يحتفل العالم غداً باليوم العالمي للطفل تحت شعار "وقف العنف ضد الأطفال"، بهدف التآخي والتفاهم بين أطفال العالم، وللعمل من أجل مكافحة حالات العنف ضد الأطفال وإهمالهم واستغلالهم في كثير من الأعمال التي تفوق طاقتهم. ويأتي الاحتفال هذا العام في ظل المطالبات المتكررة للمنظمات الدولية لحث الحكومات على سن قوانين وأنظمة لحماية حق الطفولة، وما يعانيه في بعض دول العالم من صنوف شتى من ألوان العنف. وتشير تقارير منظمة الأممالمتحدة للطفولة إلى بعض الحقائق والبيانات، حيث يصعب قياس الحجم الفعلي للعنف المرتكب ضد الأطفال في أنحاء العالم، فهناك افتقار إلى البيانات عن العدد الدقيق للضحايا الأطفال لكثرة ما يحدث سرًا ولا يتم الإبلاغ عنه. وأشارت التقديرات إلى تعرض ما بين 500 مليون و1.5 مليار طفل للعنف سنويًا، ويقدر عدد الأطفال الذين يشهدون العنف المنزلي في كل عام بما يصل إلى 275 مليون طفل على نطاق العالم. وأضافت التقارير أن ما يقارب نحو 158 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 - 14 عامًا منخرطون في العمل، وتقدر منظمة العمل الدولية أن ما يزيد على ثلثي عمالة الأطفال بكاملها هي في القطاع الزراعي. ووجدت المنظمة أن الأطفال في المناطق الريفية، والفتيات بصفة خاصة يقومون بالعمل الزراعي في عمر لا يتجاوز 5 -7 سنوات، غير أن احتمال الاشتغال بعمل يزيد في حالة الأولاد عنه في حالة الفتيات، لأن احتمال تشغيلهم في نشاط اقتصادي أكبر، أما المنخرطون في العمل المنزلي فغالبيتهم الساحقة من الفتيات. وتشير التقارير بخصوص زواج الأطفال، حيث بلغ عدد الفتيات اللواتي جرى تزويجهن قبل بلوغهن 18 عاماً من العمر ما يزيد على 60 مليون فتاة عام 2012 على نطاق العالم. ويتفاوت مدى زواج الأطفال تفاوتًا كبيرًا بين البلدان، ولكن حوالي نصف الفتيات المتأثرات بذلك يقمن في جنوب أسيا، وفي العالم النامي تشير آخر التقديرات الدولية إلى أن أكثر من ثلث النساء من الفئة العمرية 20- 24 عامًا تزوجن أو ارتبطن قبل سن 18 عامًا. ويعتبر العنف ضد الأطفال ظاهرة معقدة ذات أسباب متعددة، ويظهر العنف بأشكال مختلفة .وتمثل حماية الأطفال من العنف والاستغلال والإيذاء عنصرًا أصيلاً في حماية حقوقهم وتسعى المنظمات العالمية ومنها منظمة الأممالمتحدة للطفولة لانتهاج إستراتيجية تكفل حماية الطفل وتعزز قدرة الطفل الذاتية على المواجهة. وكانت جامعة الدول العربية دعت في أكتوبر الماضي لوضع خطة عمل دولية لتوفير نظم خاصة لحماية الأطفال في المنطقة العربية، وخاصة في فلسطين ومناطق النزاع لتطوير قدراتهم في بيئات آمنة. وطالبت مدير إدارة المرأة والأسرة والطفولة بالجامعة العربية السفيرة إيناس مكاوي، خلال افتتاح الورشة الإقليمية السادسة، حول "عدالة الأطفال وحقوق الطفل في العالم العربي"، بمراجعة التشريعات القانونية الحالية في التعامل مع قضايا الأطفال لتوائم التوجهات الإصلاحية الدولية في مجال العدالة الخاصة للأطفال. وأكدت ضرورة تخصيص نظام قضائي متخصص للأطفال "ممن هم في نزاع مع القانون لرعاية الطفل" والحفاظ على حقوقه في المحاكمة العادلة بالتوازي مع التأسيس على العدالة التصالحية لاتباعها كنهج في بعض القضايا بما يتوافق مع كرامة الأطفال. ونبهت إلى خطورة الانتهاكات التي تعرض لها أطفال غزة جراء العدوان الغاشم الذي ارتكب بحق الطفولة البريئة على مرأى ومسمع من العالم مثيرة في النفوس والضمائر الحية الغضب والألم والحسرة على ما وصل إليه العالم من تخاذل وانعدام للانسانية