أكد وزير الثقافة الدكتور محمد أبو بكر المفلحي عمق العلاقات اليمنية التركية وما تتسم به من روابط دينية وثقافية ضاربة جذورها بأعماق التاريخ. وفي افتتاح الندوة الفكرية الثقافية "حاضر ومستقبل العلاقات اليمنية التركية" التي نظمتها اليوم جامعة صنعاء والمركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل "منارات" ومجلس تنسيق منظمات المجتمع المدني، نوه وزير الثقافة بالدور الذي لعبته الخلافة العثمانية في حمل راية الإسلام في فترات مختلفة من التاريخ. وأشار إلى الدور الذي لعبته الخلافة العثمانية في حماية السواحل العربية ضد الغزو الأجنبي. متتبعا فترات التواجد العثماني في اليمن في عهديه الأول والثاني وما تحقق إبانهما من مظاهر النهوض الثقافي والعمراني. ولفت في الافتتاح الذي حضره وزير الإعلام حسن أحمد اللوزي إلى أهمية الندوة كونها تأتي قبيل أيام من زيارة الرئيس التركي لليمن. مشيرا إلى الزيارة الحالية للوفد الفني التركي المكلف بإعداد دراسات إجراء الترميمات المطلوبة لجامع البكيرية. وعبر الوزير المفلحي عن الأمل في أن يتم الوصول إلى برامج مشتركة خلال زيارة الرئيس التركي لترميم وصيانة العديد من الآثار العثمانية التي لا تزال قائمة من قلاع، وحمامات، ومساجد، وحصون وغيرها. من جانبه أكد رئيس الجامعة الدكتور خالد طميم على تميز الندوة في تناولها العلاقات اليمنية التركية بأبعاد مختلفة. منوها بما تتمتع به تركيا من مكانة وإمكانيات علمية وتقنية يجب أن تستفيد منها اليمن لتحقيق تقدم علمي ملموس. ولفت إلى حرص الجامعة على تعزيز التعاون مع الجامعات التركية واعتزامها قريبا توقيع اتفاقية تعاون مع جامعة أتاتورك وجامعة أخرى،. لافتا إلى أن جامعة صنعاء عملت على إنشاء قسم للغة التركية، إيمانا منها بالدور الذي يجب أن تؤديه المؤسسات الأكاديمية لتمتين علاقات التعاون والدفع بها وفق رؤى مدروسة. فيما عبر نائب السفير التركي بصنعاء صبحي أتان عن امتنان تركيا لعقد هذه الندوة قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس عبد الله غول. مؤكدا أن الزيارة ستعزز من علاقات البلدين من خلال الاتفاقيات التي سيتم التوقيع عليها خلالها. واعتبر نائب السفير إقامة النصب التذكاري العثماني وسط العاصمة صنعاء الذي سيتم افتتاحه خلال الزيارة احد المؤشرات التي ستسهم في تعميق علاقات البلدين. مؤكدا موقف تركيا الداعم والمساند لوحدة اليمن وأمنه واستقراره. وأشار إلى إيمان تركيا بقدرة اليمن على حل مشاكله الداخلية بطرق سلمية دون أي تدخل خارجي .. مؤكدا حرص بلاده على تقديم المساعدات الممكنة التي تسهم من الدفع بمجالات التنمية في اليمن. وثمن نائب السفير التركي المواقف المشرفة لليمن قيادة وشعبا مع ما تعرض له أسطول الحرية من اعتداء من قبل العدو الصهيوني خلال محاولته فك الحصار الغاشم على قطاع غزه. واستعرض مجالات التعاون المشتركة بين البلدين وما خصصته تركيا من منح لليمن في مختلف المجالات التعليمية والصحية والعسكرية.. مشيرا إلى أنه سيتم خلال الزيارة توقيع اتفاقية لتأسيس مجلس رجال الأعمال اليمني التركي الذي سيمثل دفعة قوية باتجاه رفع التبادل التجاري الاستثماري بين البلدين الذي تتطلع تركيا إلى أن يتجاوز هذا العام مليار دولار. وتوقع نائب السفير التركي إن يتم في الزيارة توقيع اتفاقية تعاون للصناعات العسكرية بين البلدين. مشيرا إلى حرص تركيا على مساعدة اليمن لتحقيق تقدم في هذا المجال الصناعي الهام. بدوره أشار رئيس مركز منارات أحمد أبو