توقع متابعون وباحثون عسكريون احتمال توجيه ضربة عسكرية أميركية لقوات النظام السوري، ردا على ما يقال أن الجيش السوري استخدم في هجومه على بعض المناطق التي تشهد انتفاضات منذ أكثر من عامين ونصف الأسلحة الكيميائية المحرمة دولياً أواخر الأسبوع الماضي. ولاحت في الأفق تحركات واستعدادات داخل وخارج الولاياتالمتحدة الأميركية من بينها الشرق الأوسط، فيما تعكف وزارة الدفاع "البنتاغون" على تجهيز التحضيرات الأساسية لتوجيه ضربة قيل أنها ستكون بصواريخ نوع "كروز"، من البحر ضد قوات النظام السوري. ونقل عن مسؤول دفاعي أميركي قوله أن قوات بلاده ستزيد من وجودها في البحر المتوسط بسفينة حربية. وقالت شبكة سي بي أس نيوز الأميركية أنها علمت أن قائد القوات الأميركية في البحر المتوسط أمر بتحريك سفن للبحرية لتكون قريبة من سوريا استعدادا لضربة محتملة بصواريخ كروز من البحر. وأوضحت الشبكة أن شن ضربة بصواريخ كروز من البحر لن يعرض حياة أي أميركي للخطر، لكن الضربة ستكون وقائية ليس هدفها الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وإنما التأكيد على أنه لن يفلت من فعلة استخدام أسلحة كيمياوية, وأضافت أن الأهداف المحتملة للضربة ستتضمن مستودعات ومنصات تستخدم لإطلاق الأسلحة الكيمياوية. وأمس، التقى الرئيس الأميركي أوباما، بكبار مستشاريه للأمن القومي، وبحثوا خلال اللقاء الذي حضره وزير الخارجية جون كيري، ووزير الدفاع تشاك هاغل، الموجودين حاليا في آسيا في الاجتماع عبر دائرة اتصال مغلقة. الرد في حال ثبت أن النظام السوري هو من استخدم السلاح الكيمياوي في مجزرة غوطة دمشق, بينما قال مسؤول في البيت الأبيض إن لدى واشنطن عدة خيارات للرد. وأفاد مسؤول في وزارة الدفاع (بنتاغون) أن واشطن عززت قطعها البحرية في البحر المتوسط بمدمرة رابعة مجهزة بصواريخ "كروز" وذلك بسبب تطورات الأوضاع في سوريا. من جانب آخر، قال وزير الدفاع تشاك هيغل إن وزارته تقوم بحشد قوات تحسبا لأي خيار يتخذه الرئيس أوباما ضد سوريا, في حين نقل عن مسؤولين قولهم إن أوباما الذي يعارض حتى الآن دعوات لتدخل عسكري في سوريا، لم يتخذ قرارا بعد بشأن توجيه الضربة المحتملة. وكان الرئيس الأميركي قال في وقت سابق في مقابلة حصرية مع شبكة سي أن أن بثت الجمعة، إن الوقت يقترب بشأن اتخاذ رد محدد على "الأعمال الوحشية" المزعومة من جانب دمشق. وحول ما تردد عن مزاعم المعارضة السورية عن قيام قوات الرئيس السوري بشار الأسد باستخدام أسلحة كيمياوية مما أسفر عن مقتل 1300 شخص، قال أوباما إن المسؤولين الأميركيين يقومون "الآن بجمع المعلومات، ونحن نرى مؤشرات على أن هناك حدثا كبيرا هو مثار قلق شديد". وقال أوباما إن الولاياتالمتحدة لا يمكن أن تتورط فعليا في سوريا دون دعم من الأممالمتحدة وتحالف دولي، وأضاف أن "القفز في مثل هذه الحالات يجعل الولاياتالمتحدة تغرق في تدخلات باهظة الثمن للغاية وصعبة التكلفة". في سياق متصل نقلت وكالة رويترز عن مسؤول دفاعي أميركي قوله إن السفينة ماهان كانت قد أنهت مهمتها ومن المقرر أن تعود لقاعدتها في نورفولك بولاية فرجينيا ولكن قائد الأسطول السادس الأميركي قرر إبقاء السفينة في المنطقة. وشدد المسؤول غير المسموح له بالتحدث علانية على أن البحرية لم تتلق أوامر بالاستعداد لأي عمليات عسكرية فيما يتعلق بسوريا. وصرح مسؤول دفاعي كبير في وقت سابق بأن المسؤولين الأميركيين يدرسون سلسلة من الخيارات للرد على تقارير بأن سوريا استخدمت أسلحة كيمياوية ضد المدنيين، من بينها احتمال شنّ هجمات بصواريخ كروز من البحر. على الصعيد ذاته أشار وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل بقوة إلى أن الولاياتالمتحدة تضع القوات البحرية في أوضاع مناسبة تحسبا لأي قرار يتخذه الرئيس باراك أوباما بالقيام بعمل عسكري في سوريا بعد استخدام الأسلحة الكيمياوية على ما يبدو. وقال هيغل للصحفيين المسافرين معه إلى ماليزيا إن "وزارة الدفاع عليها مسؤولية تزويد الرئيس بالخيارات لكل الحالات الطارئة، وهذا يتطلب وضع قواتنا وإمكاناتنا في أوضاع مناسبة كي تكون قادرة على تنفيذ الخيارات المختلفة مهما كانت الخيارات التي قد يختارها الرئيس". على ذات الصعيد، توقع رئيس أكاديمية القضايا الجيوسياسية الروسية ليونيد إيفاشوف أن روسيا يمكن أن توسع وجودها العسكري في البحر المتوسط في حال تعزيز