أمتد خطر انتشار فيروس كورونا المعروف علميا ب"متلازمة الشرق الأوسط التنفسية" إلى خارج حدود العالم العربي بعد التأكد من ظهور أول حالتي إصابة بالفيروس، في إيران المجاورة للسعودية التي لا يزال الفيروس آخذ في الانتشار في أرجاءها ليتعدى الحدود بظهوره في ماليزيا، وأمريكا عبر بريطانيا. وقد أظهرت الاختبارات التي أجرتها السلطات الإيرانية إصابة شقيقتين في إقليم كرمان بهذا الفيروس، الذي قتل نحو ثلث من أصابتهم عدواه ، وحالة إحدى الأختين حرجة، أما الأخرى فتتلقى علاجا، بحسب ما ذكره مركز الوقاية من الأمراض والسيطرة عليها، التابع لوزارة الصحة الايرانية. وظهرت أول حالة إصابة بفيروس كورونا في السعودية ثم ظهر المرض في عدد من الدول العربية، من بينها قطر والأردن والكويت والإمارات واليمن ومصر ولبنان . ويسبب الفيروس سعالا، وارتفاعا في درجة الحرارة، وأحيانا التهابا رئويا مميتا. وقد أصيب بعدواه أكثر من 650 شخصا حول العالم، ومازال في انتشار. وقد توفي حتى الآن أكثر من 170 شخصا بسبب المرض، كما ازداد معدل انتقال العدوى بسرعة خلال الشهرين الماضيين. ولم يتوصل العلماء بعد إلى معرفة الكيفية التي ينتشر بها الفيروس، ولا من أين جاء. ويثير ارتفاع أعداد المصابين بالعدوى في السعودية القلق، بسبب اقتراب تدفق الحجاج من دول العالم بدءا من نهاية شهر يونيو المقبل، حين يحل شهر رمضان. لكن تقرير لوزارة الصحة السعودية كشف عن عدم وجود حالات إصابة بفيروس "كورونا" خلال الأيام القليلة الماضية، فيما تماثل مصابان من بين الذين تأكدت إصابتهم بالفيروس إلى الشفاء، في حين لا توجد حالات وفاة بين المصابين السابقين. وبحسب التقرير، فإن الحالتين اللتين تأكدت إصابتهما وتماثلتا للشفاء، هما لرجلين، الأول يبلغ من العمر 58 عاماً وخرج سالماً أمس الاثنين، من مستشفى حكومي بالرياض، والثاني في عمر 44 عاماً وخرج أيضاً من مستشفى حكومي بالرياض واجرى العلماء قريبا اختبارات على القطط والكلاب، وحتى الفئران، في إطار مساعيهم لحل لغز عدوى فيروس كورونا الغامض. واكتشف هذا الفيروس، المعروف علميا بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، للمرة الأولى في عام 2012، وتسبب حتى الآن في مقتل نحو 200 شخص على مستوى العالم. ولا يوجد حتى الآن تطعيم، أو علاج محدد، لمكافحة المرض، الذي أودى بحياة أكثر من 175 في السعودية. وفي سبتمبر2012، وصلت رسالة بريد إلكتروني إلى معمل في شمال لندن من فريق من أخصائي الفيروسات في هولندا، أفزعت حتى بعض أهم أبرز علماء العالم في علاج الفيروسات. وكانت الرسالة تحتوي على تفاصيل فيروس غامض عثر عليه في مريضين: قطري في العناية المركزة في بريطانيا، وسعودي توفي في مستشفى بجدة بسبب التهاب رئوي وفشل كلوي. وكانت مشاركة المتخصصين في العالم للمعلومات أمرا مثمرا، فقد حددت خلال أيام هوية الفيروس، باعتباره أحد الفيروسات التي لم تشاهد في الإنسان من قبل، وحددت سلسلة جيناته، ونشرت النتائج حول العالم ليطلع عليها العلماء. وبالرغم من اكتشاف الفيروس المسبب لهذه العدوى على نطاق واسع في الجمال، فإن الباحثين يقولون إنه قد يكون كامنا في حيوانات أخرى. واكتشف فيروس كورونا في بادئ الأمر لدى مريض من محافظة "بيشة" في السعودية، لكن منذ ذلك الحين اكتشفت نحو 600 حالة إصابة بالعدوى في أنحاء العالم، وتوفي نحو 30 في المئة من هذه الحالات. ويعتقد الباحثون أن فيروس كورونا المسبب للعدوى انتقل من الحيوانات للبشر. ومع ارتفاع أعداد الأشخاص الذين يصابون بهذا الفيروس، سعى العلماء إلى اختبار الحيوانات الشائع وجودها في منطقة الشرق الأوسط للتعرف على إمكانية انتقال المرض منها. وباستخدام عينات دم من الجمال في جزر الكناري، توصل باحثون هولنديون إلى أول أجسام مضادة للمرض. وشبه الباحثون هذه الأجسام المضادة بآثار الأقدام، وهو ما يشير إلى أن الفيروس قد مر في السابق عبر جسم الحيوان. وأظهرت دراسة أجريت مؤخرا أن نسخة الفيروس التي تنتشر بين البشر يمكن تمييزها عن النسخة التي عثر عليها في الجمال. وسجل عدد قليل من الوفيات بالنسبة للحالات التي أصيبت بفيروس كورونا، ولم يكن لها اتصال معروف بالجمال. وأشارت الدراسة إلى أنه أجريت اختبارات على حيوانات أخرى من بينها ماعز وخراف، لكنها لم تظهر وجود أي أجسام مضادة تشير إلى إصابتها بالفيروس. وأظهر تقرير آخر أن التوزيع الجغرافي للمرض في الجمال أكثر انتشارا بكثير مما كان يعتقد سابقا، في ظل وجود أعداد كبيرة في نيجيريا وإثيوبيا وتونس. وستكون قضية التعامل مع فيروس كورونا على جدول أعمال مؤتمر المنظمة العالمية لصحة الحيوان الذي سيعقد في باريس. وحذرت مديرة منظمة الصحة العالمية مارغريت تشان، في كلمة لها خلال اجتماع لخبراء في الطب البيطري ووزراء، من دور الجمال في انتشار المرض. وقالت إن "القلق الحالي بالتأكيد يتعلق بالحالات البشرية لكورونا". لكنها أوضحت أن "الدليل على ذلك ليس حاسما على الإطلاق، ونحتاج إلى أن نعرف ذلك ونحن نوجه إرشادات لعامة الجمهور". ويتمثل أحد أكبر المخاوف في إمكانية تحول الفيروس ليسهل انتقاله بين البشر، ولا يوجد دليل على حدوث ذلك.