة التنمية أعباء إضافية, وتفاقم المشكلة المائية، لتصبح عندها المعالجات صعبة وعالية التكلفة, وتنامي الضغط على المتبقي من مخزون المياه الجوفية في الأحواض المهددة بالنضوب ودخول أحواض جديدة إلى قائمة الأحواض المهددة, وهدر الأموال والطاقات في منشئات غير ذات جدوى.
نعمل بشكل ممتاز
إلا أن بامقاء يرى أنه لا يمكن تحميل المصممين للسدود المسؤولية الكاملة عن العيوب والمشكلات التي تترافق مع بعضها، ولم يتوقع المصممون حدوثها.
وبالرغم مما سبق أوضح القائم بأعمال وكيل قطاع الري بوزارة الزراعة أن كل جهة من الجهات المسؤولة عن هذه المشاريع تعمل بخطة مستقلة وبشكل ممتاز, وأن قطاع الري بوزارة الزراعة على تواصل دائم معها لتوثيق البيانات والمعلومات المطلوبة لتلك المشاريع, لافتا إلى أنه في الوقت الراهن لدى وزارة الزراعة كادر فني متخصص ومؤهل, وأن الوزارة تشكل فرقا مختلفة لتحديد مواقع البناء وفقا لدراسات علمية (هيدرولوجية واقتصادية واجتماعية وجيولوجية). وقال: "نادرا ما تنفذ مشاريع في أودية دون وجود جريان كاف للمياه، لكنها وبالرغم من ذلك تحقق الهدف المنشود منها وتخدم شريحة كبيرة من المجتمع".
واعترف بأن السدود التي أنشئت في الماضي (السبعينيات) لم تبن بناء على دراسات لعدم وجود كادر فني متخصص حينها, وأن ما يتعلق ب"سد بريان" كونه أحد المشاريع التي قام ببنائها المواطنون بطريقة عشوائية, فوزارة الزراعة غير مسؤولة عنه. وأضاف: "ولكن تنفيذا لتوجيهات القيادة السياسية تم إعادة تصميم وتنفيذ بناء هذا السد على نفقة مشروع حوض صنعاء بعد أن تم هدم البناء القديم، والذي كان فعلا يشكل خطورة وكارثة على المواطنين، كونه آيل للسقوط, والعمل جار في المشروع الجديد منذ العام الماضي وحتى الآن".
ونوه بأن هناك مشاريع مختلفة بناها المواطنون ولكن لم تصلهم أي بلاغات حول أوضاعها باستثناء بلاغ سد بريان السابق ذكره.
حاجز وادي نماش نموذجا!
يعد مشروع حاجز وادي نماش بمديرية حيفان بمحافظة تعز, خير دليل على الإهمال واللامبالاة وسوء الإدارة في إنجاز هكذا مشروع. تم بناء هذا الحاجز خلال الفترة من 94 97, بارتفاع 16 مترا وعرض 58 مترا لتصل سعته التخزينية إلى 240 ألف متر مكعب, وبتكلفة إجمالية 40 مليونا و663 ألفا و891 ريالا, بعد أن تعرضت المنطقة لفترات جفاف شديدة آخرها وأشدها عام 1991, وكخطوة أولية لتفادي مشاكل الجفاف المتوقعة في المستقبل وحل أزمة المياه التي تعاني منها المنطقة.
ولكن للأسف الشديد لم يحقق هذا الحاجز الهدف الذي تم من أجله وبعد وقت قصير, نتيجة لعدم استكمال بناء ملحقاته والتي تكفل استمراره بالقيام بمهمة حجز المياه وبالتالي تغذية المياه الجوفية, والتي تتمثل (أي الملحقات) بعدم عمل أحواض ترسيبية لحجز المخلفات التي تجرفها السيول المتدفقة إليه ولا أنبوب تنظيف, مما أدى إلى دخول رواسب ومخلفات كبيرة إلى حوض التخزين للحاجز تسببت في ردمه وتقليص حجمه وبالتالي سعته التخزينية تدريجيا, لتصل عام 2008 إلى حوالي 20 ألف متر مكعب، بحسب تقرير رسمي، ووصل الوضع حاليا إلى ردم حوض الحاجز تماما بالمخلفات والرواسب ولم يبق من ارتفاعه سوى مترين فقط (المساحة التي تحتجز المياه) أي بسعة 12 ألفا و760 مترا مكعبا, بما نسبته 5.3 بالمائة من السعة الكلية.