تجاه ما يقترفه العدو من استهداف أرواح الطفولة وأجسامهم الغضة التي تمزقها صواريخه إلى أشلاء دون رحمة أو شفقة. وأشارت السفيرة مكاوي إلى معاناة الأطفال في المنطقة العربية التي تزيد من مأساويتها ظروف عدم الاستقرار والنزاعات المسلحة التي تتآكل معها كافة الحقوق وشروط العدالة. وأكدت أن تأمين حقوق الطفل وتنمية قدراته في مقدمة اهتمامات الجامعة العربية وقد تجلى ذلك في السنوات الماضية لرسم السياسات ووضع البرامج والخطط الهادفة لحماية الأطفال في المنطقة العربية. وقالت إن إعلان مراكش لعام 2010 الصادر عن المؤتمر العربي الرابع رفيع المستوى لحقوق الطفل للتأكيد على مواصلة الجهود الحثيثة للنهوض بحقوقه، كما تعمل الجامعة العربية على تشديد العقوبات الخاصة بالجرائم التي ترتكب ضد الأطفال بأشكاله المختلفة. ومن جانبه، اعتبر بنوا فان، رئيس الحركة العالمية للدفاع عن حقوق الأطفال، التي تتخذ من جنيف مقرا لها، أن ما يحدث من انتهاكات لحقوق الأطفال في المنطقة العربية هو أمر محزن. وشدد فان على ضرورة العمل والشراكة مع الجامعة العربية من أجل حماية الأطفال في المنطقة العربية من خلال دليل الإرشادات الخاصة للعدالة في المنطقة. وطالب بخلق واقع أفضل للطفل وعدالته في منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن بعض الأطفال لا يتمتعون بحقوقهم الأساسية في التعليم والصحة والحياة الكريمة. ومن جانبها، أكدت اليانا بيلو، المدير التنفيذي للأمانة العامة للحركة الدولية للدفاع عن حقوق الأطفال، أن الحركة تأسست في جنيف منذ عام 1979 وقبل عشر سنوات من توقيع حقوق الطفل الدولية عام 1989. وقالت إن الحركة تضم 47 عضوا منهم 11 في المنطقة العربية وشمال أفريقيا وأن أولويات الحركة هي تحقيق العدالة للأطفال ورؤية أطفال المنطقة كبشر كاملي الحقوق وتحقيق كرامة متساوية في مجتمعات تسودها العدالة، مؤكدة أن الهدف الأساسي للحركة الدولية هو العمل الجماعي لحماية الأطفال. ومن جانبه، عرض المفوض العام للشرق الأوسط وشمال أفريقيا (المكتب الإقليمي للحركة) رفعت قسيس، تجربة الحركة الدولية في قطاع فلسطين والدفاع عن حقوق فلسطين ضد ما يعانوه من انتهاكات من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي وخاصة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث يوجد مئات الآلاف من أطفال فلسطين الذين يعانون من صدمات نفسية بالإضافة إلى الأطفال الشهداء والجرحى والمحتجزين لدى السجون الإسرائيلية وهو الأمر الذي يعد انتهاكا صارخا على حقوق الأطفال. إلى ذلك أبدت منظمة الصحة العالمية اهتماما للتخلص من مرض شكل خطرا على حياة الاطفال حيث اعلنت المنظمة بدء حملة تلقيح ضدّ شلل الأطفال تستهدف 25 مليون طفل دون سن الخامسة، في ستّ دول هي مصر وسورية والعراق ولبنان والأردن وتركيا. وأشارت المنظمة إلى أن هذه الحملة تأتي في سياق تعزيز جهود احتواء تفشّي مرض شلل الأطفال في منطقة الشرق الأوسط، بعدما تأكدت 36 حالة إصابة بالمرض في سورية العام الماضي وحالتان في العراق في أبريل الماضي. واليوم العالمي للطفولة الذي يصادف ال20 من نوفمبر من كل عام يعود إلى إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة عن حقوق الطفل عام 1959 بهدف تحسين مستوى حياة براعم المستقبل وحمايتهم وتعليمهم والاهتمام بصحتهم. ودعت الجمعية العامة جميع الدول إلى الاعتراف بحقوق الطفل والسعي لضمان مراعاتهم، حيث يحتاج الطفل إلى حماية خاصة وقانونية بسبب عدم نضجه الجسمي والعقلي.