مجموعة السفن الأمريكية في المنطقة لدى تأزم الأوضاع في سورية. وقال إ يفاشوف معلقا على أنباء نشرتها بعض وسائل الإعلام عن احتمال زيادة عدد السفن ليس لديها خيار آخر للحيلولة دون وقوع عدوان". ويرى إيفاشوف أن على روسيا أن تكشف بشكل واضح الخروقات الفاضحة للنظام الداخلي لهيئة الأمم المتحد بخصوص مصر وفي سورية، على وجه الخصوص. وقال إنه " يجب علينا الإعلان بشكل حازم عن عدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية". وبحسب قوله فإن توريد الأسلحة الدفاعية للقوات المسلحة السورية هو أحد وسائل التأثير على الولاياتالمتحدة للحيلولة دون الهجوم على سورية. يذكر أن صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أفادت يوم امس، بأن البنتاغون يقوم بنقل سفنه الحربية المرابطة في البحر المتوسط لتوجيه ضربة إلى سورية، إذا اقتضى الأمر. وتنقل الصحيفة عن وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاغل قوله إن "وزارة الدفاع تقدم للرئيس الأمريكي الخيارات المختلفة لتطبيق مختلف السيناريوهات، مما يقضي بنقل قواتنا ووسائلنا". وأكد مسؤولون عسكريون، أن قادة القوات المسلحة في الولاياتالمتحدة وحلفائها الغربيين الرئيسيين وتركيا والسعودية وقطر سيجتمعون في الأردن هذا الاسبوع لمناقشة الوضع في سورية. وأشار متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية إلى أن القيادة الأمريكية الوسطى والقوات المسلحة الأردنية تستضيفان المحادثات الدفاعية الإقليمية، التي ستعقد في الفترة من 25 إلى 27 أغسطس، وإن المؤتمر مقرر عقده منذ يونيو. وقال مصدر عسكري أردني لوكالة "رويترز" إنه من المتوقع أن يحضر الاجتماع قادة جيوش الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا وإيطاليا بالإضافة إلى قادة جيوش كل من تركيا والسعودية وقطر. وأضاف المصدر: "يأتي الاجتماع في إطار استمرار التنسيق الأمني والعسكري والسياسي الجاري لتقييم الأحداث الجارية في سورية وانعكاساتها على الأمن في المنطقة بشكل عام." وسيكون هذا الاجتماع الذي يجري الاعداد له منذ شهرين اللقاء الثالث الذي يجمع قادة الجيوش هذا العام حول سورية، وقد نال أهمية جديدة بعد تقارير عن هجوم بأسلحة كيميائية قرب دمشق. وقال ناطق باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن كاميرون والرئيس الأمريكي باراك أوباما اتفقا أمس، على ضرورة ردع استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، معربين عن قلقهما من وجود "علامات متزايدة" على شن النظام السوري هجوما كيميائيا على المدنيين. وقال المتحدث إنهما "أعربا عن قلقهما العميق جراء الهجوم الذي وقع في دمشق يوم الاربعاء والعلامات المتزايدة بأنه كان هجوما واضحا بأسلحة كيميائية نفذه النظام السوري ضد شعبه". وأضاف أن كاميرون وأوباما "أكدا مجددا على أن الاستخدام الواضح للأسلحة الكيميائية يستحق ردا جادا من المجتمع الدولي، وكلفا مسؤولين بدراسة جميع الخيارات". وفي وقت سابق من السبت تلقى أوباما "عرضا مفصلا لمجموعة من الخيارات المحتملة" من كبار مستشاريه بخصوص كيفية رد الولاياتالمتحدة وحلفائها على الهجوم المزعوم بأسلحة كيميائية. وكان وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاغل قد أعلن أن الولاياتالمتحدة تعيد نشر قواتها البحرية تحسبا لأي قرار قد يتخذه أوباما للقيام بعمل عسكري في سورية بعد مزاعم استخدام السلاح الكيميائي في ريف دمشق. إلى ذلك أعربت مصادر إسرائيلية عن اعتقادها بأن الولاياتالمتحدة ستقوم بعمل عسكري في سورية. جاء ذلك عقب الاتصال الهاتفي الذي جرى الليلة الماضية بين رئيس الأركان الإسرائيلي بيني غانتس ورئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي مارتن ديمبسي. ورجحت المصادر الإسرائيلية أن تقتصر العملية العسكرية الأمريكية في سورية على ضربات صاروخية من الجو والبحر دون العمل على إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، مشيرة إلى وجود تعاون استخباري وثيق بين إسرائيل والولاياتالمتحدة على هذا الصعيد. من جانب آخر، حذر وزير الإعلام السوري عمران الزعبي في حديث تلفزيوني من أن أي هجوم أمريكي على بلاده ستترتب عليه انعكاسات خطيرة. وقال الزعبي إن أي هجوم كهذا سيشعل منطقة الشرق الأوسط بأسرها، مجددا اتهام المعارضة بأنها هي التي استخدمت السلاح الكيميائي.