يتوجه نحو 61.8 مليون ناخب وناخبة في المانيا غداً الاحد، الى صناديق الاقتراع لاختيار 598 مرشحاً في الانتخابات البرلمانية والتي يتنافس فيها 4451 مرشحاً، في الوقت الذي تشير استطلاعات الرأي إلى فوز التحالف الحاكم برئاسة المستشارة انجيلا ميركل . ويحدد القانون سن الراغبين في الترشح للانتخابات البرلمانية على الأقل 18 عاماً، وهو تحديداً سن أصغر مرشحة، وستخوض المعركة الانتخابية في ولاية بافاريا، فيما يبلغ أكبر المرشحين 90 عاماً وهو مازال يطمح في العمل لأربعة سنوات قادمة في البرلمان الألماني. ويبلغ متوسط أعمار المرشحين 47 عاماً، ويعمل معظمم في قطاع الخدمات والذي يشمل الشركات، في حين يعمل عدد قليل منهم في حرف تقنية أو في الزراعة . وسيدلي كل ناخب وناخبة بصوتين، الصوت الأول يختار مباشرةً النائب الذي يمثله عن إحدى الدوائر الانتخابية البالغ عددها 299 دائرة، أما الصوت الثاني فيذهب لصالح أحد الأحزاب المرشحة والبالغ عددها 34 حزباً . وتشارك في الانتخابات الحالية، أحزاب كبيرة وعريقة مثل الاشتراكي الديمقراطي، والمسيحي الديمقراطي، والخضر، والديمقراطي الحر، فضلاً عن 29 حزباً صغيراً، منها 9 أحزاب تشارك لأول مرة في الانتخابات مثل " حزب المعارضين عن الانتخابات، وحزب /البديل لألمانيا/. وفاز الانتخابات البرلمانية الاخيرة والتي اجريت عام 2009م، تحالف أحزاب الاتحاد الديمقراطي المسيحي او ما يعرف باسم حزب بافاريا والاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الديمقراطي الحر، واحتفظت على اساسها أنجيلا ميركل بمنصب المستشارة الألمانية وجيدو فيسترفيله وزيراً للخارجية، فيما مني الحزب الاشتراكي الديمقراطي بأسوأ هزيمة له، وتحول زعيمه فرانك فالتر شتاينبروك ليصبح رئيساً للمعارضة في البرلمان . وفي سياق حملتها الانتخابية للحفاظ على الأغلبية، كثفت المستشارة انجيلا ميركل من وعودها لناخبيها على أمل سد الطرق أمام منافسيها خاصة الحزب الاشتراكي الديمقراطي حيث وافقت على تطبيق حد أدنى للأجور لأربعة ملايين عامل في 12 فرعا صناعياً، وذلك في آخر اجتماع للحكومة قبل الانتخابات العامة. وبدأ إطلاق خطة الحد الأدنى للأجور كقضية انتخابية رئيسية مع دعوة الحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض إلى وضع معيار وطني يلزم الحكومة بحد أدنى للأجور غير أن الائتلاف الذي يقوده المحافظون برئاسة ميركل رفض حداً أدنى إلزامياً على مستوى البلاد ووافق بدلاً من ذلك على تطبيقه على قطاع تلو قطاع . وعلى الرغم من وجود ميركل على رأس الحكم منذ 8 سنوات تؤكد البيانات أن ربع المترشحات هن من النساء، فيما توقع رئيس لجنة الانتخابات بإن تمثيل المرأة في البرلمان الالماني لم يتغير ولا تزال الهيمنة للمرشحين الرجال . وكشفت نتائج آخر استطلاع للرأي اجراه معهد /فورسا/ لقياس مؤشرات الرأي، أن شعبية الائتلاف الحاكم، وكتلة المعارضة الممثلة في ثلاثة أحزاب أصبحت متساوية. وأشار إلى أن الائتلاف الحاكم، الذي يضم /التحالف المسيحي/ بزعامة ميركل و/الحزب الديمقراطي الحر/، حصل على نسبة 44 % من تأييد المشاركين، فيما حصلت أحزاب /الاشتراكي الديمقراطي/ و/الخضر/ و/اليسار/ ككتلة واحدة على نفس النسبة. وأفادت