يأمل الليبيون في أن تكون موافقة أطراف الصراع في ليبيا على إجراء جولة محادثات جديدة تدعمها الأممالمتحدة، بداية جيدة لإنهاء الأزمة المتفاقمة في البلاد. ويتزايد هذا الأمل مع إعلان رئيس المؤتمر الوطني العام نوري أبو سهمين أنه سيسلم السلطة إلى البرلمان الجديد في الرابع من أغسطس المقبل، وهو البرلمان المنبثق عن الانتخابات التي جرت في الخامس والعشرين من يونيو. وقال بيان لبعثة المنظمة الدولية أن الفرقاء الليبيين وافقوا على عقد جولة جديدة من الحوار في جنيف لإنهاء الأزمة بعد فشل جولة أولى عقدت في مدينة غدامس الليبية في احتواء الأزمة. واضاف البيان إن الأطراف الليبية ستجتمع الأسبوع المقبل بحضور أفراد البعثة، في مقر الأممالمتحدة في جنيف بسويسرا. وأوضحت البعثة أنه "تم التوصل إلى اتفاق بشأن عقد الجولة القادمة للحوار بعد مشاورات مكثفة واسعة النطاق أجراها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ورئيس بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا، برناردينو ليون، مع الأطراف خلال الأسابيع العديدة الماضية". وأشارت البعثة أن "عملية الحوار السياسي هي بقيادة ليبية، وأن دور الميسر الذي تضطلع به يهدف إلى المساعدة في عملية البحث عن أرضية مشتركة". وأكدت البعثة إلى أن "الهدف الرئيسي لهذا الحوار السياسي يكمن في التوصل إلى اتفاق بشأن إدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية، بما في ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية . وأوضحت أن "الممثل الخاص ليون اقترح على أطراف النزاع تجميد العمليات العسكرية لبضعة أيام بغية إيجاد بيئة مواتية للحوار". وأعلنت البعثة أنها "ترى أن هذا الحوار يعد فرصة مهمة لا يجب تفويتها لتمكين الليبيين من استعادة الاستقرار ومنع البلاد من الانزلاق نحو المزيد من النزاع والانهيار الاقتصادي". وحثت البعثة "الأطراف الرئيسيين على التعامل مع هذا الحوار بشجاعة وإصرار وأن يضعوا المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار عند هذا المنعطف الحرج من عملية الانتقال السياسي في البلاد، ملتزمين بالمبادئ الديمقراطية لثورة 17 فبراير التي وحدت الشعب الليبي كما وحدت المجتمع الدولي في دعمه لليبيا". من جانبها صرحت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، بأن الاجتماع يشكل فرصة أخيرة لإعادة الاستقرار إلى ليبيا، مبينة أن اللقاء سيوفر فرصة حاسمة لجمع أبرز الفاعلين على الساحة السياسية للتوصل إلى حل سلمي يقوم على أساس الحوار. وأضافت موغيريني أن عملية الحوار السياسي ستكون بقيادة ليبية، مشيرة إلى أن الهدف الرئيسي للحوار يكمن أولا في التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإيجاد حل سياسي بشأن إدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية، بما في ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية تتمتع بدعم واسع النطاق، وتهيئة بيئة مستقرة للعملية الدستورية تمكن من إقرار دستور دائم جديد. بالمقابل ثمنت وزارة الخارجية الليبية جهود المبعوث الاممي برناردينو ليون ,ومساعيه الحميدة لعقد الجولة الثانية من الحوار بين الفرقاء الليبيين . وعبرت الوزارة في بيان الليلة الماضية عن امتنانها لجهود ليون في إطار المبادرة التي ترعاها الأممالمتحدة، وتقديرها للنتائج