حورية إلى أهداف الندوة الرامية إلى بحث ودراسة حاضر ومستقبل العلاقات اليمنية التركية من منطلق الاعتزاز بالأدوار والمواقف التي جسدتها القيادة التركية من خلال تصديها للأطماع الاستعمارية في النيل من المقدسات الإسلامية. وأوضح أن المشاركين سيتناولون عبر الأوراق أهميه هذا الدور وما ينبغي القيام به لتأصيله حتى يصبح هما استراتيجيا لإعادة قراءة تاريخ علاقات البلدين ولإزالة التشوهات التي نالت من الدور العثماني في اليمن والبلدان العربية. وقال أبو حورية: إن الندوة ستسلط الضوء على ابرز الرموز الإنسانية والشواهد التاريخية الدالة على عمق علاقات البلدين للمساهمة في تصحيح الفهم المغلوط في تاريخ هذه العلاقات.. معبرا عن الأمل في أن تقدم مخرجاتها رؤية ومنطلقا للآفاق المستقبلية المأمولة للعلاقات اليمنية التركية على الصعد الاقتصادية والتقنية والثقافية والاجتماعية. واستعرض المشاركون في جلستين برئاسة رئيس الجامعة الدكتور خالد طميم وعضو مجلس إدارة منارات الأستاذ بجامعة صنعاء الدكتور حمود صالح العودي ست أوراق وأبحاث علمية. وتناولت الورقة الأولى لنائب رئيس الجامعة لشئون الطلاب الدكتور أحمد الشاعر باسردة "العلاقات السياسية اليمنية التركية وآفاق تطورها. وتتبع باسردة "السياق التاريخي للعلاقات اليمنية التركية" و"الخيارات السياسية بين البلدين" و"الواقعية السياسية في العلاقات اليمنية التركية" وتقديم رؤية مستقبلية لهذه العلاقات على مختلف الصعد. فيما قدمت الورقة الثانية لعضو مجلس الشورى الدكتور محمد صالح قرعة "لمحة عن النهضة الاقتصادية التركية" مبينة " سيطرة يهود الدونمة على الاقتصاد التركي" وما شهدته تركيا من نهضة سياسية وثقافية وحضارية متنوعة منذ تولي حزب العدالة والتنمية سدة الحكم. وأوضحت الثالثة عضو مجلس إدارة منارات عبد الله محسن الأكوع "أهمية التعاون في المجالات التقنية والصناعية مع الجمهورية التركية". مؤكدة أن الظروف الآن مهيأة للانطلاق نحو خطوات جادة للدخول في شراكات حقيقة وعملية مع مختلف القطاعات التجارية و الصناعية التركية. وبينت الورقة الرابعة " العلاقات الثقافية والاجتماعية بين اليمن وتركيا. جذور الماضي وآفاق المستقبل" لاستاذ علم النفس الاجتماعي المشارك بكلية الآداب بالجامعة الدكتورة نجاة محمد صائم، من خلال توضيح مظاهر التأثير والتأثر بين المجتمعين التركي واليمني في مجالات التعليم، اللغة، المطبخ، الملابس، الموسيقى. وتناولت الخامسة " المرتكزات التاريخية للعلاقات اليمنية التركية" من قبل مستشار وزارة الثقافة الباحث والمؤرخ الإسلامي علي بن جار الله الذيب. وأجملت الورقة مرتكزات العلاقات من خلال أثر أول الفاتحين للقسطنطينية (اسطنبول) من أبناء اليمن، وانضمام اليمن سلميا لدولة الوحدة والخلافة العثمانية، وتحالف اليمن الاستراتيجي مع القوات العثمانية في الحرب العالمية الأولى، إلى جانب ماقدمته الخلافة العثمانية لليمن. واهتمت الورقة الأخيرة لأستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور عمر عثمان العودي بموضوع " العلاقات العربية التركية" وبينت الأصول العرقية والأثنية للأتراك، والتاريخ المشترك للعرب والأتراك.. متناولة " العرب في ظل الحكم العثماني التركي"، و"تركيا في العهد الجمهوري والدولة التركية المعاصرة"، من خلال تقريب "مؤشرات القدرات العامة للدولة التركية المعاصرة"، و"معالم الديمقراطية والحياة السياسية في المجتمع التركي المعاصر"، و"العلاقات العربية التركية الراهنة وآفاق المستقبل".