حذر كبار مسؤولي الأممالمتحدة من تفاقم الوضع في سوريا داعين مجلس الأمن إلى وضع حد للنزاع هناك وما تواجه المنظمات الإنسانية من قيود هائلة ومتزايدة بشكل كبير والتي تعيق مساعدة الملايين من السوريين فيما وصفوا الوضع الذي وصلت اليه البلاد ب"الكارثة الإنسانية". جاء ذلك في جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي حول الوضع في الشرق الأوسط مساء أمس وتحدث فيها عدد من كبار مسؤولي الأممالمتحدة منهم المفوض السامي لشؤون اللاجئين والممثلة الخاصة المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة عن تأثير التطورات في سوريا على المدنيين. ووصفت فاليري آموس منسقة الأممالمتحدة للإغاثة الوضع في سوريا بالكارثة الانسانية الحقيقية جراء الحرب الدائرة من جهة والعقبات والعراقيل التي تحيل دون وصول امدادت المساعدات الانسانية من جهة أخرى للمدنيين الذين يدفعون ثمن الفشل المتواصل في إنهاء الأزمة في سوريا. وقالت فاليري آموس إن أطراف الصراع تتجاهل بشكل كامل آثار الحرب على حياة الناس فيما لم يتمكن مجلس الأمن من الوصول إلى الإجماع الضروري لدعم التوصل إلى حل سياسي للأزمة. وأوضحت أن تدمير البنية التحتية الأساسية بما فيها المدارس والمستشفيات وتراجع قيمة العملة وارتفاع أسعار الغذاء ونقص الوقود والكهرباء وعدم توفر المياه أثر على غالبية السوريين .. لافتة إلى أن الاحتياجات تتزايد بشكل سريع وتشتد حدتها في مناطق الصراع وتلك التي تسيطر عليها المعارضة . وتطرقت آموس إلى الصعوبات على الأرض أمام توصيل المساعدات للمحتاجين .. مشيرة إلى موافقة الحكومة السورية من قبل على السماح بالوصول الإنساني إلى جميع المناطق والإسراع بالإجراءات الإدارية. وقالت " يؤسفني أن أبلغ المجلس أنه منذ زيارتي لسوريا في يناير كانون الثاني تزايدت العقبات البيروقراطية لتقوض قدرتنا على الاستجابة ..مازلنا بانتظار إصدار إحدى وعشرين تأشيرة دخول ينظر في الكثير منها منذ أكثر من شهرين " . ونوهت منسقة الأممالمتحدة للإغاثة الطارئة إلى أن تسيير القوافل الإنسانية يتطلب تقديم إشعار مسبق قبل اثنتين وسبعين ساعة من موعد القافلة كما تقلصت قائمة منظمات المجتمع المدني المسموح لها بالعمل في سوريا من 110 منظمات إلى 29 . وحذرت فاليري آموس من أن الوضع يقترب من نقطة اللاعودة .. مشددة على ضرورة أن يعمل المجتمع الدولي وخاصة أعضاء مجلس الأمن معا بشكل عاجل من أجل دعم الشعب السوري. وأكدت ضرورة أن يجد المجلس السبل الكفيلة بخفض مستويات العنف ووقف سفك الدماء وتذكير الأطراف بالتزاماتها تجاه حماية المدنيين ومطالبة الأطراف بضمان الوصول الإنساني بدون إعاقات للمحتاجين بجميع المناطق في سوريا. من جانبه حذر المفوض السامي لشئون اللاجئين أنطونيو غوتيريش مجلس الأمن الدولي من أن نصف سكان سوريا قد يصبحون بحاجة إلى المساعدات الإنسانية بنهاية العام الحالي إذا استمر الوضع الراهن قائلا، "إذا لم يتغير شيء فقد يصل عدد اللاجئين السوريين إلى ثلاثة ملايين وخمسمائة ألف بنهاية العام الحالي وغالبا ما سيحتاج ما يصل إلى ستة ملايين وخمسمائة ألف شخص إلى المساعدات الإنسانية داخل البلاد. هذا الأمر ليس مخيفا فقط ولكنه يهدد بأن يصبح غير مستدام. لا توجد طريقة للوفاء بشكل كاف بالاحتياجات الإنسانية الهائلة التي تمثلها هذه الأرقام." بدورها قالت زينب بانغورا، الممثلة الخاصة المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع، إن هناك مزاعم عن حالات اغتصاب للنساء والأطفال واختطافهم، متورط فيها قوات الحكومة والمعارضة. وقالت للمجلس المكون من 15 عضوا، "لقد شاهدنا، و ناقشنا، والآن حان الوقت لاتخاذ إجراءات ملموسة". من جانبها، ناشدت ليلى زروقي، الممثلة الخاصة المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة، أيضا وقف القتال لحماية الأطفال في سوريا. وكان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة توصل خلال اجتماعه إلى اتفاق نادر بشأن سوريا وهي قضية انقسم فيها المجلس على مدى سنتين, داعياً إلى إنهاء العنف المتصاعد ومستنكراً انتهاكات حقوق الإنسان من جانب قوات الحكومة السورية ومقاتلي المعارضة. وقال المجلس في بيان غير ملزم صدر بالإجماع, أن العنف المتصاعد في سوريا مرفوضٌ تماماً ويجب أن ينتهي على الفور. وبعد مناقشة للوضع الإنساني المتدهور في سوريا استنكر المجلس الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان من جانب السلطات السورية وكذلك أي إساءات لحقوق الإنسان من جانب الجماعات المسلحة. كما حث أعضاء مجلس الأمن جميع الأطراف على "ضمان الوصول الآمن ودون عوائق لمنظمات الإغاثة إلى المحتاجين في جميع المناطق السورية، وأعربوا عن أسفهم للعقبات التي تحول دون تقديم المساعدات الإنسانية". ودعا بيان مجلس الأمن جميع الأطراف في سوريا، وعلى وجه الخصوص السلطات السورية، إلى التعاون الكامل مع الأممالمتحدة والمنظمات الإنسانية ذات الصلة. وشدد على "الحاجة إلى تيسير تقديم المساعدات الإنسانية من خلال أكثر الطرق فعالية، بما في ذلك عبر الحدود وفقا للمبادئ التوجيهية للمساعدات الإنسانية، على النحو الموصي به من قبل وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة فاليري أموس". واستعجل أعضاء مجلس الأمن الدول الأعضاء في الوفاء بالتعهدات، التي قطعوها على أنفسهم في المؤتمر الدولي الإنساني، لإعلان التبرعات في الكويت، في يناير الماضي، بما في ذلك دعم خطة الأممالمتحدة للمساعدات الإنسانية وخطة الاستجابة الإقليمية السورية، كما شدد البيان على الحاجة الملحة لتقديم مزيد من الدعم للبلدان المضيفة للاجئيين السوريين. ودعا بيان مجلس الأمن جميع الأطراف إلى وقف جميع أعمال العنف المسلح بجميع أشكاله، مؤكدًا على ضرورة التوصل إلى عملية سياسية، تؤدي إلى انتقال سياسي على أساس وثيقة جنيف في 30 يونيو 2012.