يحيي الفلسطينيون اليوم الثلاثاء الذكرى الأليمة ال43 على جريمة إحراق المسجد الأقصى المبارك على يد الإرهابي اليهودي الأسترالي "دينيس مايكل روهان" بعد عامين من الاحتلال الصهيوني للقدس، والتي تصادف الحادي والعشرين من أغسطس من كل عام. في ذلك اليوم من عام 1969، أقدم اليهودي المتطرف على إشعال النار في الجناح الشرقي للمسجد الأقصى، حيث أتت النيران على كامل محتويات الجناح بما في ذلك منبره التاريخي المعروف بمنبر صلاح الدين، كما هدد الحريق قبة المسجد الأثرية المصنوعة من الفضة الخالصة. ومن ضمن المعالم التي أتت عليها النيران، مسجد عمر الذي كان سقفه من الطين والجسور الخشبية، ويمثل ذكرى دخول عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى مدينة القدس وفتحها، إضافة إلى تخريب محراب زكريا المجاور لمسجد عمر، ومقام الأربعين المجاور لمحراب زكريا، وثلاثة أروقة من أصل سبعة أروقة ممتدة من الجنوب إلى الشمال مع الأعمدة والأقواس والزخرفة، وجزء من السقف الذي سقط على الأرض خلال الحريق، وعمودي مع القوس الحجري الكبير بينهما تحت قبة المسجد، و74 نافذة خشبية وغيرها. كما تضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والجدران الجنوبية، وتحطمت 48 نافدة في المسجد مصنوعة من الجبص والزجاج الملون، واحترقت الكثير من الزخارف والآيات القرآنية. واستطاع أبناء الشعب الفلسطيني آنذاك إنقاذ ما تبقى في المسجد الأقصى قبل أن تجهز عليه النيران، بعد أن هرعت مركبات الإطفاء من مدن الخليل، وبيت لحم ومناطق مختلفة من الضفة والبلديات العربية لإنقاذ الأقصى، رغم محاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلي منعها من ذلك، وقطعها المياه عن المنطقة المحيطة بالمسجد في نفس يوم الحريق، وتعمَّدت مركبات الإطفاء التابعة لبلدية الاحتلال بالقدس التأخر؛ حتى لا تشارك في إطفاء الحريق. وأثار إحراق المسجد الأقصى من قبل المتطرف مايكل، ردود فعل كبيرة عند العرب والمسلمين، حيث أدى في اليوم التالي للحريق آلاف المسلمين صلاة الجمعة في الساحة الخارجية للمسجد الأقصى، واشتعلت المظاهرات بالمدينة المقدسة، وكان من تداعيات الحريق عقد أول مؤتمر قمة إسلامي في الرباط بالمغرب، وإنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم في عضويتها جميع الدول الإسلامية. ومن بين ردود الفعل، قرار مجلس الأمن الدولي رقم 271 لعام 1969 بتاريخ 15 سبتمبر والذي أدان إسرائيل لحرق المسجد الأقصى في يوم 21 أغسطس من سنة 1969، ودعا إلى إلغاء جميع الإجراءات التي من شأنها تغيير وضع القدس، والتقيد بنصوص اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الذي ينظم الاحتلال العسكري. إسرائيل وبعد إلقائها القبض على الجاني، وجدت له مبررا "الجنون"، ليسافر إلى مسقط رأسه استراليا، بعد أن مكث فترة قصيرة في مستشفى للأمراض النفسية قرب عكا. وتولت لجنة إعمار المسجد الأقصى التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية إزالة آثار الحريق التي تعرض له المسجد الأقصى وترميمه وإعادة صنع منبر صلاح الدين الأيوبي، من خلال فريقها الفني المتكامل الذي بدأ عمله مطلع 1970. ومنذ ذلك الوقت وقبله، تعمل إسرائيل جاهدة بشتى الوسائل والطرق لتهويد المدينة المقدسة، وخاصة المسجد الأقصى المبارك الذي يعتبر أولى القبلتين وثالث الحرمين بالنسبة للمسلمين في العالم، في محاولة بائسة منها لإقناع العالم أن القدس ليست عربية. وبمناسبة هذه الذكرة الأليمة على الشعب الفلسطيني، والأمتين العربية والإسلامية، أصدرت الرئاسة الفلسطينية اليوم بياناً أكدت فيه بأن عروبة القدس وحماية مقدساتها الإسلامية والمسيحية خط أحمر لا يمكن السماح بتجاوزه، فقد كانت ولم تزل وستظل أبداً مفتاح السلام والأمن الاستقرار في المنطقة بأسرها. وقال البيان "إن الحريق الذي شب بالمسجد المبارك على يد مجرم متعصب تحت سمع وبصر سلطات الاحتلال الإسرائيلي قبل أكثر من أربعة عقود، لم يكن سوى فاتحة لسلسة لم تنقطع منذ ذلك اليوم المشؤوم وحتى هذا اليوم، ترمي في نهاية المطاف إلى تحقيق المآرب السوداء بتدمير المسجد الأقصى، وبناء الهيكل المزعوم، والسطو على مقدساتها الإسلامية والمسيحية، وتخريب مؤسساتها، بهدف تفريغها واقتلاع أهلها وتأبيد احتلالها وتهويدها". وأشار البيان إلى أن جميع الإجراءات الإسرائيلية في القدس ومسجدها الأقصى المبارك من حفريات وأنفاق وتطويقه بالمباني والمؤسسات الاستيطانية لن تلغي واقع أن المدينة وأقصاها وقبة صخرتها وكنائسها هي عربية إسلامية ومسيحية، وستبقى كذلك أبد الدهر، ولن تنشأ حقاً يبنى على أوهام وأساطير. وشدد البيان على "أن مدينة القدس وبخاصة مسجدها الأقصى المبارك، تتعرض اليوم إلى هجمة غير مسبوقة رسمية، تتولاها الحكومة الاسرائيلية، وبلديتها بالاستيلاء على المزيد من الأراضي، وسن القوانين الجائرة بحق مؤسسات شعبنا، لتسهيل عمليات السطو والاستيلاء والسلب، وأخرى تتولاها الجمعيات الاستيطانية والجماعات المتطرفة التي ترتكب شتى الانتهاكات من تدنيس للحرم القدسي وتمويل الحفريات، وإقامة المباني والسطو على ممتلكات أهلنا، وإحكام الطوق حول عنق القدس ومقدساتنا فيها".