كما لم يتم شق طريق إلى حوض الحاجز لتصفيته من الأشجار والمدرجات الزراعية بعد الانتهاء من البناء, الأمر الذي أدى إلى بقائها بداخله ومضاعفة المشكلة, أيضا عدم عمل حوض وميل في الجهة الخارجية عند المفيض تسبب ذلك في وجود حفرة عميقة أمام الحاجز تهدده بالانهيار.
كل ذلك وللأسف الشديد لم يتم معالجته من قبل الجهات المعنية بمحافظة تعز منذ استكمال مرحلة البناء وحتى اليوم. ذلك ما أكدته أيضا مذكرة مكتب وزارة الزراعة والري بتعز الصادرة في 3 سبتمبر 2008 والمرفوعة إلى محافظ المحافظة، وأشارت إلى أن عدة فرق نزلت إلى الموقع وتم الرفع بعدة تقارير لعمل الحلول المقترحة, ولكن لم يتم التجاوب لعدم توفر التمويلات المالية للتنفيذ, بالإضافة إلى عدم قيام لجنة الصيانة والتشغيل بعملها مما أدى إلى تراكم المشكلة وزيادة حدتها.
كما أرفق بالمذكرة التقرير والدراسة المعدة من قبل الفريق الفني الذي كلف بالنزول في بداية عام 2008 والذي حدد الحلول والمعالجات مشفوعا بالتكلفة المطلوبة (حصلت "السياسية" على نسختين منهما)، وبالرغم من مرور ما يقارب عامين إلا أنه لم يستجد شيء حتى اليوم, مما أدى إلى مضاعفة حدت المشكلة.
وكان تقرير الفريق الفني أوضح أنه يلزم تصفية وإزالة الأتربة من حوض الحاجز, وعمل حاجز ترسيبي (جبيونات), وقناة تصريف مياه السيول, وصيانة نهاية المفيض بعمل حوض وميول مع الحاجز, مقدرا التكلفة الإجمالية ب27 مليونا و531 ألف ريال.
من الدراسة سالفة الذكر نجد أن تكلفة إنشاء أحواض الترسيب مليون و80 ألف ريال, وتكلفة إنشاء قناة تصريف مليون و827 ألف ريال من إجمالي التكلفة الكلية, وهو مبلغ تحت اختصاص المحافظة.
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم تقم الجهات ذات العلاقة في محافظة تعز بداية بإنشاء أحواض الترسيب وقناة تصريف، كون تكلفتها ليست بالكبيرة، كي يتم وقف امتلاء الحاجز بالمخالفات, كإجراء أولي وبعد ذلك استكمال معالجة بقية الأضرار وإخراج المخلفات؟
اختصاص المجالس المحلية
وحول ذلك أرجع الجنيد سبب عدم إقامة مصدات (أحواض ترسيب) لحجز المخلفات عند بناء حاجز وادي نماش إلى أن الأراضي التي كان يفترض أن تبنى فيها مملوكة لمواطنين رفضوا التخلي عنها, مبينا أن للحواجز والسدود أعمارا افتراضية تنتهي بامتلائها بالرسوبيات, وأن هناك لجان استلام وتسليم من قبل الوزارة والسلطات المحلية بالمحافظات بموجبها يتم تسليم مثل تلك المشاريع بعد انتهاء تنفيذها للسلطات المحلية والتي يقع على عاتقها القيام بالصيانة والتشغيل, معتبرا أن معالجة الوضع الراهن لحاجز وادي نماش تقع على عاتق المجلس المحلي, وكذا المشاريع المماثلة.
فساد مدروس
عضو المجلس المحلي بمديرية حيفان, عبد التواب شرف, أوضح أنه بين عامي 2004 و2005 -أثناء فترة المجلس المحلي السابق- تم اعتماد 18 مليون ريال لشق طريق إلى بحيرة الحاجز وسحب المخلفات, أرسيت على أحد المقاولين, ولكن نفذ منها شق طريق أولي تسبب بإضافة ترسبات إلى ما هو موجود, ولم يتم سحب أي كمية منها, مؤكدا عملية الفساد والتلاعب الذي تمت في هذا الموضوع, والتي يتحمل مسؤوليتها المجلس المحلي السابق, وبلغت تكلفتها حوالي 12 مليون ريال حسب إفادة المسؤول المالي السابق ومدير المديرية، حد قوله.