النتائج بأن شعبية التحالف المسيحي استقرت عند 39 %، في حين تراجعت شعبية شريكه في الائتلاف الحاكم الحزب الديمقراطي الحر بمقدار نقطة مئوية واحدة، حيث حصل على نسبة 5 %، أما نتيجة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، حسب الاستطلاع، فقد وقفت عند 25 %، وحزب اليسار عند 10 % وحزب الخضر عند 9% . ووفقا لنتائج الاستطلاع، فقد تسفر الانتخابات التشريعية عن ائتلاف كبير بين المسيحيين والاشتراكيين أو ائتلاف بين المسيحيين والخضر . ويأتي ذلك فيما أظهرت الاستطلاع أن غالبية الألمان يرغبون في أن تستمر المستشارة ميركل في منصبها، بتأييد بلغت نسبته 53 % من قبل المشاركين، وبزيادة نقطة مئوية واحدة مقارنة بالأسبوع الماضي . بينما حصل مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي المنافس الأقوى على منصب المستشار بيير شتاينبروك، على نسبة تأييد 26 %، في حين أعرب 21 % من المشاركين عن عدم رغبتهم في أن تتولى ميركل أو شتاينبروك هذا المنصب . واعتمد حزب الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي طوال الحملة الانتخابية شعار /الحرية والعدالة والتضامن/ لكسب المزيد من التأييد الشعبي، وقدم مرشح الحزب لمنصب المستشار بيير شتاينبروك الكثير من الوعود لأنصاره، في إطار مسعي لتحقيق تقدم على حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بزعامة ميركل. من جهتها دافعت المستشارة ميركل عن أداء حكومتها مدفوعة بمؤشرات الانتعاش الاقتصادي الألماني وهو ما يعزز فرص فوزها بفترة حكم ثالثة، وقالت إنه قبل 10 سنوات كانت ألمانيا رجل أوروبا المريض، وانها قامت بتغيير الكثير، وبسبب هذه التغييرات، وصلت البلاد لمرحلة الاستقرار واصبحت محركاً للنمو في أوروبا. وكانت المعارضة قد اختارت شتاينبروك في ديسمبر الماضي ليكون ممثلاً لها ومنافساً للمستشارة انجيلا ميركل في انتخابات الأحد المقبل. ورغم أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي والاتحاد الديمقراطي المسيحي لديهما فعلاً الفرصة ليفوز مرشح أحدهما بمنصب المستشار، إلا أن الأحزاب الكبيرة الأخرى أيضاً تقدمت بمرشحين للمنصب، ومن أبرز الأسماء المطروحة في هذا الصدد مرشحة حزب الخضر كاترين جورينج ايكارت وشريكها يورين تريتن وهما ينتميان إلى الجناح اليساري للحزب ويطالبان بتعديل قوانين الضرائب على أصحاب الدخول المرتفعة . كما ان من الأسماء المطروحة في الانتخابات الحالية راينر برودليه مرشحاً عن الحزب الليبرالي الديمقراطي والذي كان وزيراً للاقتصاد في حكومة ميركل حتى عام 2011م، إلى أن ترك كافة مناصبه وتفرغ لرئاسة كتلة حزبه في البرلمان . وتعد إحدى أولى مهام /البوندستاغ/ في ألمانيا انتخاب المستشار الاتحادي، إذ يُقدم الاقتراح بمرشح معين أو مرشحة معينة من رئيس الجمهورية الاتحادي، طبقاً لما يتطلبه القانون الأساسي، ويتم الانتخاب من النواب فقط، دون مداولة سابقة وببطاقات انتخاب مغطاة. ويحتاج المرشح إلى الأغلبية المطلقة من أصوات البرلمان أي 312 نائباً على الأقل. وبعد انتخابه يعين الرئيس الاتحادي المستشار الجديد، الذي يؤدي القسم أمام البوندستاغ، ويقترح وزراءه الاتحاديين. كما يمتلك البرلمان صلاحيات