الإيجابية التي توصل إليها، متمثلة في الاتفاق المبدئي على عقد الجولة الثانية من الحوار في جنيف خلال الأيام القادمة. واكد البيان، على أن الحل السياسي، هو الخيار الأمثل لمعالجة الأزمة الليبية المتفاقمة ووضع حد لتداعياتها، وتجنب مزيد من الاقتتال والدمار، وذلك في إطار حوار جاد يراعي المصلحة العليا لليبيا، ويستجيب لتطلعات الشعب الليبي في إعادة بناء دولته، وتحقيق التنمية الشاملة في جميع مجالات حياته. وأعربت الخارجية الليبية، عن أملها في الاستجابة لوقف إطلاق النار، بما يسهم في تحقيق الأهداف المنشودة من جولة الحوار القادمة. وافادت تقارير اعلامية أنه تم اﻻتفاق على وجود اربعة ممثلين لمجس النواب المعترف به دوليا ومقره طبرق، وممثلين اثنين للنواب المقاطعين له، ومثلهما للمؤتمر الوطني ومقره طرابلس، مع استبعاد الجماعات المسلحة مثل أنصار الشريعة. يأتي هذا الإعلان فيما دارت اشتباكات بين الجيش الليبي ومجموعات مسلحة غرب مدينة درنة التي تديرها منظمات مسلحة شرق ليبيا، قتل فيها 13 شخصا على الأقل امس السبت وجرح نحو 150 آخرين. وقال المتحدث باسم رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي العقيد أحمد المسماري إن "خمسة جنود قتلوا السبت في مواجهات مع ما يعرف بمجلس شورى مجاهدي درنة في منطقة عين مارة قرب مدينة درنة، لكن الجيش قتل ثمانية من هؤلاء المسلحين". وأوضح أن "هذه الاشتباكات التي جرح خلالها نحو 15 شخصا من الجانبين، جاءت في محاولة من هؤلاء المسلحين لاختراق الخط الأمامي للطوق الأمني الذي يفرضه الجيش على مدينة درنة"، لافتا إلى أن "هذه المحاولة كانت هذه المرة من الجهة الغربية للمدينة". لكن أحد قياديي "مجلس شورى مجاهدي درنة" لم يذكر سوى أربعة قتلى من عناصر المجلس جراء هذه الاشتباكات. وأعلن في درنة في 12 ديسمبر عن تشكيل "مجلس شورى مجاهدي" المدينة الذي يضم مختلف المقاتلين تحسبا لأي هجمات قد يشنها الجيش الليبي وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على هذه المدينة الخارجة عن سلطة الدولة، والخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة التي من بينها الموالية لتنظيم "الدولة الإسلامية داعش". ويضم المجلس مسلحين موالين لتنظيم القاعدة وآخرين معتدلين. كما شن سلاح الجو بالجيش الليبي امس السبت ضربات جوية بالطيران العامودي ضد قوات "فجر ليبيا" لأول مرة في غرب ليبيا، وتحديدا في منطقة بئر الغنم (80) جنوب العاصمة طرابلس. وأوضح مصدر بغرفة عمليات ثوار مجلس المنطقة الغربية التابعة لقوات فجر ليبيا أن "قواتنا المرابطة بمنطقة بئر الغنم رصدت طائرة عامودية من نوع (مي- 35) روسية الصنع، نفذت لأول مرة ضربات جوية في مواقع لتمركز قواتنا، ولم يسفر عن خسائر بشرية في صفوفنا". وتسيطر قوات فجر ليبيا على العاصمة طرابلس منذ أغسطس الماضي، حيث يوجد مركز التحكم والمراقبة الجوي الرئيسي لكافة المنافذ الجوية بالبلاد ، كما تسيطر على مطارات معيتيقة بطرابلس ومصراتة وسرت (شرق العاصمة) وزوارة (غرب). وتغرق ليبيا في الفوضى بعيد احتجاجات عام 2011 التي أطاحت نظام العقيد الراحل معمر القذافي، وحاليا تتقاتل عدة مجموعات مسلحة فيما بينها، فيما تحاول الحكومة الهشة فرض سيطرتها على البلاد. وتفاقم الوضع في ليبيا خلال الأشهر الأخيرة بقيام حكومتين وبرلمانين متوازيين.