أعلن مجلس طرابلس المحلي ، إضراباً عاماً في العاصمة الليبية لمدة ثلاثة أيام اعتباراً من اليوم الأحد،"حدادا على أرواح أبناء ليبيا" في حين فرضت غرفة عمليات ثوار ليبيا حالة الطوارئ في العاصمة لمدة 48 ساعة، إثر المواجهات المسلحة التي شهدتها المدينة الجمعة وخلفت أكثر من 40 قتيلا. وقال المجلس المحلي، وهو بمثابة مجلس بلدي، في بيان له الليلة الماضية إنه "أعلن عن إضراب عام في مختلف مناطق طرابلس الكبرى في كل القطاعات العامة والخاصة، ما عدا المرافق الصحية والمخابز والصيدليات ومحطات البنزين، حدادا على أرواح أبناء ليبيا وتضامنا مع أهاليهم، وذلك لمدة 3 أيام اعتبارا من اليوم الأحد". وناشد المجلس أبناء طرابلس ب"التهدئة وضبط النفس، وعدم التعرض للأشخاص وإيذائهم وعدم التعرض للممتلكات الخاصة والعامة" حرصا على وحدة الوطن ولم الشمل ووأداً للفتنة. كما دعا إلى "فسح المجال لأهالينا من مختلف مدن ليبيا الذين يبذلون مساعيهم الحميدة لرأب الصدع وإخماد نار الفتنة". وكانت الأنباء من العاصمة الليبية أفادت بأن أعيان مصراتة وطرابلس وتاجوراء وآخرون من جبال نفوسة يبذلون مساع لتسوية الوضع، يمكن أن تسفر عن اتفاق خلال الساعات المقبلة. ومن جهتها، أعلنت غرفة ثوار ليبيا التابعة للمؤتمر الوطني الليبي حالة الطوارئ ليومين في المدينة لفرض الأمن والسيطرة على الأوضاع المتفجرة في منطقة غرغور منذ أيام وحفاظا على حياة المدنيين من الأطفال والنساء وحقنا لدمائهم خاصة في مواقع التوتر".. وأكدت الغرفة في بيان لها أن سيران الطوارئ جاء بالتنسيق مع قيادة الجيش ووزارة الداخلية ومؤسسات المجتمع المدني والمجالس المحلية. ونوهت الغرفة في ختام بيانها إلى أن "الثوار وبالتعاون مع الجيش الليبي ومؤسسات المجتمع المدني والمجالس المحلية والحكماء، يسعون إلى فرض الأمن وتقديم الجناة للعدالة في أسرع وقت". وسبقت هذا الإعلان تعزيزات أمنية شملت إغلاق الطريق الساحلي بين طرابلس وتاجوراء، وانتشار آليات ثقيلة ومضادات للطائرات، بينما انتشرت قوات من درع ليبيا في حي غرغور لاستلامه من مسلحي كتيبة النسور التابعة لمصراته. كما انتشرت قوات من اللواء الثاني والثالث بالجيش في مناطق عدة بالمدينة. فيما حذر رئيس الحكومة الليبية المؤقتة علي زيدان من دخول أي قوات من خارج طرابلس إلى العاصمة، قائلا إن ذلك سيؤدي إلى مذبحة. وكان زيدان قد دعا إلى إخراج كل المظاهر المسلحة خارج العاصمة طرابلس، غداة مقتل العشرات الجمعة، بإطلاق نار على تظاهرة تحتج على تواجد الميليشيات المسلحة. وفي بيان أصدره إثر هذه المواجهات قال زيدان إن "التظاهرة كانت سلمية وجرى إطلاق النار عليها لدى دخولها حي غرغور". وأبلغ زيدان الصحفيين: "أخطر شيء هو وجود السلاح خارج أيدي الجيش والشرطة مهما كانت المسببات"، حيث تعتبر الاشتباكات التي وقعت هي الأسوأ في العاصمة منذ شهور. كما أضاف "يجب على كافة الكتائب المسلحة من أي مدينة أن تخرج من طرابلس ولا توجد استثناءات لأي كتيبة". من جانبه كشفت رئاسة أركان الجيش الليبي أنها تدخلت في منطقة "غرغور" بوسط العاصمة طرابلس، وساهمت في فض الاشتباكات الدامية التي حدثت بين متظاهرين غاضبين ومسلحين بالمنطقة. وقال الجيش الليبي في بيان رسمي "تؤكد رئاسة الأركان العامة بالجيش أنها قامت بواجبها حسب استطاعتها وإمكانياتها حيث كلفت بعض الوحدات التابعة لمنطقة طرابلس العسكرية بالفصل بين الطرفين التشكيلات المسلحة والمتظاهرين بمنطقة غرغور ، مع أسفنا لسقوط ضحايا من المواطنين بين قتلى وجرحى". ونوه بيان الجيش إلى أنه "تذكر رئاسة الأركان العامة بأن الواجب الوطني يحتّم على الجميع مراعاة المسئولية في أمن البلاد ، وأن تقوم كافة التشكيلات المسلحة بالخروج من طرابلس تنفيذا للقرار رقم (27) الصادر عن المؤتمر الوطني العام، كما تطالب كافة الثوار الراغبين بالاستمرار في العمل المسلح الانضمام إلى صفوف الجيش الليبي عن طريق إدارة التجنيد التابع لها". وكانت مواجهات مسلحة جديدة اندلعت السبت في الضاحية الشرقية لطرابلس، حيث تمكن مسلحون من منع عناصر من مليشيا مصراتة من دخول المدينة للانتقام لرفاق لهم قتلوا خلال مواجهات وقعت الجمعة. ومساء السبت بدا أن العاصمة التي أغلقت معظم متاجرها نهارا استعادت هدوءها مع هبوط الظلام. وكانت المواجهات اندلعت بعد ظهر الجمعة حين أطلق أفراد من ميليشيا من مدينة مصراتة متمركزة في حي غرغور بطرابلس النار على متظاهرين سلميين قدموا للمطالبة برحيل هذه الميليشيا عن العاصمة. وفي رد فعل على ذلك، طرد مسلحون لفترة وجيزة الميليشيا من مقارها وأحرقوا جزئيا تلك المقار وسط اشتباكات دامية. لكن تعزيزات أولى من الرجال والسلاح وصلت ليلا من مصراتة إلى العاصمة لتستعيد المليشيا مقارها. على صعيد متصل اعربت الولاياتالمتحدة امس السبت عن "قلقها العميق" ازاء المواجهات التي وقعت في طرابلس ودعت "جميع الاطراف الى ضبط النفس". وقال وزير الخارجية جون كيري في بيان "ندين استخدام العنف بكل اشكاله وندعو كل الاطراف الى ضبط النفس واعادة الهدوء". ونشأت المليشيات خلال الثورة ضد نظام العقيد معمر القذافي في العام 2011. وتواجه السلطات الليبية صعوبة كبيرة في السيطرة عليها بسبب النقص في الامكانات لدى الشرطة والجيش. وأدانت بعثة الاممالمتحدة للدعم في ليبيا اعمال العنف الدامية التي شهدتها العاصمة طرابلس اليوم وامس داعية الى "وقفها فورا". ويطالب قطاع واسع من الليبيين بحل الميليشيات المسلحة مع انتهاء مهلة العام الذي منحته الحكومة للمسلحين لترك السلاح أو الانضمام إلى الجيش الليبي. ويحصل كثير من المسلحين بالفعل على رواتب من الحكومة الليبية لكن بعضهم لازال يحمل الولاء الكامل لقادته السابقين.