إقالة المستشار بواسطة ما يُسمى نزع الثقة الإيجابي، وهو ما يتطلب انتخابه بأغلبية أعضائه خليفة له، ويطلب من الرئيس الاتحادي أن يقيل المستشار، ويعين خلفه المنتخب بدلاً عنه، وعلى الرئيس أن يوافق على هذا الطلب. ويرأس البرلمان الالماني مجلس مكون من رئيس و4 نواب منهم 2 من النساء، ويجتمع مجلس الرئاسة دورياً مرة في أسبوع انعقاد الجمعية العامة للبوندستاغ، لمناقشة الأمور الخاصة برئاسة البرلمان. ويشارك مجلس الرئاسة في الشؤون الوظيفية الخاصة بإدارة البوندستاغ، وفي إبرام الاتفاقيات المهمة، كما يناقش قضايا العمل الإعلامي أيضاً . ويحدد الرئيس سنوياً مقدار الأموال التي تضعها الدولة تحت تصرف الأحزاب، حيث خوله قانون الأحزاب بهذه المهمة التنفيذية، ويشكل الرئيس ونوابه الأربعة مجلس رئاسة البرلمان ويتم انتخابه لكامل الدورة التشريعية ولا يمكن إقالة أعضائه . وتعرف المستشارة انجيلا ميركل في الحملة الانتخابية بإسم /انجي/ عندما تسعى للتقرب من الألمان و/السيدة الحديدية/ بعد أن تخرج من غمار الانتخابات . وعرفت ميركل بالتزامها بمواعيدها، كما أظهرت قدرة على التقرب من الناس، على الرغم من الهالة التي تحيط بها كأقوى سيدة في العالم . وكانت ميركل عندما أدت اليمين الدستورية كمستشارة للمرة الأولى في عام 2005م، قد استلمت الحكم في ائتلاف مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي، وتحولت الى الواجهه مع اندلاع الأزمة المالية في سبتمبر 2008م، لتبدأ مع فريقها بادارة المشاكل التي كانت تحصل تباعاً. وكان معدل البطالة عندما وصلت ميركل الى الحكم في ديسمبر 2005م، عند نسبة 11.1٪، وانخفضت الى 8% في انتخابات سبتمبر 2009م بعدما استفادت من خطة الإصلاحات التي قام بها سلفها جيرهارد شرودر . وواصل معدل البطالة في الانخفاض الى ان وصل الى 6.8 %، على الرغم من أزمة اليورو والأزمة الاقتصادية العالمية، ما جعل الناخبين الألمان ينظرون الى المستشارة ميركل بطريقة ملفتة، لا سيما فيما يتعلق بالموضوع الأوروبي . ويراهن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي على ميركل لطمأنة الألمان، باعتبار أن البلاد ستكون معها في أيد أمينة، إذا ما فازت بولاية ثالثة . ويعد بير شتاينبروك المرشح عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، المنافس الاقوى امام ميركل، وانقسمت الآراء حوله، فعلى الرغم من قلة خبرته في الملفات الخارجية، الا أنه تمرس السياسة الداخلية الالمانية، خاصة وانه سبق أن كان وزيراً للمالية . وعرف شتاينبروك بذكائه وقدراته المنبرية، بالاضافة لكونه خبيراً في الشؤون المالية، وسبق ان ظهر مع ميركل معاً لطمأنة الناس في ذروة الأزمة الاقتصادية عندما هدد الألمان باقتحام البنوك لسحب مدخراتهم . الا ان شتاينبروك استبعد بحزم الدخول في ائتلاف مع ميركل، في حين يقول بعض المراقبين انه يبادلها العديد من الأفكار السياسية، فيما يؤكد آخرون بوجود الكثير من الاختلافات الواضحة في السياسات . ولم ينجح شتاينبروك في طمأنة الالمان بقدرته على ادارة البلاد، من خلال في تكتيكه المتمثل في القيام بحملة لمجموعات صغيرة ومحددة، في الوقت الذي يعتقد أنصاره أن ورقته الرابحة هي أصالته .