وحول الإجراءات المتخذة من قبل المجلس المحلي الحالي, الذي باشر عمله منذ عام 2006, يقول شرف: "قمت بمتابعة الموضوع، كونه في منطقتي الانتخابية, وتم نزولي ورئيس لجنة التخطيط والمالية بمحلي المديرية وأحد المهندسين إلى موقع الحاجز للتأكد من الأعمال التي تمت سابقا والوقوف على المعالجات للمشكلة القائمة, وعلى ضوئه وبالإضافة إلى جهود أخرى جاءت الدراسة السابقة الذكر, ولأن تكلفتها كبيرة مازلنا ننتظر اعتمادها مركزيا, خصوصا وأن المخول به المجلس المحلي بالمديرية في مثل هذه المشاريع أو غيرها لا يتجاوز ثلاثة ملايين ريال أو 20 مليون ريال للمجلس المحلي بالمحافظة, وأكثر من ذلك يجب اعتماده مركزيا, وهو ما نتمناه لمعالجة وضع الحاجز".
وأضاف: "اقترحنا على المجلس المحلي بالمديرية شراء غرافة وقلاب خاص بالحاجز بحيث يكونا موجودين بشكل دائم كحل مؤقت، وهو ما لم يتم حتى الآن".
وبالعودة إلى كتاب الموازنة العامة للدولة للعام الجاري 2010, نجد أن ما تم اعتماده للسلطة المحلية لمديرية حيفان 3 ملايين ريال لإزالة ترسبات حاجز نماش! فكيف سيتم إذا توفير المبلغ المطلوب! سؤال مطروح للرد عليه من قبل المعنيين.
معوقات وتعثر
وفي ذات السياق، اعترف الجنيد بأن عدد المشاريع المائية المتعثرة سبعة مشاريع بسبب عجز المواطنين عن دفع مساهماتهم بما يسمى "الجهد الشعبي", وأنه شكلت لجنة مختصة لعمل دراسة لمعالجة وضعها, وأن غالبيتها مسؤول عن تنفيذه (صندوق الإنتاج الزراعي والسمكي).
وحول أبرز المعوقات التي تواجه قطاع الري بوزارة الزراعة، لفت إلى عدم كفاية المبالغ المعتمدة من الموازنة العامة للدولة لمشاريع المنشآت المائية, ومعوقات أخرى تتمثل في اختيار بعض المواقع الاستراتيجية والتي تقع فيها أراض زراعية مملوكة للأهالي.
خطط وأموال للصيانة
وفيما يتعلق بالحلول ومعالجة المشاكل القائمة لفت بامقاء إلى أن الاتجاه السائد للجهات المعنية سيحد من تلك المشاكل, داعيا لبذل جهود موازية لحل إشكالات السدود القائمة, وإلى ضرورة وضع خطط وتخصيص أموال للصيانة بشكل دوري, وإنشاء إدارة خاصة تابعة لوزارة الزراعة والري تتولى الإشراف على جميع السدود المنشأة من قبل الجهات المختلفة, بحيث تسلم هذه السدود إلى هذه الإدارة وتقوم بتطوير قواعد بيانات شاملة عن تقييم السدود وتشغيلها وصيانتها.
إخضاع البلاد لدراسة خرائطية
من جهته طالب المقطري بمعالجة الأسباب التي أدت إلى بروز الإشكاليات القائمة في تلك المنشآت والتي تتمثل في ضرورة ترجمة السياسات المائية إلى خطط تنفيذية مبنية على دراسات علمية خرائطية ومتخصصة في مجال المنشآت المائية والزراعة والري, إخضاع البلاد لدراسة خرائطية بنظم الاستشعار البعدي الفضائي ونظم المعلومات الجغرافية وإعادة بلورة السياسة الوطنية وفق نتائجها والتي ستحدد المواقع الصالحة لبناء المنشآت المائية دون أي اعتبارات شخصية أو مناطقية, وضع كافة السياسات والأنشطة التنموية المرتبطة بحماية وتنمية الموارد المائية وتنظيم استغلالها تحت مؤسسة وطنية واحدة كحال المجلس الأعلى للمياه في بعض البلدان.
إلى جانب الدمج بين أهداف ومرتكزات السياسة الحالية مع السياسة الوطنية لإدارة المساقط, وتضمين البعد البيئي في خطط وموازنة مشاريع شق الطرقات والمشاريع التنموية باحتساب كافة تكاليف معالجة الأضرار بالبيئة والموارد الطبيعية في أحواض مساقط المياه، وإيكال مسؤولية بناء السدود لمؤسسة وطنية متخصصة في هندسة المنشآت الهيدرولوجية, وخلق أقسام أو مؤسسات تعليمية تختص بتدريس الهندسة الهيدرولوجية والمنشآت الهيدرولوجية وإدارة أحواض مساقط المياه والموارد الطبيعية في المناطق الجبلية, وتفعيل القوانين واللوائح المعنية بتنظيم استغلال المياه والموارد الطبيعية.
صحيفة السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.